«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق شرق والغرب غرب.. لكنهما يجتمعان
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 05 - 2009

وسط لفيف من رجال الفكر والسياسة الفرنسيين والمصريين، أدار محمد سلماوى رئيس تحرير جريدة الأهرام إبدو دفة الحوار فى المائدة المستديرة التى عقدت حول ظروف كتابة «مشارقنا الحلم والصراعات»، وما هى طبيعة الكتاب وأهم السجالات التى خاضها الكاتبان فى حواراتهما؟ وهل لكل منهما شرقه الخاص به؟ جان لاكوتير الذى عمل مراسلا صحفيا فى مصر عام 1953 وانتقل فى العديد من العواصم فى الشرق الأقصى والأدنى وقدم كتابين عن مصر «مصر فى حراك»، و«عبدالناصر سيرة ذاتية» وأحمد يوسف الذى قضى ما يقرب من الثلاثين عاما فى فرنسا دارسا فى السوربون أولا ثم مراسلا لجريدة الأهرام وكتب العديد من الكتب فى التاريخ الغربى فى تماسه مع الشرق مثل «بونابرت ومحمد» و«الخليفة فى الإليزيه» و«كوكتو المصرى». هل أدت هذه الاختلافات بين الرجلين اللذين يفصل بينهما أجيال للوصول إلى نقاط تواصل حول الشرق اليوم؟
بالإضافة إلى بطلَى العمل ورؤساء تحرير الجريدتين عبدالعظيم حمّاد ومحمد سلماوى، شارك فى المائدة وفى إثارة الجدل كل من أيمن الصيّاد رئيس تحرير مجلة وجهات نظر، والأمير حسين طوسون سليل سعيد باشا، والسفير الفرنسى الأسبق بيار هانت، والسفيرة المصرية فى الفاتيكان نفين سميكة، والرئيس الشرفى لجمعية أصدقاء قناة السويس جان بول كالون.
قدم الكاتب الفرنسى جان لاكوتير موضوع الكتاب الذى يتناول الشرق الأوسط، بعد كلمات الترحيب من الجانبين، وكان لافتا تبادل الإطراء بينه وبين أحمد يوسف حيث عبر عن صدمته أن الناشر أبرز اسمه على حساب اسم أحمد يوسف، ولم يضعهما على الغلاف على قدم المساواة. وأكد أنه بالإضافة إلى فارق السن الذى يبعدهما، حيث جاء الكاتب الفرنسى إلى مصر وقد كان عمر يوسف لا يتجاوز العامين، فإن هناك اختلافا بينهما.. إن لاكوتير يعتبر مشرقه هو (حيث يجمع عنوان الكتاب بين شرق أحمد يوسف وشرق لاكوتير) يشمل الشرق الأقصى وفيتنام والصين وأيضا أى الشرق بمعناه الأوسع وليس فقط الشرق الأوسط.
وعرض أحمد يوسف لفصول الكتاب المختلفة الذى يضم فصلا عن آسيا وآخر عن الشرق الأوسط ومصر والشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وأشار يوسف إلى أن لاكوتير تناول حرب الجزائر فى الجزء الخاص بشمال أفريقيا حيث كان من المثقفين الذين نادوا بتحرير الجزائر. وتضمن الكتاب جزءا عن الخليج كان قد نشره لاكوتير فى السبعينيات وقاما معا بتطويره وتحديثه، غير أن لاكوتير رأى أن الاختلاف بينهما أن لاكوتير اعتبر الإمارات إمارات السراب بينما رآها أحمد يوسف إمارات المعجزات.
عودة لسؤال نظرة الغرب إلى الشرق
طرح عبدالعظيم حمّاد أسئلته حول طبيعة الكتاب، هل يتناول القضايا الآنية أم أنه محاولة فهم تاريخى من خلال تناول اجتماعى فلسفى لإلقاء الضوء على الواقع؟ وسؤال آخر حول ما وصل إليه الكتاب أى النتائج والتوصيات أو الوصول من خلاله إلى فهم أعمق ومتكامل للشرق الأوسط، وسؤال ثالث حول تقييم لاكوتير للمركزية الغربية، إلى أين وصلنا حيث لايزال المثقفون الغربيون يعتبرون الإسلام انقطاعا فى مسيرة الحضارة العالمية، والصين كنموذج بعيدة تماما عن دوائر الاهتمام إذا استثنينا كتابات المفكر أنور عبدالملك هل نعتبر نحن آخرين أصلاء، فقد أغفل الغرب الصين طويلا ثم اكتشفها فجأة...
أكد لاكوتير أن إجابته عن سؤاله الأول يظهر منذ عنوان الكتاب نفسه لأنهما اختارا الشرق فى صيغة الجمع «ولم نقل شرقكم بل «مشارقنا»، فهناك شخص شرقى إشارة إلى أحمد يوسف مع شخص غربى إشارة إليه نفسه يقولان معا «مشارقنا». وهذا يتطلب رؤية متكاملة للعالم، صحيح أن جغرافيا لا ننتمى لنفس المساحة». فلقد ولدت فى مدينة بوردو بينما ولد يوسف فى الإسكندرية، تفصل بيننا مساحة نصف قرن من الفارق السنى ومسافة أخرى فى رؤية كل منا للشرق الأدنى. حين وصلت فى عام 1953 إلى القاهرة كان هناك سجال حول الجزائر مثلا لم يكن تناول المثقفين المصريين لحرب الجزائر مثل نظرائهم الفرنسيين كان هناك اختلاف لكنه كان بالنسبة لى أشبه بالسيمفونية».
«ما هى نسبة من يفكرون مثلك ضمن المثقفين والسياسيين ودوائر صنع القرار ويؤمنون أن هناك مشارق ومغارب وحضارات أخرى وأن مصر ليست مجرد متحف، وأن الشرق ليس وحدة أحادية الجانب؟» يطرق عبدالعظيم حمّاد مداخلا، فيجيب لاكوتير باندفاع: «إذا استثنينا الجهلاء والبلهاء فإن وجهات نظرنا نحو الشرق فى الكتاب يتقاسمها الكثيرون فى الحقل الثقافى الفرنسى، الحضارات الكبرى الآسيوية والشرقية كما تناولناها أنا وأحمد يوسف لديها الكثير تقدمه لنا فى الغرب مثل الصين التى ذكرتموها والتى ظلت طويلا مهمشة ومهملة من الغرب وكان علينا الانتظار حتى القرن العشرين لتتخلل الصين الضمير الغربى».
كل هذا تجلى فى الخمسين عاما الأخيرة، كما يرى لاكوتير، ويرتبط بطفرة سياسية وانتعاش على المستوى التجارى والصناعى، وما يحدث فى الصين والهند وايران والبلدان العربية يتبوأ مكانة مهمة فى الصحف فى العواصم الأوروبية المختلفة.
«كنا فى الماضى نتساءل أين الحدود بين الشرق والغرب وكانت الأساطير تنسج فى الماضى ويشار إلى الشرق على اعتبار أنه يبدأ من مدينة نابولى الايطالية، أما اليوم فالشرق هو الشاغل والهم الرئيسى فى إيران وفى الدولة التى تستضيفنا اليوم، اليوم أصبحت جوائز نوبل تأتى من العالم الشرقى والشرق الأقصى، وكذلك الأدوار الثقافية مثل الترشح على منصب اليونسكو الذى يعتبر فى قلب الثقافة العالمية، الجسر اليوم والانتقال من رئاسة اليونسكو يكون بين يابانى ومصرى وكل هذا يدل على أهمية هذا الشرق».
أما أحمد يوسف الذى خبر كواليس الثقافة والسياسة وحياة المهاجرين فى عاصمة النور، فيضيف على كلام شريكه أن هناك تيار فى فرنسا استشراقى قديم عمره خمسة أو ستة قرون وأقاموا مدارس تعليم العربية منذ عهد لويس الرابع عشر تخوفا من الإمبراطورية العثمانية. وينقسم هذا التيار من وجهة نظره إلى جزء متعاطف وجزء معاد للعرب، أما فى وقت الأزمات فيطفو على السطح الجانب المعادى وتغلب آراؤه فى الصحف والإعلام، مثل صحفيين فرنسيين عاشوا طويلا فى العواصم العربية وحين حلت الأزمة فى غزة مثلا كانت كتاباته مليئة بالسموم. ويذكّر يوسف أن هذا الاهتمام الفرنسى بالشرق يعود للحروب الصليبية وعصر فرانسوا الأول ويفوق مثيله فى أى بلد أوروبى آخر، غير أن التيارين المتناقضين ظلا مسيطرين على مر التاريخ أيضا. ويعتبر يوسف أن جان لاكوتير ممثل للجانب المعتدل المؤيد للحضارة العربية، حيث اعترض الكاتب الفرنسى ثائرا: أنا لست مناضلا لكنى لا أمثل وجهة نظر معتدلة لكننى موال دائما لأصحاب الحقوق المسلوبة مثل الفلسطينيين وقضيتهم بشكل صريح.
الاختلاف التاريخى فى الرأى لم يفسد للود قضية.
هذا التناغم فى وجهات النظر بين بطلى الكتاب دفع أيمن الصياد رئيس تحرير مجلة الكتب وجهات نظر إلى سؤالهما عن التناقض بينهما الذى سمح للكتاب أن يرى النور على اعتبار أن الكتب الحوارية تكون مبنية على وجهتى نظر متعارضة مثل كتاب حوار آلان جريش مع طارق رمضان.
فيحدد لاكوتير أن الاختلاف بينهما ليست فقط اختلاف الأجيال لكنه اختلاف ثقافى أيضا فى المقام الأول، ففيما يخص القضايا الآنية يتفق مع أحمد يوسف فى الأسئلة حول فلسطين ومستقبل السلام فى هذه المنطقة من العالم، إذ يرى أن المناطق الخلافية بينهما تأتى فى تناول كل منهما للتاريخ فعلى سبيل المثال يرى لاكوتير فى حملة نابليون بونابرت على مصر أهدافا ونتائج ثقافية، ويقول: «بينما يرى أحمد يوسف حفيد الأجداد المصريين فى حملة بونابرت فلولا عسكرية فرنسية اقتحمت بلده بالقوة وقامت بمذابح ضد المصريين ويتخذ حيالها موقفا رافضا أتفهمه جيدا، أرى أنا كمواطن فرنسى لست بالضرورة من أنصار نابليون فيها شيئا مختلفا، أى أن تتخذ حملة عسكرية أبعادا ثقافية شديدة الثراء تخلف لنا نتائج رائعة مثل كتاب «وصف مصر» يجعلنى أقيس الحملة بما أتت به من ثمار. كما يؤكد: «لا أنس أن نابليون كان حريصا على وصفه كعضو فى الأكاديمية الفرنسية قبل صفته العسكرية كجنرال».
أما عن المستعمرات الفرنسية فقد كان لاكوتير دائما معروفا بمواقفه كمحارب للاستعمار مثل موقفه من حرب الجزائر أو من استقلال المغرب، إذ كان هناك حماية لكن لم تكن هناك حروب فى المغرب.. أمثلة عديدة من هذا النوع يؤججها بطبيعة الحال انتماء لاكوتير إلى بلد يعد فى التاريخ من القوى القاهرة بينما يوسف يعتبر مواطنا من بلد كان مقهورا لسنوات طويلة من الاستعمار الغربى. أما الأزمات الآنية فلا يوجد بينهما اختلافات كبيرة فى وجهات النظر.
ويثير أيمن الصيّاد الجدل ثانية حين يطرح سؤالا حول الجزء الخاص بالخليج فى الكتاب: «بما أنك تناولت فكرة الخليج السراب أم الخليج المعجزة فى كتابك، نود أن نعرف رأيك عن حالة التشفى السائدة فى بريطانيا حاليا تجاه بعض بلدان الخليج وخصوصا فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية». يجيب لاكوتير مستبعدا أن يلعب فى سنه المتقدمة اليوم دور المحكّم، لكنه كمواطن فرنسى لا يعترف أنه يصح لأى بلد أن يتشفى فى بلد آخر فى زمن الأزمة الاقتصادية وخصوصا والأزمة تنبع فى الأصل من الغرب وتصيب الجميع دون استثناء.
أما عن فكرة السراب والمعجزة، فيؤكد لاكوتير أنه كان هناك معجزة منذ 30 عاما حين اصطحب زوجته وذهبا فى الخليج وكتبا كتابهما عنه، «أما السراب فلا يدوم بل إنه يتجدد بصورة أكثر من المعجزة»، فيضيف الصحفى المحنك أن سعر النفط وصل فى انخفاضه إلى 100% ومن الطبيعى أن تدخل البلدان فى أزمة، «ولكنى أرى أن فى بلدان مثل قطر لم يستسلموا ولم ينغلقوا على ذواتهم وعلى التركيز على النفط بل استثمروا الأزمة بذكاء فى إدارة المجالات الأخرى. وفى نفس هذه القضية لفت أحمد يوسف إلى ما يحدث اليوم من انتقال السلطة من مصر إلى بلدان الخليج، كما أشاد أحمد يوسف بالتطور والتحول الثقافى الذى طرأ على هذه البلدان فمنذ 30 عاما لم يكن يوسف ليتلقى دعوات منها للذهاب والحديث عن جان كوكتو مثلا الذى أفرد له كتابا.
ولم يفت محمد سلماوى فى إدارته للمائدة المستديرة أن يطرح على صاحب كتاب «سيرة جمال عبدالناصر» أسئلة حول تقييمه للتجربة الناصرية وحول مستقبل قضية الشرق الأوسط والحلول التى يتبناها لاكوتير حيالها ولكنه لم يتطرق لها فى الكتاب. يرى لاكوتير فى تقييمه للتجربة الناصرية بعدا نفسيا وآخر اقتصاديا، «بالنسبة لى ولزوجتى، يلخص النظام الناصرى فى أن عهد الازدراء قد ولّى»، فقد مضى عهد الإذلال ورفعت مصر رأسها وأحسسنا جميعا بهذا التحول لكنه أغضب الكثيرين الذين كانوا يسيطرون على مصر. أما من الناحية الاقتصادية، فإن بناء السد العالى على الرغم من كل ما قيل عن تأثيراته السلبية على الزراعة، فقد كان إنجازا ضخما فى الطريق نحو التصنيع من الزراعة إلى الصناعة وإلى التحديث التقنى، بالإضافة إلى التعليم للجميع الذى مكّن التعليم فى قرى وبلدان أساسها زراعى مما غيّر فى طبيعة الشعب المصرى. أما عن تناولنا فى الكتاب للقضية الفلسطينية فهناك فصل كامل عنها، «ليس لدى حل مبتكر أو خاص بى فيما يتعلق بالقضية، ولا أجد مفرا سوى حل الدولتين فى هذه المنطقة. ويكشف لاكوتير عن رأى الزعيم الراحل عبدالناصر حين التقاه لإجراء حديث معه لجريدة «فرانس سوار» وعلى الرغم من أن ناصر كان يرفض الحديث فى قضية التقسيم إلا أنه عبر فى حديثنا عن قبوله لمبدأ الدولتين الذى أقرته الأمم المتحدة وقبلته الولايات المتحدة.
أراد عبدالعظيم حماد فى ختام المائدة أن يطرح سؤالا استطلاعيا على الحضور يثير الشجون حول ضياع فكرة القومية العربية لكنه يفتح أفقا جديدة مستفيدة بالتجربة الغربية، فتساءل متوجها لجميع الضيوف: «فى معرض فرانكفورت للكتاب 2004 حين كان العرب ضيف شرف المعرض، تحدث المستشار الألمانى شرودر بنغمة شديدة التفاؤل حول مستقبل الوحدة العربية، أود أن أعرف رأيكم حول احتمالات الاندماج الشرقى شرقى مثلما فعل الغرب منذ شارلمان وحتى وصوله إلى الاتحاد الأوروبى، وما هو أساس هذه النزعة الاتحادية هل سيكون إسلاميا عربيا أم قطريا فى إطار شرق أوسطى؟».
غلبت الحماسة صوت جان لاكوتير قائلا: «الأساس هنا هو اللغة المشتركة الحاملة لثقافة من الخليج إلى المحيط، فما تملكونه فى العالم العربى لا يوجد مثيله فى أوروبا. فقد كانت اللغة الفرنسية فى القرن ال18 هى لغة المثقفين ولم يكن لدينا فى أوروبا لغة مركزية، بينما أنتم يمكنكم أن تقرأوا الأهرام فى مصر كما فى الخليج كما فى المغرب حتى وإن اختلفت اللهجات فوجود لغة واحدة مكتوبة شىء أساسى جدا». أما بيير هانت سفير فرنسا السبق فى مصر فيرى أن العالم العربى يتمتع بإمكانات هائلة والجامعة العربية تقوم بجهود هائلة لكنها تظل مفتتة ومهملة من الغرب، ويرى أنه من الأجدى التركيز على المبادئ التى تجمع الشرق بالغرب فى إطار مشروع الاتحاد من أجل المتوسط. بينما أعرب بدوره جان بول كالون رئيس جمعية أصدقاء قناة السويس عن تخوفه من المرجعية الدينية فى النزعة الاتحادية والاندماجية فى البلدان العربية، حيث يرى أن التجربة الأوروبية عبر التاريخ أثبتت أن الاعتماد على الدين مسألة غاية فى الخطورة، كذلك الحال بالنسبة للمرجعية القومية، «لا أجد خلاصا إذن سوى بتبنى الطريق الثالث وهو طريق التحديث». وأضاف روبير هيلبير: «طه حسين حلم بالمتوسط وأتساءل: هل هناك طه حسين جديد؟». اختتمت المائدة على وعد من إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة جريدة «الشروق» ودار الشروق بترجمة الكتاب إلى العربية لينفى بصدوره مقولة الشرق شرق والغرب غرب لا يجتمعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.