لعل من أهم سمات الكتب التقليدية المعتادة هو أن الفرد يختلى بها عن كل ما حوله بشكل كامل، يعزل نفسه عن العالم المحيط به فى الحياة الواقعية ليجهز نفسه إلى دخول رحلة شيقة فى عالم افتراضى موازٍ يعيشه القارئ بكل جوارحه، وهو عالم الكتاب نفسه، الذى يطالعه القارئ ويستغنى به لساعات معدودة عن عالمه هو. ولكن إذا كان ما سبق هو من أهم الصفات المميزة لعملية قراءة الكتب التقليدية القديمة التى لم يعرف الإنسان غيرها حتى مؤخرا عند ظهور الكتب الإلكترونية فى القرن الماضى، فإن الأمر يختلف تماما حين يتعلق بعملية قراءة الكتب الإلكترونية عبر أجهزة القراءة الإلكترونية الحديثة، التى يستطيع القراء اصطحابها معهم إلى أى مكان يوجدون فيه. فقد لاحظ الكثيرون من مستخدمى جهاز الكمبيوتر اللوحى آى باد من آبل أو أى من أجهزة القراءة الإلكترونية الأخرى أنهم أثناء مطالعتهم للكتب الإلكترونية خارج المنزل عبر تلك الأجهزة، يسعى الناس إلى التقرب منهم، والتعرف على ماهية هذا الشىء، الذى يمسكونه فى أيديهم، ويتابعونه باهتمام، ويعملون على تجربة الجهاز ولمسه ومحاولة استخدامه أيضا، «تماما كما لو أنك تحمل مولودا جديدا بين ذراعيك»، كان هذا هو تعليق أحد مستخدمى آى باد على هذا الأمر. وفى الفترة الأخيرة ارتفعت مبيعات أجهزة القراءة الإلكترونية بشكل كبير، خاصة بعد انخفاض أسعار هذه الأجهزة، حيث أعلنت شركة أمازون منذ شهر تقريبا أن مبيعات جهاز كيندل للقراءة الإلكترونية، الذى تقدمه الشركة قد تضاعفت ثلاث مرات خلال العام الحالى مقارنة بمثيلاتها فى العام الماضى، وكانت الشركة قد خفضت سعر الجهاز فى شهر يونيو الماضى من 260 دولارا إلى 190 دولارا فقط، وأعلنت فى الشهر التالى للتخفيض أنه تم بيع 180 كتابا إلكترونيا فى مقابل كل 100 كتاب ورقى تم بيعها. ومع إمكانية مطالعة الكتاب الإلكترونى فى نفس الوقت، الذى يكون فيه المستخدم متصلا بشبكة الإنترنت، وهى الخاصية التى تتاح لعدد أكبر من المستخدمين بشكل مستمر، فإن مفاهيم القراءة الصامتة والخاصة فى حد ذاتها تتغير تدريجيا، حيث أصبح العديد من القراء يشاركون اقتباسات من الكتب، التى يقرأونها على مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، ويعلنون عن قراءتهم للكتاب أثناء القراءة، مما يفتح بابا للجدل والنقاش حول الكتاب مع مجموعة من أصدقائهم، الذين قرأوه من قبل أو شجعهم الإعلان على قراءته، وفجأة أصبحت قراءة الكتب عبر أجهزة القراءة الإلكترونية موضة حديثة يقبل عليها الشباب بقوة، ولم تعد مجرد تجربة فردية ينعزل فيها الفرد مع كتابه المفضل حتى نهايته. 2010: كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية. يحظر نشر هذه المادة أو إذاعتها أو توزيعها بأى صورة من الصور.