لم يكن فى القضايا المرتبطة بصحة المصريين ملف أكثر سخونة من «العلاج على نفقة الدولة».. فمن أروقة البرلمان إلى ساحات القضاء والإعلام فى نفس التوقيت. بدأت أولى حلقات المسلسل بتلميحات متتالية واتهامات غير مباشرة فى جلسات مجلس الشعب السابق حول إهدار ميزانية الدولة فى قرارات العلاج على نفقة الدولة لغير المستحقين، حتى تمت مطالبة د. محمد عابدين رئيس المجالس الطبية المتخصصة السابق، فى احد الاجتماعات فى يناير الماضى بالإفصاح عن تجاوزات بعض النواب، وسط هجوم نواب البرلمان على الوزارة وإهمالها ملف العلاج على نفقة الدولة. ولم يمر الأسبوع الأول من شهر فبراير حتى بدأت الحلقة الثانية حينما فوجئ عدد كبير من أعضاء مجلسى الشعب والشورى، برفض المجالس الطبية المتخصصة تسلم قرارات العلاج على نفقة الدولة الخاصة بأبناء دوائرهم، بعد وقف العلاج بالمستشفيات الجامعية والاستثمارية بسبب مديونيات وزارة الصحة لها، وعدم موافقة وزارة المالية على الوفاء بهذه الالتزامات، وهو ما أثار غضبهم وقتها وطالبوا بإقالة عابدين. وفى مثابة استراحة قصيرة لم تتعد ال3 أيام أصدرت تعليمات وزير الصحة د.حاتم الجبلى، بتنظيم استخراج قرارات العلاج للنواب مع تحديد سقف مالى 50 ألف جنيه لكل نائب شهريا لقرارات العلاج على نفقة الدولة لأبناء دائرة كل منهم. وواصل المسلسل حلقاته الساخنة عندما تقدم النائب السابق مصطفى بكرى بطلب إحاطة لوزير الصحة فى 17 فبراير الماضى لمناقشة إهدار المال العام فى العلاج على نفقة الدولة، وخلال أيام أصدرت وزارة الصحة قائمة بأسماء 174 نائبا استنفدوا السقف المالى المخصص لهم بعد 8 أيام فقط من بداية الشهر، وكان من أشهرهم د.أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، وأحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة، ود. حمدى السيد رئيس لجنة الصحة، وشريف عمر وسمير زاهر وأحمد شوبير ومحمد العمدة. وأصدر وزير الصحة فى 13 أبريل قرارا بتولى د. هشام شيحة، الذى يشغل منصب رئيس الإدارة المركزية لإدارة المستشفيات، رئاسة المجالس القومية المتخصصة، بدلا من عابدين الذى تفرغ لإدارة مركز أورام أسوان، وكان عدد من نواب مجلس الشعب قد طالبوا بإقالته والهيكل الإدارى التابع لمنظومته والعاملين بالمجالس، لأنهم احد الأسباب فى التلاعب فى قرارات العلاج على نفقة الدولة، حسب آرائهم. وفى شهر يونيو أدخلت المجالس الطبية المتخصصة 10 أمراض جديدة للعلاج على نفقة الدولة ليصل إجمالى الأمراض والحالات التى تتحمل وزارة الصحة تكاليف علاجها إلى 15 مرضا، تضم أمراض الدم غير السرطانية كالهيموفيليا، وجراحات الأوعية الدموية التى لا تحتاج إلى قسطرة، وأمراض اضطراب المناعة كالروماتيد، والأمراض العصبية المزمنة. وفى تطور جديد للازمة ليصل المسلسل إلى ذروته فى سبتمبر عندما وافق مجلسا الشعب والشورى على رفع الحصانة البرلمانية عن 14 نائبا تمهيدا للتحقيق معهم بتهمة التورط فى استصدار قرارات علاج على نفقة الدولة بالمخالفة للقوانين المتبعة، وكانت هذه القائمة تضم 6 أعضاء فى الحزب الوطنى، إضافة إلى 6 آخرين أعضاء فى الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين، ونائبين فى حزب الوفد. وتبقى نهاية المسلسل معلقة لينتهى العام ويتغير أعضاء البرلمان، ليحدده القضاء فى العام الجديد، وسط تكهنات الكثيرين بحفظ التحقيقات فى قضية العلاج على نفقة الدولة بعد 6 شهور متواصلة من التحقيقات فى النيابة العامة وسط اهتمام كبير من الرأى العام، ليغلق ملف القضية بشكل نهائى.