وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحاكمة فى الجنوب، اتفاق مصالحة مع قائد أكبر انشقاق داخل جيش الجنوب، قبيل استفتاء تقرير المصير الأحد المقبل، مما أشاع تفاؤلا واسعا بين الجنوبيين يضاف إلى ما بثته فيهم زيارة الرئيس السودانى عمر البشير قبل أيام، والتى جدد خلالها تعهده بالاعتراف بدولة الجنوب إذا اختار الجنوبيون الانفصال. فقد وقع نائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشارن أمس الأول اتفاقا لوقف إطلاق النار مع قوات الجنرال جورج أثور، الذى انشق عن الجيش الشعبى (جيش الجنوب) عقب الانتخابات العامة فى أبريل الماضى؛ احتجاجا على نتائج الانتخابات التى فازت فيها الحركة الشعبية بالأغلبية الكاسحة فى البرلمان المركزى للجنوب، وبرلمانات الولايات العشر، وحكامها، إضافة إلى رئيس حكومة الجنوب. وعقب توقيع الاتفاق فى أحد فنادق جوبا، عاصمة الجنوب، قاد مستشار رئيس الحكومة للشئون الدينية الأب تجواج هتار أجوات صلاة شكر للسلام. وحضر حفل التوقيع ممثلون عن الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى، اللذين شاركا فى إنجاز هذا الاتفاق، بحسب مشار الذى أعرب فى ختام الحفل عن تفاؤله بإجراء استفتاء هادئ وسلمى، حيث لن تهدده أى «قوى عسكرية داخل الجنوب». ومضى قائلا إنه «مع هذا الاتفاق نكون قد حصلنا على إجماع، سياسى.. منذ أكتوبر الماضى ونحن نجرى حواراً سياسياً مع كل القوى الجنوبية لترتيب البيت، وقد قررنا تشكيل حكومة وحدة وطنية، عقب الاستفتاء»، مضيفا أن «الرئيس أصدر عفوا عاما عن كل من حمل السلاح، حتى نسهل عملية المصالحة الجنوبية». وقال الممثل السياسى لأثور إنه يتوقع قدومه (جورج أثور) فى أى وقت إلى جوبا، والاجتماع برئيس الحكومة سيلفاكير ميراديت. وحول إعادة إدماج القوات المنشقة فى الجيش، قال مشار إن «هذا الموضوع ستحدده لجنة خاصة به». وثمة شبه إجماع بين الجنوبيين والمراقبين على أن نتيجة استفتاء الأحد ستكون لصالح الانفصال عن الشمال. وقد خرج المئات من الجنوبيين فى مسيرة بجوبا أمس الأول للمطالبة بانفصال الجنوب، حيث جابوا الشوارع بالسيارات، رافعين شعارات مؤيدة للانفصال ومنددة بالوحدة. رغم ذلك، لا يستبعد الزعيم الشمالى فى الحركة الشعبية ياسر عرمان العودة إلى الوحدة مع الشمال لاحقا. عرمان قال فى تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية: «حتى ولو جاءت نتيجة الاستفتاء مع الانفصال، فنحن نرى انه يمكن توحيد السودان من جديد على أساس طوعى مثلما حدث فى ألمانيا» بعد سقوط الستار الحديدى أوائل تسعينيات القرن العشرين. واعتبر أن زيارة الرئيس البشير لجوبا الثلاثاء الماضى كانت «جيدة من حيث التطمينات لقضايا ما بعد الاستفتاء بشكل خاص التى يمكن أن تؤدى الى علاقات إستراتيجية فى حال تم حلها بشكل جدى»، مضيفا أن هذه الزيارة «خلقت مناخا جيدا يجب أن يستغل لحل المشاكل العالقة»، ومن أبرزها «المواطنة، والحدود و(منطقة أبيى) أبيى (الغنية بالنفط) والعلاقات الاقتصادية والسياسية». وعما إذا كان ممكنا حل هذه المشاكل المعقدة بحلول يوليو المقبل، وهو موعد انتهاء الفترة الانتقالية وفقا لاتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الشمال والجنوب عام 2005، فى حال جاءت نتيجة الاستفتاء مع الانفصال، رأى عرمان أنه «يمكن حلها خلال أسابيع إذا توفرت الإرادة السياسية».