دخول «صحفى» يحمل كارنيه نقابة الصحفيين المصريين إلى مركز اقتراع، مهمة صعبة بالرغم من التعليمات المعلنة للجنة العليا للانتخابات بأنه يحق لمن يحملون «كارنيه النقابة» الدخول وتغطية الانتخابات بدون تصريح. كانت نصيحة بعض الناخبين المصطفين بالخارج فى شكل طابور طويل يسير ببطء شديد أمام أحد مراكز الاقتراع بدائرة كرداسة، هى «اوعى تقول إنك صحفى.. دول عاملين زى الطالب اللى بيغش بيخاف من أى حد»، وهو ما كان لابد من التفكير معه فى حيلة أخرى، كانت ادعاء الدخول لمرشح الوطنى الموجود بالداخل. أحد أقرباء المرشح دخل ليبلغه بذلك فيما كان واقفا مع ضابط كبير بمركز ناهيا داخل مركز الاقتراع. تبادل المرشح والضابط حديثا سريعا بصوت خافت خرج بعدها المرشح، وقريبه يقول «كنت عايزه.. أهو جالك بنفسه أهوه». التزم المرشح الصمت تجاه «مناشدات ودية بمصاحبته إلى الداخل»، لكن فى هذه اللحظة جاء أحد أنصاره أو مندوبيه دون أن يعرف هوية الواقف بجواره وقال له بصوت يمكن سماعه «والله العظيم أنا سودت بنفسى كل أصوات اللجنة». ضغط المرشح الذى أصبح فى موقف لا يحسد عليه بيده على كتف الرجل ثم أشاح بوجه عنه وانصرف بعيدا. لم يكن هناك بد إذآ من تجريب «الطريقة الرسمية»، لكن الإجابة الأولى وكما كان متوقعا «لازم تصريح». هكذا قال الضابط الذى أشار إلى أنه أحد القيادات المهمة بمركز ناهيا بدائرة كرداسة الانتخابية، وبعد إصرار وتأكيدات بأن هناك تعليمات من رئيس اللجنة العليا للانتخابات عكس ذلك. قال: «طب لازم استأذن القيادات الأول». فى ركن بعيد نسبيا عن المدخل كانت «القيادات»، متمثلة فى ضابط أكبر مرتديا ملابس مدنية، قال عنه الضابط الأول فيما بعد إنه من مباحث أمن الدولة ثم عاد وقال إنه مفتش بالأمن العام. فى الطريق بين لجان الاقتراع كان الضابط الأول، بمركز ناهيا، حاضرا دائما ويتدخل بملاحظاته كلما رأى ذلك. «ده من الإخوان، شايف بيعملوا مشكلات إزاى» فى إشارة إلى ناخب إخوانى كان يحاول أن يرد على «شتائم» لمندوب مرشح الوطنى، قالها فى مواجهة ناخب آخر كان يقول إنه «يتم تسويد البطاقات بالداخل». بعدها بقليل، أمام لجنة أخرى، كان ناخبان آخران يشتكيان من عدم تمكنهما من العثور على اسميهما فى الجداول، وهى الشكوى التى كانت تتكرر كثيرا هذا اليوم. أحدهما قال: «البيانات معكوسة. اللجنة إللى مفروض الحرف الأول من اسمى موجود فيها، اسمى مش موجود فيها، والشياخة اللى تابع ليها موجودة فى لجنة تانية». وحين علا صوت الناخب قليلا «عمال طالع نازل ومش لاقى اسمى أعمل إيه يعنى»، صاح الضابط غاضبا: «مش لاقى اسمك خلاص امشى.. ما تعمليش مشاكل هنا، يالله محدش يقف هنا». مدفوعا بصياح الضابط، خرج أحد الموظفين يقول بأعلى صوته هو الآخر «اللى صّوت يمشى.. مش عايز حد يقف هنا»، لكن ما أن اقترب منه الضابط حتى قال له بحسم: «خش لجنتك.. مالكش دعوه بأى حاجة تحصل بره»، وهو ما أذعن له الموظف ونظر للأرض. كانت الساعة تقترب من الواحدة ظهرا، و«وجبة الحزب الوطنى» (مشويات وطحينة) قد حضرت، وبعض الموظفين يتناولون غذائهم بنهم. بالقرب من مدخل مركز الاقتراع لم يكن الضابط ذو الملابس المدنية موجودا. نظر الضابط المرافق يمينا ويسارا، وقال: «تلاقيه بيصلى».. ثم استدرك ضاحكا: «تلاقيه إخوان هو كمان». يمكنكم متابعة مزيد من التغطيات من خلال مرصد الشروق لانتخابات برلمان 2010 عبر: مرصد الشروق عبر فيس بوك مرصد الشروق عبر تويتر