الأخطاء المطبعية فى الصحف تحدث منذ تم اختراع الطباعة ويبدو أنها سوف تستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها. هى تحدث فى أكبر صحف العالم وأصغرها، لا فرق بين الواشنطن بوست فى أمريكا و«الهدهد الأزرق» التى تصدر فى أى بلد متخلف صحفيا. فى مقال أمس الأول الأربعاء فى هذا المكان حدث خطأ فى حرف واحد قلب معنى العنوان رأسا على عقب.. الحرف الصحيح المقصود هو الفاء لكنه انقلب بخطأ مطبعى ليتحول إلى قاف.. وهكذا بدلا من «خلف» تحولت الكلمة إلى «خلق»، وبدلا من «الاختباء خلف البرادعى» صار العنوان «الاختباء خلق البرادعى». الأخطاء تحدث.. وفى عالم الصحافة يكون الخطأ واضحا أمام الجميع، لكن العيون لا تراه.. أحيانا نقرأ المعنى بعقولنا ونراه صحيحا، رغم أنه خطأ.. وهكذا تم نشر العنوان الخطأ، حتى فوجئت ببعض الأصدقاء يتصلون مستفسرين لماذا أهاجم البرادعى بهذا العنوان.. فقلت لهم: إننى لم أهاجمه.. بل أحسب أن المقال من أوله إلى آخره كان يحمل دفاعا عن طريقة تفكير الرجل. بعض القراء الأعزاء أيضا كتبوا معلقين على المقال فى الموقع الإلكترونى للجريدة ينتقدوننى على العنوان، وكأننى أقصده. المشكلة أن الكلمة والعبارة موجودة ومكررة فى متن المقال بصورة صحيحة، وقراء آخرون فهموا فحوى المقال جيدا وأدركوا أن هناك خطأ مطبعيا، بل كان هناك خطأ آخر وبدلا من كلمة «نبى» فقد صارت «بنى». الحمد لله أن الخطأ ليس كارثيا ويمكن توضيحه، لكن فى عالم الأخطاء المطبعية هناك حروف تغيرت فتسببت فى كوارث وصارت مضربا للأمثال. ذات يوم وفى دولة خليجية وبدلا من كتابة اسم رئيس الدولة فلان ابن فلان، تحولت كلمة ابن إلى بنت.. انقلبت الدنيا وتم انهاء خدمات «تفنيش» موظف الجمع والمنفذ والمصحح والمحرر وسكرتير التحرير وتسفيرهم إلى بلدهم فى أول طائرة. وهكذا عندما اتصل موظف الديوان برئيس التحرير لتوبيخه قال له: يا طويل العمر اطمئن أدخلت كل المتهمين الطائرة بنفسى. نحمد الله أننا فى بلدنا ونتمتع بهامش من الحرية لا يسمح بتسفيرنا إلى الصومال أو دارفور. فى خطأ آخر وعندما توفى مسئول خليجى كبير خصصت إحدى الصحف هناك صفحة كاملة للقراء كى يذكروا محاسن المرحوم.. أحد القراء كان عنوان رسالته «كان أبا عظيما».. حدث خطأ فى أحد حروف هذه العبارة فانقلب المعنى تماما. أما أطرف الأخطاء فارتكبه موظف فى بلدية مدينة خليجية أيضا وبدلا من أن يكتب لافتة تحذيرية فى أحد الطرق تقول «انتبه أمامك تحويلة»، فقد سقط حرف الألف من أمامك لتتحول العبارة إلى «انتبه أمك تحويلة»! الموظف كان هنديا واعتقد وقتها أنه امتلك ناصية اللغة العربية. كلنا يتذكر الخط الفاصل الذى سقط من سطرى المانشيت فى أخبار اليوم فى الستينيات بحيث نزل العنوان ليصبح :»سقوط الطاغية.. عبدالناصر فى باكستان». نعود إلى أرض الواقع لأوكد على احترامى للدكتور محمد البرادعى.. قد اختلف معه فى بعض أفكاره خصوصا موقفه من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لكننى أكن له كل تقدير. الحمد لله أن الخطأ وقع مع الدكتور البرادعى، «الليبرالى» وهو لايزال مواطنا مثلى مثله.. فمن يعرف ماذا كان سيحدث لو أن هذا الخطأ وقع وهو يتبوأ منصبا كبيرا.