وصف د. شوقى السيد، محامى مجموعة طلعت مصطفى، حكم بطلان عقد «مدينتى» بأنه «هز أركان الاستثمار فى مصر»، بينما وصفه حمدى الفخرانى صاحب الدعوى بأنه «لطمة لمنظومة فساد التصرف فى أراضى الدولة».. والحقيقة المجردة أن الحكم أحدث دويا هائلا داخل الأجهزة الحكومية وأسواق الاستثمار العقارى المصرى، بل وامتد أثره ليدفع الحكومة فى أكثر من اتجاه لتعديل تشريعات إدارة أراضى الدولة. قصة «مدينتى» لها أكثر من بطل جالس على منصة القضاء سيذكرهم تاريخ مجلس الدولة، أبرزهم المستشار حسن عبدالعزيز رئيس محكمة أول درجة، والمستشار منير جويفل رئيس المحكمة الإدارية العليا التى أيدت البطلان، بالإضافة إلى المستشارين مصطفى حنفى، رئيس دائرة فحص الطعون، وفوزى سليمان وجعفر قاسم وعليوة فتح الباب، أعضاء الإدارية العليا، والمستشارين محمد عقيلة والمرحوم ممدوح السقا، عضوى أول درجة. تاريخ مجلس الدولة سيذكر هؤلاء لأنهم اشتركوا فى إصدار حكم هو الأول من نوعه فى تاريخ القضاء المصرى ببطلان عقد وقعته جهة حكومية مع مستثمر.. الجهة هى هيئة المجتمعات العمرانية التى كان يرأسها وقت توقيع العقد وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان.. والمستثمر هو هشام طلعت مصطفى، الرئيس السابق لأكبر مجموعة عقارية مصرية. فلأول مرة فى تاريخ مصر أيضا، يتدخل رئيس الجمهورية لحل إشكالية تنفيذ حكم قضائى هو غير مخاطب أصلا بتنفيذه. 3 جهات حكومية فقط كانت منوطة بالتنفيذ هى رئاسة الوزراء ووزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية، لكن الرئيس مبارك تدخل وأمر بتشكيل لجنة من كبار القضاة والمتخصصين لبحث تنفيذ الحكم. ولأول مرة أيضا يدفع حكم قضائى الحكومة إلى مراجعة تشريعاتها بهذه السرعة وبناء على توجيهات رئيس الجمهورية أيضا، حيث سلط الحكم الضوء على أزمة تخصيص أراضى الدولة وتضارب قانون المزايدات مع القوانين الخاصة بالهيئات الحكومية التى تدير الأراضى والتابعة لوزارات الزراعة والإسكان والسياحة والصناعة. حكم «مدينتى» كان أيضا كالقنبلة العنقودية التى انفجرت لتنتج عنها دعاوى أخرى تطالب بصدور أحكام ببطلان عقود أرض شركة بالم هيلز فى القاهرةالجديدة، وأرض الوليد بن طلال فى توشكى، وعقود تخصيص الجامعتين الأمريكية والألمانية فى التجمع الخامس.. وكلها قضايا من المتوقع الفصل فيها مطلع 2011.