مفيد أن يتابع شبابنا لقاءات الدكتور سعد الهلالى فى برنامج مصر النهارده. وقد لا يحتاجون لجميع تفصيلات اجتهادات الأئمة الكبار لكنهم قطعا بحاجة لتعلم روح التسامح وتعدد الاجتهاد واحترام حق الآخرين فى الاختلاف حتى نقتنع فى أنه لا «إنكار فى مختلف فيه» وأنه «من وسع علمه قل إنكاره.» ومعظم قضايانا الكبرى، خلا وجود الله وإيماننا الثابت به، فيها الكثير من التعدد فى الاجتهادات، وهذه هى متانة الدين ومرونته. فالمتانة والمرونة هى التى تجعل الحديد الصلب المادة الأصلح لأعظم الأبنية وأكبرها. وكذا الدين الذى يجمع بين متانة الأصول ومرونة الفروع. وأفضل ما فى منهج الدكتور سعد الهلالى أنه يتعامل مع أمور الفقه بمنهج علمى، فهو لا يستنبط قبل أن يستقرئ على مستويين؛ فهو يستقرئ اجتهادات المدارس الفقهية عن طريق البحث فيما ذهب إليه الأقدمون والمعاصرون وكيف فهموا المسألة موضع النقاش وما هى حجة كل فريق، ثم يستقرئ كذلك واقعنا وينظر فيه عما نحن معه أقرب إلى المصلحة العامة، ثم يستنبط مما قرأ ما يتلاءم مع المصلحة. وأعتقد هذا هو الأصل فى «عالم» الدين، ولكن لأنه غلب علينا الآن «دعاة» قد يحسنون الاستنباط ولا يحسنون الاستقراء (مثل بعض السلفيين)، وآخرون قد يحسنون الاستقراء ولا يحسنون الاستنباط (مثل بعض الدعاة الجدد) وأحسب أن هؤلاء من قصدهم الشيخ الغزالى بقوله: «بعض المشتغلين بالدعوة الإسلامية فخورون بالقليل الموجود ويستخفون بالكثير المفقود». فقد أصبح منهج العلماء الكبار استثناء لا يمتلكه إلا قليلون. رسالتى إلى الشباب أن يستمعوا لهذا الرجل الذى لا تربطنى به أى علاقة شخصية إلا أننى أظن أن منهجه يصلح لأن يفيد أمة غلب على فكر الكثيرين منها الجمود والترهل والاستعلاء على «العوام» مخافة الفتنة بسبب جهود جبارة يقوم بها «دعاة» يتحدثون فى الدين ويثيرون البلبلة لأنهم يعطون حكما واحدا قاطعا لكل مسألة هى أصلا حمالة أوجه فيتنابذون بالفتاوى فى فضائيات الفتنة. أرجو أن نفهم أن علماء المسلمين اجتهدوا؛ واجتهادهم شكل فى النهاية ثمار شجرة كبيرة لها جذر قوى هو القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وكى تثمر الشجرة فهى بحاجة لساق الاجتهاد المفضية إلى ثمار متنوعة من الأحكام التى نتعلمها من اجتهادات الأئمة الكبار. هى شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء. الحلقات موجودة على يوتيوب لمن يعنيه الأمر.