«الحمد لله كنت فاكر إنى الوحيد الذى يواجه مشاكل فى مهرجانه، ولكن اتضح أن المشاكل عامة ويشكو منها جميع رؤساء المهرجانات».. بهذه الكلمات تحدث د. عزت أبوعوف، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فى نهاية الندوة التى جمعت رؤساء مهرجانات عدة دول عربية وأوروبية على هامش الدورة ال34 للقاهرة السينمائى. ماركو سولارى رئيس مهرجان لوكارنو السينمائى، الذى يقام فى سويسرا المشاكل، سرد العديد من المشاكل التى تواجه مهرجانه بداية من الجوانب التقنية والفنية والمشاكل المتعلقة بالبعد الثلاثى ومشاكل الجودة، والأهم من ذلك تلك التى تتعلق بالمطالب الباهظة للنجوم الأمريكيين لدى حضورهم لأى مهرجان. وقال «مهرجان لوكارنو فقير ماديا مقارنة بغيره، والنجوم الأمريكيون يطلبون تمويلا ومبالغ لا نستطيع توفيرها لهم لدرجة أن هناك بعضهم من يطلب طائرات خاصة للتنقل»، وأضاف «من ضمن المشاكل التى أعتبرها خطيرة تلك التى تتعلق بالبعد السياسى لأن الدولة عندما تمول المهرجان فإنها حتما ستتدخل فى سياسته وهو ما يفرض علينا ثمنا يجب أن ندفعه، ويضطرنا فى أغلب الأحيان للجوء إلى الرعاة الذين يرغبون فى التدخل كذلك. وتطرق رئيس مهرجان «لوكارنو» إلى مشكلة أخرى تتعلق بضرورة الاختيار بين الجانب الأخلاقى والحرية الفنية، فذات مرة كان يوجد فيلم لا أوافق عليه من الناحية الأخلاقية ولكن المدير الفنى أخبرنى بأنه شسيعرض هذا الفيلم فى المهرجان، وهنا كان على الاختيار وكان لصالح الحرية الفنية. الحديث عن الامكانيات المادية المحدودة لفتت انتباه سهير عبدالقادر، نائب رئيس مهرجان القاهرة، التى عقبت على ذلك بالقول «إذا كنتم فقراء.. فنحن أكثر فقرا منكم». أما بيتر سكارل، رئيس مهرجان أبوظبى السينمائى، فيعانى من مشكلة أخرى قال عنها «إن الشىء الذى يعد أكثر أهمية من عدد الأفلام والنجوم الذين يستضيفهم المهرجان هو مدى جودة الأفلام المعروضة فيه؛ لأن رئيس المهرجان الواعى هو الذى سيصبح نجما فى المستقبل باختياراته الذكية، ويجب أن نخرج مسألة عدد الأفلام من قاموسنا كرؤساء مهرجانات». كما تطرق سكارلا لمشكلة اعتبرها مهمة للغاية وهى الحصول على فيلم مترجم بأكثر من لغة، تلك المعضلة التى يمكن حلها من خلال التعاون والتكامل بين المهرجانات فيما بينها لترجمة الأفلام، وهناك كذلك مشكلة تتعلق بالقرصنة التى بسببها نواجه مشاكل كثيرة، والمشكلة التى تعد مهمة أيضا هى رفع تكاليف إنتاج بعض الأفلام وهو ما يصعب معه الحصول على تلك الأفلام لارتفاع ثمنها». ميشيل ودراوجو، المفوض العام لمهرجان فسباكو المقام فى بوركينا فاسو، تطرق إلى مشاكل من نوع آخر تتمثل فى مساحة الحرية السياسية الممنوحة لرؤساء المهرجانات قائلا: «ليس لمجرد الحصول على دعم من الحكومة أن نخضع لها فيما تمليه علينا، ونحن فى بوركينا فاسو نقيم مهرجاننا بتمويل من الدولة بدون فرض أى توجهات سياسية علينا، كما أننا لا نعتمد فقط على الحكومة فى التمويل بل إن هناك رعاة يتولون جزءا من التمويل بالإضافة إلى شركاء عديدين لهم، لأنه لا يقدر الرعاة أن يتحملوا بمفردهم تكاليف المهرجان». وكشف ميشيل عن مشكلة يعانى منها فى أفريقيا وهى مسألة غلق قاعات السينما التى وصفها ب«خنجر يطعن السينما الأفريقية وأيضا العالمية».. فالسينما ليست مجرد وسيلة ترفيه بقدر أنها وسيلة تثقيفية وخدمة عامة تقدم للشعب، ولذلك طالب بضرورة إنقاذ دور العرض. وتطرق كذلك لمسألة حضور النجوم، موضحا «ليس معقولا وأنا أقيم مهرجانا افريقيا أن ألجأ للنجوم العالميين وأترك الأفارقة، فلابد أن نعطى قيمة لنجومنا أولا ثم نتجه للخارج». وحول الاستعانة بنجوم أمريكيين، قال عبدالحق مانتراتش رئيس مهرجان الرباط الدولى «لا يوجد فى قاموسنا معنى لنجم أمريكى، بل نفضل النجوم المصريين لأنهم أكثر قيمة وأهمية بالنسبة لنا»، واقترح عبدالحق توصية يمكن العمل بها بين رؤساء المهرجانات وهى تأسيس رابطة أو مؤسسة نتفق فيها على عدة خطوط عريضة تضمن التعاون والتكامل لحل عدة مشكلات، وهو ما لقى صدى وترحيبا من الحاضرين خاصة أبوعوف. ووصف عبدالحق مهرجان الرباط لسينما المؤلف بأنه «خلق لدعم وإنقاذ صناعة السينما، فقاعات السينما كانت قد بدأت فى الاندثار والاختفاء وأصبح يحل محلها أبنية ومولات تجارية، فخلقنا ذلك المهرجان لإنقاذ الصناعة بل وأصبح يوجد لدينا الآن 3 مهرجانات سينمائية فى البلاد لهذا السبب، كما أصبح مجموع المهرجانات لدينا نحو 62 مهرجانا صغيرا فى أنحاء المغرب». بينما قالت نينا فريز، مستشارة مهرجان جراندا سين ديل سور المقام فى اسبانيا، إنه «للأسف نتيجة الأزمة المالية العالمية التى ضربت اسبانيا تم تخفيض الميزانية المخصصة للمهرجان بنحو 40% خلال عامى 2009 2010 لأن التمويل يأتى من الحكومة، كما أن المهرجان للأسف ليس به عدد من العاملين المستديمين مما يؤثر على جودته، وفيما يتعلق بمسألة ترجمة الأفلام وتبادلها بين المهرجانات، أعتقد أنها مسألة معقدة وصعبة رغم أنها شيقة». «بعد التصويت على قانون منع بناء المآذن فى سويسرا، قلنا لهم سيصبح لدينا مئذنة لن تستطيعوا منعها».. هكذا وصف طاهر الهوشى رئيس مهرجان جينيف، مهرجانه، للاستشهاد بمدى تدخل السياسة فى الفن ومدى تدخل الفن فى العلاقات الاجتماعية. وقال «نتيجة ما يشاهده بعض السويسريين على شاشات التليفزيون من إرهاب وعنف يتهم بارتكابه مسلمون فإنهم أحيانا لا يلقون علينا التحية، وهو ما نما لدى ضرورة النهوض بصناعة السينما لكى ننقل لهم ثقافة صحيحة عنا، وبدون الانفتاح الفنى والحرية فلن يوجد مهرجان»، كما كشف طاهر عن أن مهرجان جينيف لا يمنح جوائز مالية قائلا «ما يهمنا بالدرجة الأولى التقاء العاملين فى مجال السينما من مختلف أنحاء دول العالم». أما أندريه سيوتيريك، رئيس مهرجان أفلام الحب ببلجيكا، فقلل من اهمية ضعف الامكانيات المادية، وقال «لابد أن ننظر للمهرجان من جوانب ثقافية أيضا وليس ماليا فقط، وعلينا التنازل عن بعض ما يطلبه النجوم الأمريكيون لأن طلباتهم تفوق قدراتنا بكثير»، وأضاف «مهرجاننا هش للغاية ولا نملك الامكانيات التى نقدمها لنجوم هوليوود». ندوة رؤساء المهرجانات بدأت بالشكوى وانتهت بالتوصية بإنشاء رابطة تجمع رؤساء المهرجانات لتنمية التعاون والتكامل بينهم، وكذلك تبنت الاقتراح المقدم من أحد الحضور بضرورة صنع أفلام عن رموز الفن والفكر والثقافة والعلماء كأحمد زويل ومجدى يعقوب.