* الأفراد المنتجون في مجتمع من المجتمعات هم رأس المال البشري الذي تزيد أهميته عن رأس المال المادي، والعلاقة بين الاثنين يجب الا تتجاوز علاقة الصانع بالمصنوع والتابع بالمتبوع، فرأس المال البشري هو الفاعل الفعال المنتج لرأس المال المادي الذي يعلو ويهبط بقدر فاعلية البشر المنتجين وبقدر توظيف الخصائص البشرية لديهم، ولهذا فإن رأس المال البشري لابد من تنميته وزيادة فاعليته باستمرار بوسائل أهمها التعليم والتدريب الذي يجعل القائمين بالإنتاج والقائمين عليه معا قادرين علي استقبال التساؤلات وطرح الاجابات وتشغيل التعليمات ومواكبة التطورات والتفكير والابتكار ورأس المال البشري يجب أن يزداد حصاده وجنيه كلما ازداد عائد رأس المال المادي إذ إنه يجب أن يأخذ أكثر كلما أعطي أكثر!! * ولان رأس المال المادي جشع فإنه كثيراً ما يسقط العنصر البشري من حساباته خاصة وهو يضع بنفسه شروطه لاستخدام الأكثر كفاءة في التعليم والصحة وسابقة الأعمال وغير ذلك من الشروط التي تؤكد أن الاستثمار البشري هو الأهم والرأسمالي الواعي هو الذي يضع العنصر البشري بين حدقتي عينيه ويحافظ عليه كما يحافظ علي أدوات الإنتاج واساليب التنظيم وعلي توفير التمويل وانطلاق التسويق. * وحين ارتفع الصياح من منظمات حقوق الإنسان الدولية أشار المتعاملون بالدبلوماسية إلي العودة إلي ما سبق أن ذكره نبي الرأسمالية آدم سميث عن أسس التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كتابه الشهير (ثروة الأمم) وأيضاً في كتابه المجهول (نظرية العواطف الاخلاقية) حيث أكد ضرورة لا نتنكر لها عن أهمية التعليم والتدريب وأهمية تقسيم العمل واكتشاف المهارات من الممارسات الإنتاجية اليومية ذاتها وأن ذلك يصنع القدرة البشرية وهو ما نتلقفه من آدم سميث لنؤكد به وجود واهمية رأس المال البشري كمسألة حياة أو موت بالنسبة لتكوين التنمية والبنيان الرأسمالي، وآدم سميث نبه بشدة إلي ضرورة توفير الغذاء الجيد للعنصر البشري بمثل تزويد الماكينات والآلات بالوقود كي تعمل كما حدثنا عن تأثير البيئة في تنويع مستويات البشر ولكنه أسقط من حساباته أن البيئة كانت في البدء حين ظهور الإنسان كانت واحدة في الرقعة التي وجد فيها ولكنها تنوعت واتسعت لتواكب ازدياد تعداده وطموحاته ولتفي باحتياجاته وكان تطورها وتنوعها بفعل الإنسان ذاته بما يعني أن القدرات البشرية هي جوهر رأس المال. * وحتي لا تكون كلماتي في هذه السطور نوعا من الترف الفكري واتصالاً بجوهر الموضوع ووصلاً بأهدافه فلسوف أدعو إلي دعم رأس المال البشري واعانته علي أمره وتوسيع قدرته البشرية من أجله ومن أجل الرأسمالية المادية ذاتها. لكن بماذا ? أعينوه ودعموه بتوسيع رقعة حريته الشخصية كي يعيش نوعية حياة يعشقها ولا يكرهها ولا يواجهها بالتمرد والعصيان.. يتم ذلك أيضاً بجعله عامودا فقرياً في السياسة العامة لمجتمعه بالأفعال لا بالمواثيق.. وأيضاً بإشباع حاجاته دون استعلاء أو من في التعليم والرعاية الصحية وأيضاً بانتشاله من بين رحي المتدني من الغذاء الذي وان كان نعمة من السماء إلا أنه يجد تسقط كثير من النعم فوق رءوس آخرين ممن يقدمون جهداً أقل وانتماء أدني!! يتم ذلك أيضاً بإعانته علي التمسك بالفضيلة التي ليست فقط فضيلة عبادة وقنوت ولكنها فضيلة كفاية من غذاء وكساء ودواء ووظائف وزواج ومأوي.. يتم ذلك أيضاً برده إلي الحياة داخل تخطيط عمراني معماري بدلاً من عشوائيات تكذب ولا تتجمل باستقبالها صنابير للمياه أو اسلاكاً للكهرباء.. يتم بملء المساحة التي يعيش فيها هذا الرأسمال البشري بالتعليم المجاني وبإطلاق عقيرته في الحوارات العامة باعتباره منتجاً للسلعة وليس هو السلعة ذاتها. * ولأن رأس المال البشري هو الذي ينشئ رأس المال المادي فالمطلوب أن يحصل علي كل مستحقاته من الالتزامات الاجتماعية بالحرية وبالرغيف معاً.. وقديماً قال مفكر من الشاطئ الآخر اسمه (وليم كوبر) قال: إن العبيد قد يبدون راضين قانعين بحمل اضخم الاحجار ولكن البناء الذي يشيدونه يصبح قابلا للانهيار والتحافهم بحقهم في الحرية واختيار العمل هو الغطاء الوثير الدافئ الذي يطيل عمر البنيان. وعلي رأس المال المادي الا يحكم بالإعدام علي رأس المال البشري لأنه يكون قد حكم بالإعدام علي نفسه، ورأس المال البشري لا يصبح أن يكون واحدا من الاقنان والعبيد يلهث بتقديم الواجب ولا ينتشي بنور الحق.. لأنه في البدء وفي المنتهي يصبح دماراً وخراباً أن يشنق التابع المتبوع وأن يتم الشنق بأمعاء المتبوع ذاته!!