هددت اللجنة العليا للانتخابات يوم الأحد الماضى بشطب أى مرشح يستخدم شعارات أو رموزا دينية فى الدعاية لانتخابات مجلس الشعب المقبلة. وبطبيعة الحال فإن هذا التهديد موجه فى الأساس إلى مرشحى جماعة الإخوان المسلمين، الذين يرفعون شعار «الإسلام هو الحل». مبدئيا هناك تناقض بين موقف اللجنة التى ترى هذا الشعار ذا طبيعة دينية وبين رأى المستشار كمال اللمعى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى، الذى قال ل«الشروق» يوم الاثنين الماضى إن هذا الشعار لا يخالف القانون أو الدستور، بل يدخل فى إطار حرية التعبير، ولم تصدر أى تشريعات تحرم استخدامه. ما لا يريد كثيرون أن يلتفتوا إليه فى هذه القضية هو: هل المشكلة فقط تنحصر فى استخدام الشعار؟! بمعنى آخر هل لو اختفى الشعار ستنتهى المشكلة؟! السؤال بطريقة أخرى.. هل تريد الحكومة مواجهة الإخوان بطريقة شاملة أم تحاربهم بالقطعة؟! معروف عن الإخوان أنهم عمليون براجماتيون، وعندما يرون ان الحكومة جادة فعلا فى تجريم الشعار سوف يغيرونه فورا إلى شعار آخر لا يكون بمثل وضوح الشعار الأول، وأعلنوا بالفعل وجود بدائل مثل «معا سنغير» و«معا سنواصل» و«نحمل الخير لمصر» و«معا من أجل التغيير»، وكل جمهورهم وأنصارهم سيعرفون أنها شعارات الإخوان. كل ما تفعله الحكومة هو حلول وقتية مسكنة ولن تحل جذور المشكلة. إذا كانت جادة فعلا فى محاربة التمييز على أساس الدين فعليها أن تسمح وتشجع على حرية ممارسة العمل السياسى لكل الأحزاب والقوى السياسية والوطنية، التى تقبل العمل فى النور وطبقا للقانون والدستور.. من دون عراقيل لجنة الأحزاب والاشتراطات الغريبة، التى تجعل صناعة قنبلة نووية أسهل كثيرا من خروج حزب سياسى حقيقى إلى النور. إذا فعلت الحكومة ذلك فى إطار إيمان حقيقى بتعددية سياسية وتداول للسلطة عبر صناديق الانتخابات فلن يكون وقتها هناك مشكلة تؤرق الحكومة أو المجتمع اسمها الإخوان أو الجماعات المتطرفة سواء كانت مسلمة أو مسيحية. قد يواجه المجتمع فى المراحل الأولى لحرية العمل السياسى بعض المشاكل والصعوبات والأوقات العصيبة والأصوات العالية، لكن ذلك يحدث فى كل مكان بالعالم ثم ينزوى ليصبح مجرد أصوات خافتة على هامش المجتمع. تأملوا الأحزاب الدينية والعنصرية المتطرفة فى البلدان الأوروبية جميعها لا تحصد أكثر من 10 إلى 15٪ فى أى انتخابات والأغلبية مضمونة دائما للقوى الرئيسية الديمقراطية، التى تعبر عن عموم الناس والتيار الرئيسى بالمجتمع. الحلال بين والحرام بين وبينهما الكثير من الأمور المشتبهات.. والحكومة للأسف اختارت «البين بين» وحسمت أمرها منذ زمن طويل.. وهو محاربة الإخوان ظاهريا واستخدام الأحزاب كديكور «لزوم المنظرة».. والاستقرار فى كرسى الحكم حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.