شهد متوسط أسعار حديد التسليح موجات تضخمية خلال الأشهر القليلة الماضية، وصلت لحوالي ألف جنيه من 3600 جنيه للطن إلى نحو 4600 جنيه تسليم المستهلك، برغم حالة الركود التي عانت منها سوق البناء والعقار خلال هذه الفترة، والتي كان يتوقع معها تحركات محدودة في الأسعار أو ثبات نسبي من أجل إنعاش السوق وتشجيع الاستثمار مجددا في مشروعات العقار. في الوقت نفسه، أوشكت الشركات على تحقيق هدفها في إقناع وزارة التجارة والصناعة بفرض ضريبة إغراق على الحديد التركي المستورد وسط أنباء عن وصول ضريبة الإغراق لمرحلتها النهائية، حيث ينتظر التوقيع عليها بين عشية وضحاها وهو ما دفع المستوردين إلى العزوف تماما عن استقبال مراكب الحديد التركية مخافة الوقوع في فخ الضريبة التي سترفع سعر المستورد عن المحلي بفارق كبير يصعب معه تسويقه داخل البلاد. واستهلت شركات الإنتاج بقيادة مجموعة عز، التي تستحوذ على نحو 60% من السوق المحلي، العام الجديد برفع جديد للأسعار بحوالي 350 جنيها للطن دفعة واحدة. وذكرت مصادر تجارية أن الزيادة الجديدة في الأسعار صاحبها تراجع كبير في المعروض أدى إلى زيادة غير معلنة بذات القدر ليتجاوز متوسط سعر الطن أكثر من خمسة آلاف جنيه صعودا وهبوطا دون استقرار. ودافعت مجموعة عز بالقول إن أسباب الارتفاع مدفوعة بزيادة في أسعار الخردة والبليت "المواد الخام الرئيسية التي تدخل في صناعة حديد التسليح"، حيث زاد سعر خام البليت حوالي 70 دولارا "ما يعادل 400 جنيه مصري" عن الشهر الماضي، بسبب سوء أحوال الطقس والبرودة الشديدة في البلدان التي يتم استيراد مدخلات الحديد منها، مما قلل من كمية الخردة المتاحة ورفع أسعارها في جميع بلدان العالم. وتقول الشركات إن الزيادة المعلنة ما زالت في حدود طاقة المستهلكين، وتتناسب مع الارتفاعات العالمية، حيث ارتفع سعر الحديد عالميا من 640 إلى 670 دولارا للطن في تركيا (حوالى 4 آلاف جنيه مصري)، كما أن متوسط سعر الحديد في كل من السعودية والأردن والإمارات وسوريا بلغ أكثر من 730 دولارا للطن. ويرفض التجار تعليق ارتفاع الأسعار على "شماعة" الخردة والبليت بالقول إن أسعار البليت ما زالت في الحدود الآمنة ولم تتجاوز 550 دولارا للطن "ما يعادل 3300 جنيه يشمل الضريبة"، كما أن سعر طن خام الخردة لم يتجاوز 350 دولارا للطن "حوالي 2100 جنيه يشمل الضريبة". وأكدت مصادر تجارية أن مجموعة عز لا تعتمد على البليت المستورد إلا بنسبة محدودة وتعتمد على إنتاجها المتزايد من مختلف أنواع المواد الخام التي تدخل في صناعة الحديد، بل وأصبح لديها قدرة على إنتاج وتوفير نحو 50% من احتياجاتها واحتياجات الشركات الوطنية من بدائل خام البليت. ويخشى التجار في حال صدور قرار فرض ضريبة إغراق على الحديد المستورد أن يتم غلق باب الاستيراد بشكل أو بآخر، ومن ثم حرمان السوق من ميزة التنافسية بين المحلي والمستورد والتي حفظت للسوق توازنه لفترة كبيرة وحالت دون ارتفاع الأسعار بصورة محمومة، كما سبق وحدث خلال النصف الثاني من 2008، حيث وصلت حرب الأسعار بمتوسط سعر الطن لنحو 8 آلاف جنيه في بعض المناطق. وقد حالت ميزة المنافسة بين المحلي والمستورد دون ظهور الاحتكار والسوق السوداء والبيع بأكثر من سعر وتغير السعر بين عشية وضحاها. ولكن مصادر اقتصادية تؤكد حرص المنتجين هذه المرة على التدخل في الوقت المناسب لضبط السوق وزيادة المعروض للحيلولة وعدم المخاطرة بانفلات الأسعار عن الهدف المحدد والذي يضمن تعويض الشركات عن خسائرها خلال فترة ما سمته استحواذ الحديد التركي التي استمرت نحو عامين، ويضمن في الوقت نفسه استمرار عدم فتح الباب على مصراعيه مجددا للحديد المستورد.