من المتوقع أن تشهد المدن الفرنسية اليوم احتجاجات أقل من الأيام السابقة ضد تعديل قانون التقاعد، الذى من المفترض أن يكون مجلس النواب قد صادق عليه أمس بعد مثول الصحيفة للطبع. وكان مجلس الشيوخ قد أقر التعديل مساء أمس الأول بتأييد 177 مقابل 151 نائبا، وبعد تمريره فى مجلس النواب يتبقى مصادقة الرئيس نيكولا ساركوزى عليه، ونشره فى الصحيفة الرسمية ليصبح سارى المفعول. وشهدت شوارع عدد من المدن أمس الأول تظاهرات شارك فيها مئات الطلاب، وفى باريس تجمع الطلاب أمام مبنى مجلس الشيوخ، رافعين لافتات مكتوب عليها: «شباب ضد إصلاح نظام معاشات التقاعد» وطالبوا الحكومة بإعادة النظر فى خططها». ورغم أن ملايين الفرنسيين شاركوا حتى الآن فى الاحتجاجات على تعديل نظام التقاعد، الذى يرفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما، ولا يحظى بشعبية، فليس من المتوقع أن تكون احتجاجات اليوم حاشدة، لسببين، هما بداية عطلة نصف العام أمس الأول، والتى تستمر حتى مطلع الشهر المقبل، وأخيرا إن شروخا بدأت تظهر بين النقابات العمالية التى حشدت المحتجين فى الأيام الماضية. ويختلف «الاتحاد العام للعمل» و«الاتحاد الفرنسى الديمقراطى للعمل» بشأن الموقف الذى ينبغى اتخاذه فى المستقبل القريب، فبينما يطالب زعيم «الاتحاد العام للعمل» برنار تيبو مواصلة الاحتجاجات مهما كان الثمن، أعرب أحد مسئولى «الاتحاد الفرنسى الديمقراطى للعمل»، فرانسوا شريك، عن استعداده للدخول فى مفاوضات مع الحكومة لتصفية بعض الملفات العالقة، مثل توظيف كبار السن والشباب. وقد حدث تحسن طفيف فى توزيع الوقود، إذ أنهى عمال ثلاث مصاف لتكرير النفط، وأعيد فتح العديد من مستودعات الوقود، إلا أنه رغم عودة الوضع تدريجيا إلى طبيعته، فإن تسع من أصل 12 مصفاة فى باللاد لايزال عمالها مضربين عن العمل. وبهذه التطورات على الساحة الميدانية والنقابية، تكون السحب التى لبدت سماء الرئيس ساركوزى قد انقشعت بعض الشىء، رغم تدهور شعبيته بشكل واضح. من جهته، ندد الأمين العام للاتحاد العام للعمل الفرنسى برنار تيبو أمس بوجود عناصر للشرطة بين المحتجين ترتدى شارات النقابات، إضافة إلى بعض الممارسات التى تتسبب فى اشتعال العنف، بحسب تصريحات نشرتها أمس صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية. ومن الملاحظ توارى الرئيس ساركوزى عن الساحة السياسية والإعلامية هذا الأسبوع، وهو ما أرجعته صحيفة «لوفيجارو» أمس إلى رغبة ملحة لدى الحزب الحاكم فى عدم تأجيج النيران فى مواجهة النقابات والطلاب الغاضبين. وتبرر الحكومة تعديل قانون التقاعد بأن صندوق المعاشات سيعجز عام 2030 عن سداد المعاشات، جراء ارتفاع متوسط عمر الإنسان فى فرنسا إلى 80 للرجال و82 للنساء، فى الوقت الذى تؤدى فيه قلة الإنجاب إلى قلة عدد الشباب فى سن العمل، وهم الذين يسددون الأموال لصندوق المعاشات.