أثار حذف قناة «روتانا سينما» لنحو 30 دقيقة من أحداث فيلم «رسائل بحر»، عند عرضه على شاشتها ليلة رأس السنة، عاصفة غضب بين صناع السينما الذين اتهموا الفضائيات بتشويه الأفلام بدعوى «الحفاظ على الآداب العامة»، ودعوا إلى وقفة قوية من جانب صناع السينما ضد الرقابة التى تفرضها الفضائيات على الفن السابع بدرجة تجعل منه عملا آخر غير الذى قاموا بإخراجه للسينما. وزاد من وتيرة غضب السينمائيين أنها لم تكن المرة الأولى التى تقوم فيها قناة فضائية بالتدخل بالحذف من الأفلام المعروضة على شاشتها، حيث سبق أن تعرض فيلم «ولد وبنت» للموقف نفسه عندما اقتطعت قناة الحياة عدة مشاهد بل وقامت بإعادة مونتاجه وفق هواها على حد قول مخرجه وانتهى الأمر إلى رفع دعوى قضائية ضدها. وقبلها قامت قناة ART بحذف عدة مشاهد من فيلم «حين ميسرة» مما دفع المخرج خالد يوسف لإقامة دعوى قضائية أيضا، ولكن انتهى به المطاف إلى التنازل عنها بعد شد وجذب مع مسئول القناة. داود عبدالسيد، مخرج فيلم «رسائل بحر» اضطر لإغلاق شاشة التليفزيون بعد أن انتبه إلى قيام القناة بحذف مشهد كامل، غير أنه لم يعلم بأن مجموع المشاهد التى تم حذفها وصل مدتها إلى 30 دقيقة، وبمجرد أن أبلغته «الشروق» بالأمر انفجر غاضبا، وقال إن ما حدث عمل «بربرى وتعدى وليس رقابة». واعترف أن ذلك جاء بسبب الرقابة المصرية لأنها عند طبع الفيلم على أقراص DVD أو فيديو فإنها تحذف منه وهذا ما شجع بعض القنوات على فعل ذلك أيضا، مستنكرا هذا الحذف بالقول «كيف نفرض وصاية على الجمهور ونعامله كطفل يجب أن نعلمه ما الذى يشاهده وكيف؟. وشدد على أن الحذف يؤثر سلبا على الفيلم الذى يعد بناء متكاملا وإذا تم بتر جزء منه يصبح مختلا وغير منطقى فى أجزائه الأخرى، فمثلا جزء كلام البحر تم حذفه وتم الإبقاء على باقى المشهد الذى أصبح لا أهمية ولا مغزى منه. وأكد ضرورة وقوف صناع السينما جميعا ضدها ممثلين فى نقابة السينمائيين وغرفة صناعة السينما والمنتجين، الذين يجب عليهم جميعا اتخاذ حلول منطقية للتعامل مع القنوات الفضائية، مضيفا «من ناحيتى لن أبدأ بالخصومة ولكن بالتفاوض والنقاش». واستبعد عبدالسيد إمكانية لجوئه للحل المتمثل فى كتابة بند ضمن العقد الذى يوقعه مع المنتج يضمن له أنه فى حالة بيعه للقناة الفضائية فإنها تلتزم بعرضه كاملا دون حذف، معللا السبب بالقول «فى حال كتابة ذلك الشرط يحق لى وقتها رفع قضية على المنتج الذى بدوره سيقاضى القناة مما ينسف تعاملاته ومصالحه المستقبلية معها». أما كريم العدل مخرج فيلم «ولد وبنت» فقال بانفعال «المفروض والطبيعى أن يعرض الفيلم كاملا ولا أفاجأ بأن القناة حذفت وأعادت مونتاج الفيلم وفق ما تريده، وللأسف عندما كان يحدث من قبل هذا البتر كان يرد صناع العمل بالصمت ويكتفون بقول (عوضى على الله) ولكن هذا ليس صحيحا، وحتى المخرج خالد يوسف عندما قاضى ART تنازل عن القضية فى النهاية مما أصابنى بالدهشة، ولو ظللنا نتنازل باستمرار فستزيد القنوات من فعل هذا. وأضاف: ما يزيد دهشتى أكثر أن فيلمى ليس به مشاهد خليعة أو جرأة كبيرة لتعيد القناة مونتاجه وحذف 25 دقيقة منه، كما أن المشاهد المحذوفة عادية جدا. وحول دور النقابة فى مثل تلك المشكلات، استنكر العدل موقف النقابة، وأوضح أنه عندما حدثت تلك المشكلة لجأ للنقابة فعلا وكل ما استطاعوا فعله أن قالوا له (لأ ما يصحش القناة تشيل حاجة من الفيلم وخد نمرة المحامى الفلانى وكلمه هيحل لك المسألة)، مضيفا: هذا كان ملخص المساعدة التى قدمتها لى النقابة والتى لم أكن أتصورها فى حياتى، ولذلك لجأت بنفسى للقضاء لأننى متأكد أن اجتماع النقابة والغرفة لن يجدى نفعا. من ناحيتها، أشارت علا عز الدين مؤلفة «ولد وبنت» إلى مدى التأثير السلبى لحذف جزء كبير من الفيلم عليها، وقالت إن هذا الحذف سبب لى حيرة كبيرة لأن المعايير والمقاييس اختلفت جذريا فكان من المتعارف عليه هو حذف المشاهد الجريئة والمثيرة أما فى «ولد وبنت» فحذفوا مشاهد عادية جدا لو شاهدها أشد المتدينين سيشهد بأنها تحت العادية مثل مشهد تقوم فيه بطلة الفيلم بعرض أزياء ومشهد آخر يتحدث فيه البطل مع البطلة، وهذا ما يؤكد عدم وجود مقاييس أصلا للحذف، ولا أعرف حاليا ماذا أكتب وإذا كتبت ما الذى يجب وضعه. وتساءلت غاضبة: كيف يعقل بعد أن أبذل مجهودا فى الكتابة يأتى أحد ويستبيح العمل ويتصرف فيه كيفما يشاء، وفى الحقيقة لا أعلم ما الحل الذى يمكن فعله حيال هذا الأمر لأننى أطرح هذا السئول ولا أجد إجابة. «لا يوجد حل والمسألة معقدة جدا لتداخل عناصر ومصالح كثيرة فيها».. بهذه الكلمات وصف المؤلف هانى فوزى الأمر، مشيرا إلى أنه «لا يوجد نظام يحدد المسألة وينظمها وأصبح من حق أى فرد أن يحذف ويغير، والمنتج والمخرج انشغلا فقط بكيفية ما يشغل كل همهم تقريبا هو كيفية الحفاظ على نسخة الفيلم أثناء عرضها فى السينما وغير ذلك لا يمكن التحكم فيه.. وعموما المفروض يكون هناك احترام ذاتى وضمير لدى الطرف الآخر». خالد يوسف: أشترط الرجوع لى قبل بيع الفيلم للفضائيات فجر المخرج خالد يوسف مفاجأة فى كيفية تعامله مع المشكلة، وقال إنه عندما يتعاقد مع أى منتج على فيلم جديد فإنه يشترط وضع بند أساسى ضمن العقد ينص فيه على أنه فى حالة بيع الفيلم لأى قناة فضائية فإنه لابد من الرجوع إليه قبل اتخاذ أى إجراء ليرى ما الذى يجب عمله حيال الأمر. وأوضح يوسف أن هذا الشرط هو الحل الوحيد لكل المشاكل الناجمة عن حذف مشاهد من الأفلام عند عرضها على التليفزيون والفضائيات وأنه ليس مستحيلا كما يعتقد البعض. وأشار إلى أنه لم يتنازل عن القضية التى أقامها ضد قناة ART بسبب حذفها مشاهد من فيلم «حين ميسرة» إلا بعد أن حصل على جميع حقوقه منها وموافقتها على عرض الفيلم كاملا دون حذف ووفق رؤيته كصانع للفيلم. سيد خطاب: دور الرقابة ينتهى بمجرد عرض الفيلم بالسينما رفض رئيس الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور سيد خطاب تحميل المخرج داود عبدالسيد المسئولية عن ذلك، وقال «لا علاقة للرقابة على الإطلاق بما يعرض على القنوات الفضائية أو التابعة للتليفزيون المصرى، وفى الحقيقة هذه الأزمة نابعة نتيجة الصيغة التعاقدية بين المنتج والقناة». وأوضح أن المنتج عندما يذهب لقناة معينة ويتعاقد معها فمعنى ذلك أنه ارتضى بشروطها وسياستها التحريرية ولا يحق له بعد ذلك أن يشكو منها، ولذلك يكمن الحل فى إضافة بند فى العقد يضمن عدم حذف أى جزء من الفيلم طالما بدأ المنتجون والمخرجون يشكون من هذا الأمر مثل كريم العدل وخالد يوسف وأخيرا داود عبدالسيد.