أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات حكمها في قضية الرشوة الكبرى بقطاع البترول، المتهم فيها عماد الجلدة، عضو مجلس الشعب سابقا، ورئيس شركة "أليكس أويل"، و7 آخرين، بتهمة تقديم وتلقي رشاوى مالية، نظير إفشاء معلومات سرية عن أماكن ومواقع تواجد البترول في مصر. وأكدت المحكمة، في أسباب حكمها الصادر، برئاسة المستشار طه أحمد شاهين، أنه استقر في يقينها أن المتهمين محمد عبد المنعم ضاحي، ومحمد بهي الدين نيازي، ومحمود صبري إبراهيم، وأحمد عبد الحميد محمد (الأول وحتى الرابع)، وهم من قيادات الهيئة المصرية العامة للبترول، هرعوا لاصطياد أصحاب ومسؤولي بعض شركات البترول الذين تقدموا لمزايدات للبحث والتنقيب عن زيت البترول، طرحتها الهيئة في أعوام 2002، 2003، 2004، 2005 في مناطق عدة. وأضافت المحكمة أن المتهمين عرضوا على ملاك الشركات أسرار المناطق المطروحة في المزايدات من بيانات ومعلومات وتقارير فنية وخرائط، وهي معلومات غير مسموح بتداولها، خاصة باحتمالات وجود البترول بتلك المناطق مشفوعة بشروح واضحة، وإعداد العروض المالية والفنية الخاصة بها، والتي تمكنوا من الحصول عليها اختلاسا أو الاستيلاء من جهة عملهم.. كما سعوا إلى إرساء تلك المزايدات على تلك الشركات، إخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص بين الشركات المتقدمة لتلك المزايدات. وأشارت حيثيات الحكم، إلى أن المتهم الأول محمد ضاحي، مساعد نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول للاتفاقيات والاستكشافات، طلب رشوة من المتهم السادس محمد إدريس، والمتهم السابع عماد الجلدة، وآخر سبق الحكم عليه -وهم من أصحاب شركة أليكس أويل للبترول- مبلغ 37 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل إفشائه وتسريبه بيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها، خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بالمناطق المطروحة بالمزايدات العالمية لعام 2002. وأضافت المحكمة أن المتهم الثاني "محمد نيازي"، مدير مساعد الاستكشافات والمناطق بالهيئة أخذ -إخلالا بواجبات وظيفته- مبلغ 10 آلاف دولار، على سبيل الرشوة من المتهمين محمد إدريس، وعماد الجلدة، وعمر الفاروق، أصحاب شركة أليكس أويل، مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها. وأضافت المحكمة -في أسباب حكمها- أن واقعة الرشوة تكاملت عناصرها القانونية، وتساندت فيها الأدلة المثبتة بالأوراق، مما يؤكد نسبتها وإسنادها إلى المتهمين، وثبوتها في حقهم على وجه اليقين، مشيرة إلى أن المتهمين جميعا أنكروا ما هو منسوب إليهم خلال التحقيق معهم، عدا المتهمين محمد إدريس وحسين فرج اللذين واصلا اعترافهما بوقائع الرشوة والتوسط فيها والمنسوبة لهما بأمر الإحالة الأصلي. وأكدت المحكمة، أن ما أقدم عليه المتهمون من سعيهم نحو اصطياد بعض المتقدمين للمزايدات المطروحة من الهيئة العامة للبترول، وأعدوا لهم العروض المالية، وأرشدوهم، وقاموا بإسداء النصح لهم وكل ذلك، ما أدى إلى فوز هؤلاء (أصحاب الشركات المتهمين) بتلك المزايدات؛ أطاح بمبدأ تكافؤ الفرص في المزايدات بما يمثل إخلالا جسيما بواجبات وظيفتهم. وأضافت المحكمة، أنه ترتب على تصرفات وأفعال المتهمين أيضا حرمان الهيئة العامة للبترول من حصيلة بيعها لحزم المعلومات للشركات المتقدمة للمزايدات، بما يمثل إخلالا صارخا من جانب تلك "الكوكبة الفاسدة" بواجبات وظائفهم، مقابل ما حصلوا عليه من مبالغ مالية وعطايا، قدمت لهم مباشرة أو بالوساطة على سبيل الرشوة. وأكدت المحكمة، أنها اطمأنت إلى أدلة الإثبات، وآنست إلى صدقها وصحتها وبراءتها من كل عيب، والتفتت عن إنكار المتهمين، ولم تقم له وزنا، مشيرة إلى أنه -أي إنكار المتهمين- وسيلة دفاع لم يقم على صحته ثمة دليل أو قرينة من الأوراق، كما التفتت عن سائر أوجه الدفاع الأخرى التي تناولت أدلة الإثبات بالتجريح والتشكيك، باعتبارها مجادلة موضوعية في تقدير ووزن تلك الأدلة.