تظاهر ما يزيد عن خمسة آلاف شخص، بعد صلاة الجمعة في عمان ومدن أخرى، لأجل "الخبز والحرية"، محتجين على غلاء المعيشة والسياسات الاقتصادية لحكومة سمير الرفاعي، رئيس الوزراء الأردني، التي طالبوا برحيلها. ونظمت الحركة الإسلامية، والنقابات المهنية، والأحزاب اليسارية، هذه التظاهرة رغم إعلان الحكومة إجراءات جديدة لخفض الأسعار وزيادة رواتب موظفي ومتقاعدي القطاع العام. وهتف المشاركون في تظاهرة انطلقت من أمام المسجد الحسيني وسط مدينة عمان: "مطالبنا شرعية؛ بدنا خبز وحرية"، على ما أفاد مراسل فرانس برس. ورفع هؤلاء لافتات كتب عليها: "لا لسياسات الإفقار والتجويع، معًا لإسقاط النهج السياسي والاقتصادي الحكومي"، و"نريد خبزًا وحرية وعدالة اجتماعية"، و"لا للقمع، نعم للتغيير.. لا تجويع من أجل التركيع"، و"نريد حكومة إنقاذ وطني، وهذا مطلب جماهيري". ولوح المتظاهرون بأعلام أردنية وبأعلام أحزابهم، مرددين: "يا رفاعي اسمع اسمع.. شعب الأردن مش رح يركع"، و"شعب الأردن يا مسكين.. ذبحه سمير بالسكين". ووزعت الشرطة الماء وعصير الفاكهة على المتظاهرين قبل انطلاق التظاهرة ولدى نهايتها. وقال محمد الخطيب، الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام، لوكالة فرانس برس، إن نحو أربعة آلاف شخص شاركوا في التظاهرة السلمية في عمان. وتظاهر نحو 1400 شخص سلميًّا في الزرقاء (شمال- شرق عمان)، واربد (شمال المملكة)، والكرك، والطفيلة (جنوب عمان). وكان حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن وأبرز أحزاب المعارضة الأردنية، دعا إلى التظاهر السلمي. وأعلنت الحكومة الأردنية، أمس الخميس، رصد 200 مليون دينار (283 مليون دولار أميركي) لزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين بمقدار 28 دولار لكل موظف. وهذا الإجراء هو الثاني الذي تتخذه الحكومة في تسعة أيام وسط تصاعد الاستياء الشعبي من تردي الأوضاع الاقتصادية في المملكة، فقد كانت رصدت 120 مليون دينار (169 مليون دولار) بهدف خفض الأسعار وتامين وظائف في بلد يبلغ الحد الأدنى لدخل الفرد فيه 211 دولارًا. وتقدر نسبة البطالة في المملكة، التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة وفقا للأرقام الرسمية، ب14.3%، بينما تقدرها مصادر مستقلة ب30%. وتقدر نسبة الفقر في المملكة ب25%، بينما تعد العاصمة عمان أكثر المدن العربية غلاء وفقا لدراسات مستقلة. واعتبر الإسلاميون أن الإجراءات الحكومية الأخيرة غير كافية، وطالبوا بإصلاح شامل. وقال حمزة منصور، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، أمام المتظاهرين: إن "ما نحتاجه الآن، وبشكل عاجل، هو إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية". ورأى ميسرة ملص، رئيس لجنة الحريات في نقابة المهندسين، أن "الإجراءات الحكومية جاءت لتخدير الناس لا أكثر؛ نحن بحاجة إلى إصلاح شامل". واتفق فاروق العبادي، من المتقاعدين العسكريين، معه في الرأي، قائلا: إن "الإجراءات الحكومية الأخيرة ليست سوى حبة أسبرين أمام مرض مستفحل لتهدئتنا لا أكثر ولا أقل". وقال لوكالة فرانس برس: "المطلوب هو تغيير نهج الحكومة والسياسات الاقتصادية، نحن هنا نطالب بحمايتنا وحماية وطننا، لقد عدنا 50 سنة إلى الوراء". واعتبر المهندس مروان المالحي (52 عامًا) أن "التظاهر اليوم هو رسالة يوجهها الشعب للحكومة لتغيير سياساتها، ابتداء من القوانين الانتخابية وحزمة الضرائب التي أرهقت كاهل المواطن". وأضاف لفرانس برس: "الإجراءات الحكومية كلها -حتى الآن- غير كافية أبدًا، والأسعار ما زالت عالية، ولا تتناسب مع دخل المواطن العادي؛ نطالب برفع الرواتب وخفض الضرائب". وأعلنت وزارة المالية الأردنية، أمس الثلاثاء، أن الدين العام للمملكة تجاوز 15 مليار دولار مع نهاية عام 2010 مرتفعا بنسبة 14.2%. وكانت الحكومة أقرت موازنة المملكة لعام 2011 بحجم يقارب 6.3 مليار دينار (نحو 8.8 مليار دولار) مع عجز متوقع يتجاوز 1.5 مليار دولار. وكان آلاف الأردنيين تظاهروا، يوم الجمعة الفائت، في عمان ومدن أخرى، احتجاجًا على البطالة وغلاء الأسعار مطالبين ب"إسقاط الحكومة".