5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن نضحى بالأم والأب والجنين من أجل إنقاذ الداية
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 05 - 2009

كان الحديث الأسبوع الماضى عن الأزمة العالمية التى طالت الجميع.. وكنا قد أسهبنا فى وصف كيف اتلزق كل منا على قفاه.. مما جعله يضطر لمواجهة نفسه والتفكير فى وضعه.. وترك اللطم جانبا ومحاولة البحث عن حلول.
وبصفتى أحمل شرف الانتماء إلى صناعة السينما المصرية.. فقد رأيت أن من واجبى أن أحاول وضع روشتة علاج من وجهة نظرى المتواضعة لما قد يصيب هذه الصناعة المصرية الرائدة من وعكة حادة قد تتحول إلى مرض مزمن إذا لم نلتفت للوضع الراهن ونخطط للمستقبل.
ولكن مناقشة وضع السينما الراهن يجب ألا تتم باعتبارها كائنا هرما مستضعفا نال منه الوهن وأصابت عظامه الخشونة ولحس عقله الألزهايمر.. فهى ليست صناعة متواضعة ولا ناشئة ولا غلبانة وجب سحبها من يدها والتسول بها على أبواب الحكومات والأجهزة والوزارات.. وعلينا أن نتوقف كثيرا.. ونراجع أنفسنا أكثر.. ونستدعى كل الكبرياء ونحن نتحدث عنها ونسعى لعلاجها.
فهذه هى السينما المصرية.. فإذا كان أول عرض سينمائى تجارى فى العالم بدأ فى باريس فى ديسمبر 1895.. فإننا بدأنا أول عرض تجارى لنا فى مصر بعده بأيام فى يناير 1896 فى الإسكندرية فى مقهى زوانى.. ثم تبعناه فى نفس الشهر بالعرض الثانى فى القاهرة فى سينما سانتى.. ثم بدأ التاريخ يضم بين صفحاته قصص المحاولات والانتصارات.. وبدأت سجلاته تدون عناوين أعمال لا تنسى وأسماء رصعت سماء الصناعة وسماء مصر كلها.. أسماء استخدمت حروفها فى بناء المعابر الثقافية لكل الجيران المحيطين بنا.. بل وشكلت وجدانهم مثلما شكلت وجداننا.. كان الفن يصنع فى مصر.. فيضعنا فى المقدمة.. ثم يخرج إلى حدود الجيران فيقتدون بنا.. ويقلدوننا.. ويتباهون بأنهم يتحدثون بلهجتنا ويرتدون أزياءنا ويضحكون مثلنا.. وتتلمذ على أيدى أساتذتنا تلاميذ كثيرون.. إن كان فى مجال الأدب السينمائى أو الإخراج أو التمثيل أو الغناء أو الرقص.. بل لقد هاجر الكثيرون إلى قلب عاصمتنا ليقدموا فنونهم ووجدوا الحضن الدافئ من الأم المعطاءة.. احتضنتهم بكل الثقة والسمو.. وفتحت ذراعيها لينهلوا من ثرائها الثقافى.. وعندما كبروا باهت بهم الأمم.. وأضافت إلى سمائها نجوما جديدة دون النظر للنوع أو الجنسية أو الديانة.. وإنما كانت الهوية تحمل خانة واحدة.. فنان عظيم فى فيلم مصرى.
هذه هى الصناعة التى يجب أن نتحدث عنها.. وعندما طالبت أن يكون لها أربعة آباء شرعيين.. كان الهدف أن ينتبه الكثيرون إلى أن فى بلدهم صناعة بهذه العظمة لا تتمتع بأى غطاء شرعى حقيقى.. تسببنا كلنا فى أن نجعلها من سكان العشوائيات.. فيحكم تصرفات أهلها عدم الشعور بالأمان.. وينتقل اليهم سلوك سكان العشوائيات.. ينظر كل منهم أبعد ما ينظر إلى بوز حذائه.. يبحث عن مصلحته الحالية فقط حتى لو أدى تحقيق هذه المصلحة إلى دماره هو مستقبلا.. فهل هذا غباء؟.. لا.. إنه سلوك من لا يضمن غده.. من يعلم أنه فى حالة تعرضه لأزمة ما لن يجد أى سقف يحتمى تحته.. ولا قانونا حقيقيا متطورا طبقا لتطورات وآليات السوق يأخذ به حقه.. والأمثلة على ذلك كثيرة يضيق بها المقام.
كان الاقتراح أن يكون الآباء الأربعة هم وزارة الثقافة.. وزارة الصناعة.. وزارة الإعلام.. ثم غرفة صناعة السينما التى يجب أن تكون المعلم والموجه لكل هؤلاء بحكم أن أعضاء مجلسها يدهم فى النار ويعلمون أدق تفاصيل الصنعة.. شريطة أن يتم نسف المجلس الحالى!
أعلم أن هذا التصريح سوف يجلب على الكثير من اللوم والعتاب والشجب والاعتراض.. ولكنى أذكر الجميع أن أول أصبع اتهام أوجهه إلى نفسى قبل أى أحد آخر.. فعندما حلت الانتخابات الماضية للمجلس.. اجتمع المنتجون والموزعون وأصحاب دور العرض الحاليون وهم تقريبا فى مجملهم يشكلون الكتلتين اللتين تهيمنان على الصناعة بشكلها الحالى باستثناء نسبة ضئيلة يمثلها جهاز السينما.. واتفقنا على ترشيح أنفسنا وإعطاء أصواتنا لبعض حتى نضمن الوجود بالمجلس.. وكان الهدف هو أن نكون فى موقع السلطة واتخاذ القرار بما لنا من مصالح تشكل فى مجموعها أهم مقدرات الصناعة.. وأن أى أحد آخر لن يرى المشاكل من جميع الزوايا كما يمكن أن نراها نحن.
بدأنا فعلا فى اجتماعات المجلس وقد عاهدنا أنفسنا على أن نترفع عن خلافاتنا وصراعاتنا.. والحروب الشرسة الضارية التى نخوضها ضد بعضنا البعض.. الشركة العربية ممثلة فى شخصى.. والتحالفات المنافسة.. والتى ذاع صيتها ووصلت آثارها إلى الجمهور العادى وغير المتخصص وذلك عبر أخبار الصحف ولقاءات التلفزيون إلى آخر تلك المواضيع.. واتحدنا فعلا فى بعض الأمور السطحية أو العامة التى لا تمس المصالح المباشرة من بعيد أو قريب.
إلا أن الأمور تتطور بسرعة رهيبة فى شأن هذه الصناعة حالها حال كل مجالات الدنيا.. كما يتطور العلم والتكنولوجيا.. تتطور قواعد التوزيع والتسويق.. وتتطور أيضا المشاكل والأزمات.. ومع تطورها تزداد تعقيدا وصعوبة بحيث تحتاج إلى استحداث خبرات جديدة غير الموجودة حاليا لمواجهتها.
فلم يعد ما نناقشه يدور فى فلك ضريبة الملاهى.. ولا السهر لما بعد الثانية عشرة.. ولا تخفيض أجور النجوم والعاملين.. ولا مشاكل التوزيع العادية.
بل أصبح الأمر يحتاج إلى فريق قانونى قوى ومتفرغ ولديه علاقات عميقة ومتشعبة ليتصدى لتغيير قوانين كثيرة واستحداث قوانين أخرى جديدة لدى مجلس الشعب ومختلف الجهات، وذلك لأن القانون البالى أمس يصبح مع تفاقم المشاكل رثا عتيقا يحتاج لتغيير جذرى وليس ترقيعا بمواد متناثرة هنا وهناك.. على أن يكون هذا الفريق مدعوما بقوة وسيادة الوزارات الثلاث.
يحتاج الأمر إلى فريق يضع دراسات ميدانية للأسواق الحالية والمستقبلية مع استحداث وسائل البث المتلاحق.. وإعادة تفنيط حقوق الأفلام وخرائط التوزيع على أن يتمتع هذا الفريق بقوة فرض قرارات مساندة أو مقاطعة لأى دول أو أسواق تفرض حصارا أو قيودا على الفيلم المصرى شأنه فى ذلك شأن أى دولة لديها صناعة رائدة تحافظ عليها دون النظر إلى المصالح الشخصية الوقتية أو العلاقات المزعومة الواهية.
يحتاج الأمر إلى فريق يتمتع بعلم التسويق الدولى والعلاقات الدبلوماسية ليخاطب الدول التى تخرج عن الإطار التقليدى للتوزيع البدائى الذى نمارسه الآن.. مع ملاحظة أن خريطة الدول التى يتم توزيع الأفلام فيها تتقلص يوما بعد يوم.. هذا الفريق يجب أن يضم شبابا يتقنون اللغات الأجنبية المتعددة، ومطلعين على قوانين حماية المصنف فى الدول الخارجية لدى السفارات ومكاتب التمثيل التجارى والمكاتب الفدرالية التى تحمى المصنف من القرصنة وتفرض هذه الحماية على الدول التى يعرض بها الفيلم.
كما أن اشتراك الوزارات الثلاث سوف يدعم إمكانيات الغرفة فى رصد الحقوق سواء المستغلة بشكل شرعى أو المنهوبة بوضع غرفة مراقبة ضخمة ترصد عروض أو بث الأفلام على أى وسيلة عرض فى العالم.. ودعم الغرفة بمكتب قانونى دولى يقوم بمطالبة أى وسيلة عرض أو بث بحقوق الفيلم المنهوبة فى أى دولة من الدول وذلك برفع قضايا تعويضات فى المحاكم الدولية.
المطلوب كثير جدا.. يفوق بكثير جدا طاقات أعضاء المجلس الحالى بأكمله.. فأعضاء المجلس مشغولون بالمشاكل اليومية المتفاقمة لدرجة النظر تحت أقدامهم لإنقاذ اللحظة واليوم والساعة.. والسبب.. عدم الأمان كما قدمنا.. ولذلك.. أرى أن نبدأ فى وضع خطة مبدئية لتحقيق كل ما سبق إذا اتفق معى الجميع.. بحيث تصبح الفترة المتبقية من الدورة الحالية هى فترة إعداد لتسليم الغرفة إلى كتيبة جديدة من الشباب الدارس الواعى المنتخب بدقة شديدة من قبل جميع المعنيين.. شريطة ألا تضم هذه الكتيبة أى شخص لديه ازدواجية من أى نوع.. ولا مصلحة مباشرة مع أى جهة.
أما نحن.. المجلس الحالى.. فيجب أن نتنحى جميعا عن إدارة المجلس.. ونضع أنفسنا تحت أمر الهيكل الجديد فى شكل لجان متخصصة تنصح وتوجه وتقدم الخبرة لتصويب القرارات التى قد تخرج بشكل عشوائى بسبب قلة الخبرة دون أن نشعر أن هذا قد انتقص من مكانتنتا أو قلل من الأبهة الشكلية فى وقت يجب علينا فيه أن نتحرك بشكل علمى واع لنترك للأجيال الجديدة السينما التى نحلم بها.
أما إذا استمررنا فى الحوسة التى نعانى منها الآن.. والتخبط فى القرارات.. وظللنا نجامل هنا.. ونتغاضى هناك.. متخيلين أننا ننقذ الصناعة.. فلن ينتهى الأمر إلا ونحن قد ضحينا بالأم والأب والجنين لننقذ الداية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.