الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية اتصل بى الأسبوع الماضى معلقا على ما كتبته فى هذا المكان بعنوان (نصيحة إلى الدكتور عثمان) رجوته وقتها ألا يسخر من فقر المصريين عندما صرح بأن المواطنين لن يموتوا إذا لم يأكلوا سلطة وطماطم لمدة أسبوع. الوزير كان مهذبا فى كلماته وقال إن غرضه من الاتصال ليس النفى أو حق الرد بل مجرد التوضيح وأنه يشعر بمشاكل الفقراء وهمومهم ملقيا باللوم على بعض الصحفيين، الذين يخرجون بعض الكلمات أو العبارات من سياقها العام. ويبدو أن الدكتور عثمان أراد البرهنة على حبه للفقراء، حيث قال أمس الأول فى العين السخنة: (ليس من حق أحد أن يتحدث نيابة عن الناس، أنا أكاد أعرف الفقراء بالاسم). الوزير قال أيضا خلال حديثه فى مؤتمر عن دور القطاع الخاص فى تحقيق التنمية إنه ليس من المنطقى أن نأخذ من الغنى لنعطى الفقير أو نأخذ قطعة من الكعكة لنعطيها لفئة أخرى، ولكن الحل أن نزيد من حجم الكعكة، ثم دخل الوزير فى لعبة الأرقام التى يجيدها وتجعل كل من يحاول فهمها يضرب أخماسا فى أسداس ثم ييأس مكتفيا بفقره بدلا من أن يضيف إليه الجهل وعدم الفهم. وخوفا من أى التباس سألت الزميلة القديرة أميمة كمال، التى حضرت المؤتمر فأكدت لى أنها سمعت بأذنها الوزير، وهو يقول هذه الكلمات بالفعل. المؤكد أن الدكتور عثمان كان يداعب الصحفيين حينما قال إنه يكاد يعرف الفقراء بالاسم لأنه إذا فرضنا أن ربع المصريين فقط فقراء فهم 20 مليونا، وكلمة أكاد تعنى أن الوزير يعرف 19 مليونا منهم، وأغلب الظن أن الوزير لا يعرف أكثر من 20 فقيرا وفى أحسن الأحوال 120. أما ما لا يمكن اعتباره مداعبة فهو قول الوزير (ليس من حق أحد أن يتحدث نيابة عن الناس)، والمعنى الذى يقصده الوزير هو ليس من حق الإعلام التحدث عن الفقراء، والخشية أن تكون تلك هى طريقة تفكير الحكومة فى المرحلة المقبلة، وأنها المتحدث الوحيد باسم الناس خصوصا فى ظل الإجراءات، التى تستهدف الإعلام حاليا. الخطير فى كلام الوزير قوله إنه ليس منطقيا أن نأخذ من الغنى لنعطى الفقير، فالمنطقى أن الدولة تأخذ من الغنى الضرائب والجمارك والرسوم وحصيلة ذلك تذهب إلى الفقراء، وهو الأمر الذى يحدث على استحياء فقط. الوزير محق فقط فى مطالبته بزيادة حجم الكعكة، لكن يا سيادة الوزير ماذا نفعل ومعظم السياسات، التى تتبعها حكومتكم تقلل حجم الكعكة، وعدد من يتم تقسيمها عليهم. يا سيادة الوزير ماذا نفعل إذا كان البعض سرق الكعكة أصلا ولم يوزعها على أحد، عليك أن تتأمل كعكة الحديد مثلا كم شخصا يتقاسمها، ما هى أرباحهم الفعلية، كم يسددون من ضرائب، وكم يدفعون ثمنا للطاقة المدعمة، ثم تأمل أى كعكة أخرى من استيراد اللحوم والسلع الغذائية إلى الملابس ستجد هناك بضعة أشخاص يأكلون بمفردهم كعكة كبيرة فيصابون بالحمى ولا يجد غالبية الفقراء، الذين تعرفهم بالاسم حتى الفتات فيصابوا بالهزال والأنيميا وفقر الدم.