تنسيق الجامعات 2025.. بدء اختبارات القدرات لطلاب شهادات المعادلات بتنسيق الجامعات 16 أغسطس    حد أدنى 260 درجة.. فتح المرحلة الثانية للقبول بمدارس التمريض بقنا    أول تعليق لرئيس الوزراء على تمديد اتفاق الغاز مع الشركة الإسرائيلية    بيكو مصر تخفض أسعار أجهزتها المنزلية 20%    ألمانيا تنتقد.. ليس لأنها نسيت المحرقة.. بل تحديدًا لأنها تتذكرها    انطلاق بطولة كأس مصر للتجديف من مياه قناة السويس وبحيرة التمساح بالإسماعيلية    محمود عاشور حكمًا للفيديو لمباراة بوركينا فاسو وموريتانيا في كأس أفريقيا للمحليين    بالصور- ضبط 3 أطنان أسماك مملحة فاسدة في أسوان    الداخلية تكشف تفاصيل تضرر إحدى السيدات من جيرانها في الجيزة    وصول جثمان الأديب صنع الله إبراهيم لمسجد آل رشدان تمهيدا لإقامة صلاة الجنازة    أحمد حاتم يعيش حاله من النشاط الفني بين السينما والدراما    وصية محمد منير    لتركه العمل دون إذن رسمي.. إحالة عامل ب«صحة الباجور» في المنوفية للتحقيق    مساعد وزير الصحة ومحافظ الأقصر يتابعان معدلات الإنجاز وتطوير المشروعات الصحية بالمحافظة    انتشار حرائق الغابات بجنوب أوروبا.. وفاة رجل إطفاء وتضرر منازل ومصانع    «يصلهم الفُتات».. إسرائيل تبني مجاعة غزة على أوجاع البطون الخاوية    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    أتالانتا يقدم عرضًا ب40 مليون يورو لضم رودريجو مونيز من فولهام    موراتا: متحمس لبدء مشواري مع كومو    بالمواعيد.. تعرف على مباريات ربع نهائي بطولة العالم لليد تحت 19 عامًا    وزير الرياضة يهنئ منتخب السلة بالفوز على مالي في افتتاحية بطولة الأفروباسكت    محافظ الفيوم يبحث تطوير منظومة المتابعة والتقييم للمشروعات بالتعاون مع التنمية المحلية    محافظ شمال سيناء يبحث استدامة خدمات مياه الشرب بالمدن والقرى    «الداخلية» تضبط شخصين لارتكاب أحدهما فعلًا خادشًا للحياء ضد فتاة بالشرقية (فيديو)    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    التنمية المحلية: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والدينية    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    «شرم الشيخ للمسرح» يعلن تفاصيل مسابقة عصام السيد في دورته العاشرة    عمرو يوسف يوضح حقيقة تشابه فيلم «درويش» مع مسلسل «جراند أوتيل» |فيديو    تفاصيل أول مشروع ل راغب علامة بعد حل أزمته مع نقابة الموسيقيين    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    بريطانيا وفرنسا وألمانيا يهددون بإعادة فرض عقوبات على إيران    الداخلية الكويتية: جميع جنسيات العالم مرحب بها في البلاد باستثناء «جنسية الاحتلال»    افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي بمستشفى الأورام الجامعي في المنيا    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو استيقاف طالب وسرقته بالإكراه في الجيزة (تفاصيل)    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات على الحق    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    رغم الخلاف مع نتنياهو.. رئيس الأركان الاسرائيلي يصدق على الأفكار الرئيسية لاحتلال غزة    مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    آخرهم حسام البدري.. 5 مدربين مصريين حصدوا لقب الدوري الليبي عبر التاريخ    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنمية بأموالنا المهربة فى الخارج
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 12 - 2010

يقول آدم سميث، أبو النظرية الاقتصادية الرأسمالية، إن «المرشحين للثروة كثيرا ما يتخلون عن طرق الفضيلة، لأن الطريق الذى يؤدى للثروة والآخر الذى يؤدى للفضيلة، وذلك من دواعى التعاسة، يقعان أحيانا فى اتجاهات متضادة تماما».
ما قاله سميث عام 1759، فى كتابه نظرية المشاعر الأخلاقية، مازال يصدق حتى الآن فى رأسمالية القرن الحادى والعشرين. وهاهى مبادرة استعادة الأصول المنهوبة، التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولى، تخبرنا فى تقرير لها الخميس الماضى، إن حجم الأموال المهربة للخارج، التى تخسرها الدول النامية، يصل سنويا إلى ما بين 20 إلى 40 مليار دولار، بسبب الرشاوى والاختلاس، وصور الفساد الأخرى.
ولا يوجد تقدير رسمى مصرى معلن (فى حدود علمي) لحجم الأموال الهاربة من مصر فى إطار الفساد. لكن تقديرا لمنظمة النزاهة المالية العالمية الأمريكية غير الحكومية فى مارس الماضى يؤكد أن شمال أفريقيا (يضم الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس) خسر 1.767 تريليون دولار من التدفقات المالية غير الشرعية خلال 40 عاما تنتهى فى 2008.
وهو رقم يساوى حوالى 56% من الناتج المحلى الإجمالى لها فى 2008. ولا تشمل هذه الأموال الفاسدة المهربة التهريب ولا تجارة المخدرات والا الاتجار فى البشر، بحسب «النزاهة المالية العالمية».
أما نصيب مصر من هذه الأموال فهو يرقى للمركز الثانى أفريقيا، بعد الجزائر، بحوالى 73 مليار دولار ما بين 1970 و2004. وبينما يربط دعاة فتح الأسواق بين سيطرة الدولة على الاقتصاد وبين الفساد وتهريب الأموال نجد أنه، وفقا لتقديرات المنظمة، فإن المعدلات السنوية للتدفقات غير الشرعية زادت ابتداءا من عام 2004، وقت تولى حكومة نظيف النيوليبرالية، لتصل إلى إجمالى 32 مليار دولار، فى خمس سنوات فقط من 2004 إلى 2008، وهو ما يقرب من نصف التدفقات الهاربة فى أربع عقود. يذكر هنا أن تحرير التدفقات الرأسمالية كان أحد أهم أعمدة السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة، وهو ما صار صندوق النقد الدولى يدعو لعكسه مؤخرا داعيا الدول النامية لفرض بعض القيود عليها لتأمين اقتصاداتها من عدم الاستقرار.
ويرفع تقدير آخر للباحثين الرائدين فى المجال جيمس بويس وليونس نديكومانا إجمالى الرقم خلال نفس ال 4 عقود إلى 105 مليارات دولار، منها 42.5 مليار دولار فى الخمس سنوات الذهبية للرأسمالية المصرية الحرة فى البلاد.
ويتجاوز هذا التقدير حجم صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التى جلبتها مصر ما بين عامى 2005-2006 و2008-2009 الماليين، الذى يتوقف عند 38 مليار دولار.
إن التكلفة الاجتماعية للفساد تتجاوز بمراحل قيمة الأصول المسروقة من قبل المسئولين الحكوميين وغيرهم. الفساد يضعف الثقة فى مؤسسات الدولة ويفسد توصيل العوائد الاقتصادية للشريحة الأوسع لمقاومة الفقر وتحسين التعليم والصحة.
تعالوا معى نتخيل ما الذى كان يمكن أن يحدث لو أن 80% أو 70% أو حتى 50% من هذه الأموال قد أعيد استثمارها فى أوجهها السليمة فى الاقتصاد المحلى. ما حجم الوظائف التى كانت لتخلقها؟ أو كان من الممكن انفاقها على التعليم والصحة، وهو استثمار فى قدرة المصريين على الانتاج والابداع.
ويعتبر ريموند بيكر، الذى يرأس حاليا منظمة النزاهة المالية العالمية، وهو سلطة فى الموضوع منذ أصدر فى 2005 كتابه «كعب آخيل: الأموال القذرة وكيف نجدد نظام السوق الحرة»، أن هذه الظاهرة تهديد بالغ للرأسمالية العالمية.
ليس هذا فقط بل إن بيكر يؤكد أن الدول المتقدمة تستفيد من هذه الوضعية على حساب الدول النامية. «الدول الأغنى هى أكبر مروج لهذا الوضع غير القانونى فى التجارة والتمويل العالميين. فتريليونات الدولارات تتدفق بلا مجهود إليها»، بل إن دول أوروبا وأمريكا الشمالية تترك متعمدة ثغرات قانونية فى أنظمتها المالية لتفتح الأبواب لهذه التدفقات، كما يقول الباحث الأمريكى.
وفى الوقت الذى يجب على الدول النامية، ومنها مصر، فيه أن تغلق «محبس» الفساد عندها، بالمزيد من الديمقراطية والرقابة الشعبية والقانونية على موظفيها العموميين وقطاعها الخاص، وأن تعيد النظر فى سياسات التحرير الكامل للتدفقات الرأسمالية، بحسب نصائح صندوق النقد، فإن ما راح لم يذهب بلا رجعة.
تدعونا الأمم المتحدة ومعها البنك الدولى إلى العمل على استرداد هذه الأموال مرة أخرى. وتقول لنا مبادرة استعادة الأصول المنهوبة فى «دليل عمل»، أصدرته يوم الخميس الماضى، إنها عملية معقدة لكنها ممكنة، إذا توافرت الكفاءات القانونية المطلوبة والتكتيكات المناسبة، وقبلهما الإرادة السياسية بالطبع.
يستخدم ريموند بيكر، فى مجال التدليل على خطورة الأموال المهربة على الرأسمالية، الأسطورة حول آخيل، الذى قاد معركة طروادة لمدة 10 سنوات وانتصر على الطرواديين وهزمهم هزيمة نكراء انتقاما لصديقة باتروكلس، قبل أن يقتل فى عز نصره بعد أن وجه له أحدهم سهما أصابه فى وتر كعبه.
ويدافع بيكر عن ضرورة إيقاف هذه التدفقات غير الشرعية لإنقاذ نظام السوق الحرة. غير أن مصداقية ما قاله آدم سميث قبل 250 عاما تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ضرورة فرض طرق الفضيلة على أولئك الساعين للثروة على حسابنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.