أتمنى على وزير التنمية الاقتصادية أن يراجع نفسه ويغير طريقته وهو يتحدث لوسائل الإعلام، ففى معظم المرات يتم ضبطه متلبسا إما بالوقوع فى مشكلة أو التحدث عن هموم الشعب بطريقة سافرة. الغريب أن هذا الوزير كان أستاذا وخبيرا فى معهد التخطيط القومى، والمفروض أنه كان قريبا من العمل السياسى، وأتصور أنه كان مؤمنا بالتخطيط ودور الدولة فى مرحلة ما من حياته الوظيفية.. وبالتالى يفترض أنه ليس وزيرا بيروقراطيا جاء من الجامعة إلى الوزارة من دون المرور بالعمل السياسى. رغم كل ذلك صارت معظم تصريحات الدكتور عثمان تثير المشاكل والأخطر غضب الناس وآخرها ما قاله ل«الشروق» فى عدد أمس السبت فى سياق حديثه عن أزمة الخضراوات والطماطم «أن الناس مش هيموتوا لو قعدوا أسبوع ماكلوش سلطة». قد يكون الوزير محقا فى أن الناس لن تموت لو لم تأكل السلطة، وقد يكون محقا عندما يتحدث عن بعض العادات الغذائية لدى المصريين، وهل الأفضل أن يستخدموا الخضراوات الطازجة دائما أن يلجأوا إلى المجمدة.. كل ذلك هى وجهات نظر تحتمل الصواب والخطأ والأهم أنها قابلة للمناقشة. لكن ما ليس مقبولا أن يصل للناس خصوصا الفقراء منهم أن المسئول أو الوزير الذى يفترض أن جوهر عمله هو خدمتهم وتسهيل طريقة حياتهم يسخر منهم ويتحدث عنهم بطريقة مهينة. ثم إن تلك هى المفارقة فإن الناس يا سيادة الوزير «تموت بسبب السلطة والطماطم» والدليل هو الخبر المنشور فى «الشروق» أيضا أسفل تصريحات معاليك وفيه أن عامل باليومية فى قرية المشاودة البحرية بجرجا فى سوهاج مزق جسد زوجته بالسكين بعد أن طالبته بشراء كيلو طماطم. لم يستطع شراءه لأن سعره أصبح عشرة جنيهات، وعندما عاد لمنزله خالى الوفاض قرعته الزوجة ودخل الاثنان فى مشادة انتهت بقتل الزوج للزوجة والسبب كيلو طماطم. سياسيا يمكننى اتهام الوزير والحكومة بالتسبب فى مقتل هذه الزوجة المسكينة، لأن مجمل السياسات التى تتبعها الحكومة تتيح للبعض الاحتكار ثم إن الوزير نفسه قال فى تصريحاته إن الحكومة لو كانت قد تدخلت فى وقت مبكر فى أزمة الطماطم، فربما كان الأمر قد أصبح أفضل. يا دكتور عثمان المواطنون قد يغفرون للوزير قلة حيلته أو حتى عدم قيامه بعمله لكنها لا تغفر له أن يسخر منهم. يا دكتور عثمان ارتفاع أسعار الخضراوات يؤثر على إنفاق الفقراء خلافا لتصريحاتك وتصوراتك، لأن معظم إنفاقهم يذهب إلى الطعام.. وإذا كنت لا تصدق عليك أن تتنكر ذات يوم وتدخل بعض منازل الفقراء وتسألهم وبعدها يمكنك أن تقول ما تشاء. يا دكتور عثمان يمكنك أن تجادل المستشار جودت الملط فى عدد وأرقام الفقراء فى مصر.. يمكنك أن تغير طريقة عرض الأرقام، بحيث يبدو أننا نحقق نسبة نمو أفضل من الصين وكوريا، يمكنك أن تقول ما تشاء عن عظمة الأداء الاقتصادى فى عهد سيادتكم.. لكن رجاء لا تسخر من الفقراء، لأنهم لن يسامحوك.