لم يكن يدرك الفتى الصغير ألكسندر بورتشيلى، وهو يصرخ فى 11 سبتمبر معلنا كراهيته للعرب والمسلمين أنه سيصبح واحدا من هؤلاء المسلمين، وأنه سيسعى جاهدا لتعلم اللغة العربية بعد أن يتجاوز عمره ال21 عاما. الاختلاف الكبير الذى حدث فى حياة بورتشيلى بدأ عندما التحق بجامعة جورج تاون، ليدرس علم النفس والفلسفة، وللوفاء بمتطلبات التخرج بدراسة لغة ثالثة، قرر الكسندر أن تكون هذه اللغة هى العربية، رغبة منه فى التعرف على حياة هؤلاء العرب الذين كان يبغضهم، وخلال دراسته اللغة العربية تعرف على الإسلام والتاريخ الإسلامى. قرر ألكسندر أن يسافر إلى تونس من أجل استكمال دراسته للعربية. واختار أن يقوم بدراسة اللغة العربية من خلال نظام الاستضافة، بأن يقيم لدى أسرة تونسية، حتى يتحدث العربية طوال الوقت ولا تقتصر المعرفة على الدراسة فقط، وبدأ ألكسندر رحلته فى سبتمبر 2008. حاول ألكسندر أن يخوض التجربة كاملة، وأن ينغمس فى الثقافة العريبة، بأن يعيش تجربة الصيام بعد أن قرأ عن الفريضة الإسلامية وفوائدها فى كتاب مترجم للإمام الغزالى. يقول ألكسندر انه تعلم من الصيام أن يتوقف عن الطعام رغم أنه حاجة ضرورية من حاجات النفس البشرية، «وبعدها تساءلت بينى وبين نفسى لماذا لا أتوقف عن الغضب طالما أننى قادر على التوقف عن الطعام؟». اختلاط الكسندر بالمجتمع الإسلامى ومعرفة عاداته وتقاليده جعلته يحب حياة هؤلاء المسلمين الذين كرههم بعد أحداث 11 سبتمبر. «وجدت فى الفكر الإسلامى ما كنت أؤمن به وأنا فى مرحلة الطفولة من مبادئ أخلاقية منها المساواة بين البشر، والصلة بين الإنسان وربه» يتحدث بورتشيلى. يقول ألكسندر انه عندما كان يدرس الدين الإسلامى فى جامعته جورج تاون بدأ يتعرف على أشياء أعجبته كثيرا مثل الوضوء الذى يعتبره بورتشيلى بمثابة تذكير من الله لمخلوقاته بأهمية الوقت «الصلاة ليست فقط علاقة بين الإنسان وربه، بل هى أيضا بمثابة تذكرة من الله للإنسان بأهمية الوقت. لذا شرع الله على عباده الصلاة فى خمسة أوقات مختلفة من اليوم». وحين قرر ألكسندر بعد هذه الرحلة الروحية الطويلة أن يعتنق الإسلام، لم يجد معارضة من أهله أو من حوله، «عائلتى بدأت تلاحظ أننى ابتعدت عن الكثير من الأفعال السلبية التى كنت أقوم بها. ولم يسألنى أحد لماذا اخترت هذا الدين، أو يلومنى على قراره، فالمجتمع الأمريكى يسمح بالاختلاف». يرى ألكسندر أن الإعلام العربى يبالغ فى تصوير كراهية الأمريكان للعرب بعد أحداث 11 سبتمبر، ويؤكد أن الأحداث العنصرية فى الولاياتالمتحدة ضد المسلمين «مجرد أحداث فردية ولا تعبر عن المجتمع الأمريكى كله» يقول بورتشيلى إن القس الذى طالب مؤخرا بإحراق المصحف هو شخص معروف عنه الجنون، والكثير من الذين يعيشون حوله فى ولاية فلوريدا يقولون إنه إنسان مكروه وغير مرغوب من المحيطين به. الشعور بالكراهية تجاه العرب والمسلمين لدى بورتشيلى تحول إلى اقتناع بأن من يقومون بأحداث لإرهاب أى مجتمع «لا يعرفون شيئا عن الدين الإسلامى، ولديهم العديد من المشاكل كالفقر والبطالة والجهل هى التى دفعتهم إلى ارتكاب هذه الجرائم التى تخالف كل الشرائع السماوية» على حد تعبيره. ويقول الكسندر أنه يجب على المسلمين سواء داخل المجتمع الأمريكى أو أى مجتمع آخر أن يجتهدوا ويحاولوا أن يمثلوا دينهم بشكل جيد من خلال معاملتهم اليومية، لتعريف الآخر ما هو الدين الإسلامى لتصحيح الصورة الخاطئة لأن عملية تصحيح صورة الإسلام داخل المجتمع الأمريكى من وجهة نظر بورتشيلى عملية تسير ببطء وسوف تستغرق الكثير من الوقت