كتب مايكل توماسكى رئيس تحرير صحيفة «ديمقراطى» الليبرالية (Democrat) فى مدونته على موقع الجارديان قائلا إنه فى الثانى من نوفمبر قبل الماضى، حدث التغيير الذى أثار الدهشة. ففى تلك الليلة، بلغت بهجة الليبراليين الأمريكيين عنان السماء، وأثبت الأمريكيون أن باستطاعتهم انتخاب رجل أسود لأرفع منصب فى البلاد، وجعلوا العنصرية خطيئة بلدهم الكبرى أمرا من الماضى. وفى معرض حديثه عن الاستعداد للانتخابات الاخيرة قال إن الليبراليين الأمريكيين الغارقين فى مستنقع يأسهم العميق يعانون من خيبة الأمل، مثلما عانوا فى كارثة فلوريدا عام 2000، بسبب توجهات عدد من كبار المرشحين فى هذه الانتخابات ومنهم رجل يعترف بأنه كان فى الغالب سيعارض قانون حقوق الإنسان التاريخى فى عام 1964 وهو راند بول المرشح عن ولاية كنتاكى. ومنهم شخص آخر يدعى جو ميلر وهو المرشح عن ولاية ألاسكا، والذى استأجر فرقة خاصة من أفراد العصابات شبه فاشية التى قامت باحتجاز صحفى، وتراجعت شعبيته فى الاستطلاعات الأخيرة؛ وهناك كتيبة من المرشحين المماثلين الذين يأملون فى الإطاحة بمعاشات التقاعد الحكومية وأية قيود مهمة تفرض على سلطة الشركات. «فكيف حدث هذا التغيير الهائل فى السياسة الأمريكية؟» يقول توماسكى. لقد انتقل الجمهوريون إلى اليمين خلال سنوات حكم بوش. ولكن الأمر الأكثر أهمية هو أن الخطاب المحافظ صار على نحو متزايد متعصبا وحادا ومتطرفا ومثيرا للقلق؛ ففى عام 2008 تصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعا كتاب روَّج بجدية لفكرة أن أدولف هتلر «رجل ينتمى إلى اليسار»، وصار بمثابة كتاب مقدس بالنسبة لملايين المحافظين. أما وودرو ويلسون، الرئيس الديمقراطى الذى عرفه معظمنا كرئيس مثالى تقدمى متواضع، كان يعتبر فى نظر اليمين أول حاكم فاشى لأمريكا. وكون الاقتصاد فى حالة مفزعة (حيث إن معدل البطالة ارتفع إلى 9.6% ولم ينخفض لمدة عام)، وكون رئيسنا ذا خلفية تشجع على التلفيق التآمرى، وإضافة إلى سياسات كان من السهل وصفها بأنها «اشتراكية» (إنقاذ الشركات) أو باعتبارها تخفف العبء عمن لا يستحقون (المساعدات فى قطاع العقارات)، كانت النتيجة التالية حتمية، وهى: الشاى المسموم الذى قرر الناخبون الأمريكيون احتساءه فى نوفمبر الحالى. ويوجه توماسكى اللوم إلى أوباما أيضا، والديمقراطيين بوجه عام. فهم لم يدافعوا أبدا عن اعتقاداتهم عما يجب أن يكون عليه المجتمع فى وجه الهجوم الشعبوى اليمينى. وأثناء انقسامهم بين جناحيهم الوسطى والليبرالى، شهدوا البرق قادما فى الأفق وهرعوا بحثا عن غطاء. ولا أعتقد أن هذه النتيجة المخيفة تنذر بإعادة اصطفاف تدوم إلى أجل غير مسمى، ويختم المقال بالقول إنه لم يكن يعتقد ذلك فى عام 2008. «فنحن، فى أمريكا، نمر بفترة تشهد انقساما وتقلبا ملحوظا، وينتشر فيها الإحباط ونفاد الصبر. وليس مرجحا أن يكون إرث هذه الانتخابات طويل الأجل، ولكن على المدى القصير سيكون مهما».