فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد مادة لغة إنجليزية    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    متحدث البترول يؤكد عودة حقل ظهر للإنتاج وإدخال 220 مليون قدم من الغاز    انخفاض أسعار الفراخ اليوم الأحد 22 يونيو 2025    توتر أمني في بغداد.. العراق يعلن استنفارا أمنيا لحماية السفارة الأمريكية    وزير التموين: لا نية لتحريك سعر رغيف الخبز المدعم    الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت موجة جديدة من الصواريخ على إسرائيل    دمار كبير في مواقع إسرائيلية جراء القصف الإيراني    بيلوسى: ترامب تجاهل الدستور وأشرك جيشنا فى حرب دون إذن الكونجرس    كأس العالم للأندية، فلومينيسي يخطف فوزا قاتلا أمام أولسان    قائد باتشوكا عن مواجهة ريال مدريد: لسنا مرهقين مثلما كنا في نهائي إنتركونتيننتال    مدرب الوداد: سنعذب خصومنا.. ولدينا القدرة على مجاراة أقوى الأندية    "يبقى انت لسه بتتعرف عليها".. رد ناري من سيد عبد الحفيظ على أحمد حسام ميدو    تعرف على القنوات المجانية الناقلة مباراة الأهلي وبورتو في كأس العالم للأندية 2025    «زحمة الهجوم» تُطيح بنجم الأهلي.. أحمد حسن يكشف مفاجأة    توافد طلاب الثانوية العامة بقنا على اللجان لأداء امتحان اللغة العربية وسط إجراءات مشددة    تسريب كشوفات نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة الشرقية قبل اعتمادها رسميًا، والتعليم تحقق    بعد 48 ساعة، انتهاء رحلة البحث عن ضحايا أسفل عقارات حدائق القبة المنهارة    درجات الحرارة اليوم الأحد في مصر    محمد حماقي يرفع علم المغرب ويتفاجأ بهدية خلال حفله بمهرجان موازين (فيديو)    ابنة نسرين أمين عن دخولها مجال التمثيل: «ماما بتشجعني لكن مساعدتنيش»    كشف أثري جديد في منطقة تل الفرعون بالشرقية| الآثار تعلن التفاصيل    روجينا تنضم لنجوم دراما رمضان 2026    في بداية فصل الصيف، نصائح لضمان بقاء الجسم رطبا    منظمة الطاقة الذرية الإيرانية :لن نسمح بوقف التطوير النووي    برلماني يطالب بإحالة مقيم الطعن ضد "جمعية الرسوم القضائية" للتأديب    حدث منتصف الليل|تفاصيل مكالمة الرئيس السيسي ونظيره الإيراني.. وسيناريوهات تعامل الحكومة مع الحرب    دون إصابات.. السيطرة على حريق داخل شقة في البساتين    محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية".. اليوم    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    خبير صيني: الذكاء الاصطناعي له نتائج مبهرة فى تشخيص الأمراض الوراثية والمستعصية    مدرب يوفنتوس يحذر من قوة الوداد ويؤكد: المفاجآت واردة بمونديال الأندية    ترامب: عملنا مع إسرائيل كفريق واحد وأخذنا على عاتقنا حمايتها    مخرج «لام شمسية» يكشف رد فعل رئيس الرقابة بعد مشاهدته أول خمس حلقات    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟.. أمين الفتوى يجيب    ممثل المستأجرين: تعديلات قانون الإيجار القديم تفتقر إلى العدالة وتتجاهل ظروف البسطاء    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    براتب 9200 جنيه.. 200 وظيفة للشباب في مجال الأمن و الحراسات    بدء الموسم الصيفي ينعش فنادق البحر الأحمر والإسكندرية    «مدبولي»: ملتزمون بتأمين إمدادات الغاز الطبيعي محليًا    «نيويورك تايمز»: «خامنئي» يتحصن فى مخبأ تحت الأرض.. ويسمى 3 لخلافته    وسائل إعلام إيرانية: تم إسقاط عدة قنابل من طراز GBU-57 يبلغ وزنها 14 طنا على منشأة فوردو النووية    30 يونيو.. تأكيد وحدة مصر    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    الراتب الكبير يمنع الزمالك من التعاقد مع بينتو    محسن صالح يطالب بعدم إشراك زيزو في مباراة بورتو بكأس العالم للأندية    «المصري اليوم» ترصد عودة ظاهرة نواقص بعض الأدوية خاصة «الأمراض المزمنة»    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    يقتلان شقيقهما بعد إدعاء زوجته تعديه جنسيًا على ابنته في بنى سويف    ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    من غير مكملات.. أهم الأطعمة الغنية بفيتامين د    ابعد عنها بعد الساعة 10مساءً.. 6 أطعمة تسبب الأرق    بسبب حكم غيابي.. احتجاز زوجة مدرب منتخب مصر في الإسكندرية    د.حماد عبدالله يكتب: السينما المصرية!!    صبحي موسى ومأزق التنوير العربي    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنمية بأموالنا المهربة فى الخارج
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 12 - 2010

يقول آدم سميث، أبو النظرية الاقتصادية الرأسمالية، إن «المرشحين للثروة كثيرا ما يتخلون عن طرق الفضيلة، لأن الطريق الذى يؤدى للثروة والآخر الذى يؤدى للفضيلة، وذلك من دواعى التعاسة، يقعان أحيانا فى اتجاهات متضادة تماما».
ما قاله سميث عام 1759، فى كتابه نظرية المشاعر الأخلاقية، مازال يصدق حتى الآن فى رأسمالية القرن الحادى والعشرين. وهاهى مبادرة استعادة الأصول المنهوبة، التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولى، تخبرنا فى تقرير لها الخميس الماضى، إن حجم الأموال المهربة للخارج، التى تخسرها الدول النامية، يصل سنويا إلى ما بين 20 إلى 40 مليار دولار، بسبب الرشاوى والاختلاس، وصور الفساد الأخرى.
ولا يوجد تقدير رسمى مصرى معلن (فى حدود علمي) لحجم الأموال الهاربة من مصر فى إطار الفساد. لكن تقديرا لمنظمة النزاهة المالية العالمية الأمريكية غير الحكومية فى مارس الماضى يؤكد أن شمال أفريقيا (يضم الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس) خسر 1.767 تريليون دولار من التدفقات المالية غير الشرعية خلال 40 عاما تنتهى فى 2008.
وهو رقم يساوى حوالى 56% من الناتج المحلى الإجمالى لها فى 2008. ولا تشمل هذه الأموال الفاسدة المهربة التهريب ولا تجارة المخدرات والا الاتجار فى البشر، بحسب «النزاهة المالية العالمية».
أما نصيب مصر من هذه الأموال فهو يرقى للمركز الثانى أفريقيا، بعد الجزائر، بحوالى 73 مليار دولار ما بين 1970 و2004. وبينما يربط دعاة فتح الأسواق بين سيطرة الدولة على الاقتصاد وبين الفساد وتهريب الأموال نجد أنه، وفقا لتقديرات المنظمة، فإن المعدلات السنوية للتدفقات غير الشرعية زادت ابتداءا من عام 2004، وقت تولى حكومة نظيف النيوليبرالية، لتصل إلى إجمالى 32 مليار دولار، فى خمس سنوات فقط من 2004 إلى 2008، وهو ما يقرب من نصف التدفقات الهاربة فى أربع عقود. يذكر هنا أن تحرير التدفقات الرأسمالية كان أحد أهم أعمدة السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة، وهو ما صار صندوق النقد الدولى يدعو لعكسه مؤخرا داعيا الدول النامية لفرض بعض القيود عليها لتأمين اقتصاداتها من عدم الاستقرار.
ويرفع تقدير آخر للباحثين الرائدين فى المجال جيمس بويس وليونس نديكومانا إجمالى الرقم خلال نفس ال 4 عقود إلى 105 مليارات دولار، منها 42.5 مليار دولار فى الخمس سنوات الذهبية للرأسمالية المصرية الحرة فى البلاد.
ويتجاوز هذا التقدير حجم صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التى جلبتها مصر ما بين عامى 2005-2006 و2008-2009 الماليين، الذى يتوقف عند 38 مليار دولار.
إن التكلفة الاجتماعية للفساد تتجاوز بمراحل قيمة الأصول المسروقة من قبل المسئولين الحكوميين وغيرهم. الفساد يضعف الثقة فى مؤسسات الدولة ويفسد توصيل العوائد الاقتصادية للشريحة الأوسع لمقاومة الفقر وتحسين التعليم والصحة.
تعالوا معى نتخيل ما الذى كان يمكن أن يحدث لو أن 80% أو 70% أو حتى 50% من هذه الأموال قد أعيد استثمارها فى أوجهها السليمة فى الاقتصاد المحلى. ما حجم الوظائف التى كانت لتخلقها؟ أو كان من الممكن انفاقها على التعليم والصحة، وهو استثمار فى قدرة المصريين على الانتاج والابداع.
ويعتبر ريموند بيكر، الذى يرأس حاليا منظمة النزاهة المالية العالمية، وهو سلطة فى الموضوع منذ أصدر فى 2005 كتابه «كعب آخيل: الأموال القذرة وكيف نجدد نظام السوق الحرة»، أن هذه الظاهرة تهديد بالغ للرأسمالية العالمية.
ليس هذا فقط بل إن بيكر يؤكد أن الدول المتقدمة تستفيد من هذه الوضعية على حساب الدول النامية. «الدول الأغنى هى أكبر مروج لهذا الوضع غير القانونى فى التجارة والتمويل العالميين. فتريليونات الدولارات تتدفق بلا مجهود إليها»، بل إن دول أوروبا وأمريكا الشمالية تترك متعمدة ثغرات قانونية فى أنظمتها المالية لتفتح الأبواب لهذه التدفقات، كما يقول الباحث الأمريكى.
وفى الوقت الذى يجب على الدول النامية، ومنها مصر، فيه أن تغلق «محبس» الفساد عندها، بالمزيد من الديمقراطية والرقابة الشعبية والقانونية على موظفيها العموميين وقطاعها الخاص، وأن تعيد النظر فى سياسات التحرير الكامل للتدفقات الرأسمالية، بحسب نصائح صندوق النقد، فإن ما راح لم يذهب بلا رجعة.
تدعونا الأمم المتحدة ومعها البنك الدولى إلى العمل على استرداد هذه الأموال مرة أخرى. وتقول لنا مبادرة استعادة الأصول المنهوبة فى «دليل عمل»، أصدرته يوم الخميس الماضى، إنها عملية معقدة لكنها ممكنة، إذا توافرت الكفاءات القانونية المطلوبة والتكتيكات المناسبة، وقبلهما الإرادة السياسية بالطبع.
يستخدم ريموند بيكر، فى مجال التدليل على خطورة الأموال المهربة على الرأسمالية، الأسطورة حول آخيل، الذى قاد معركة طروادة لمدة 10 سنوات وانتصر على الطرواديين وهزمهم هزيمة نكراء انتقاما لصديقة باتروكلس، قبل أن يقتل فى عز نصره بعد أن وجه له أحدهم سهما أصابه فى وتر كعبه.
ويدافع بيكر عن ضرورة إيقاف هذه التدفقات غير الشرعية لإنقاذ نظام السوق الحرة. غير أن مصداقية ما قاله آدم سميث قبل 250 عاما تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ضرورة فرض طرق الفضيلة على أولئك الساعين للثروة على حسابنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.