رغم أن مقر غرفة التجارة الأمريكية لا يفصله سوى شارع واحد، أو أقل من مائة متر، عن البيت الأبيض، إلا أن انتخابات التجديد المصفى للكونجرس فى الثانى من الشهر المقبل، زادت من التباعد بين إدارة الرئيس باراك أوباما والغرفة التجارية، ليصل الأمر لمستوى الحروب السياسية. فبينما قال أوباما إن الغرفة تمول إعلانات سياسية بشأن انتخابات الكونجرس لصالح الجمهوريين، واتهمها ب«تهديد الديمقراطية الأمريكية»، رد رئيس الغرفة توماى دونوهيو، متوعدا بإنفاق المزيد من الأموال على إعلانات سياسة ضد الرئيس والحزب الديمقراطى. أوباما يتهم الغرفة التجارية بتلقى أموال من شركات غير أمريكية تستهدف التأثير على سياسات معينة داخل الكونجرس، وقال مؤخرا: «علمنا أن أكبر الجهات التى تقدم أموالا لتستخدم فى الحملات الإعلانية الانتخابية، هى شركات أجنبية». وتعارض الغرفة وشركات التأمين إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية والتأمينات الصحية الذى أقرهم الكونجرس فى وقت سابق هذا العام، وتوعد الجمهوريون بإلغاء هذه القوانين حال سيطرتهم على الكونجرس. ولم ينف رئيس الغرفة فى رسالة لمجلس أمنائها حصول الغرفة على أموال من أفرع لشركات أجنبية داخل البلاد مسجلة قانونيا كشركات أمريكية. وترفض الغرفة الكشف عن مصادر تمويل إعلاناتها السياسية، ولا يضطرها القانون لذلك. وقد أنفقت الغرفة حوالى 10 ملايين دولار فى عدة ولايات تشهد معارك انتخابية حامية. وفى تلميح للغرفة، قال المتحدث الرسمى باسم البيت الأبيض روبرت جيبس: إذا كانت هناك منظمات تتلقى عشرات الملايين من الدولارات، ولا تريد الكشف عن مصادر فإن ذلك قد يشير إلى أن لديها شيئا تحاول إخفاءه. وتحدى البيت الأبيض الغرفة للكشف عن مصادر تمويلها، معتبرا أن الجمهوريين باتوا فى جيب الشركات الكبرى، مضيفا أنهم ينفقون عشرات، وربما مئات الملايين من الدولارات، دون أن يعرفوا ما هى أجندة الجهات الممولة أو من تمثل. إلا أن رئيس الغرفة رد بأن الأموال التى تحصل عليها من الخارج تتمثل فى عضوية الغرف التجارية الأجنبية، وهى مبالغ لا تمثل إلا نسبة صغيرة جدا من موارد الغرفة المالية البالغة 200 مليون دولار. وبحسب دراسة حديثة فإن تمويل انتخابات التجديد ستبلغ 3,4 مليار دولار مقابل 2,8 مليار دولار عام 2006. وكانت المحكمة الدستورية العليا قد رفعت فى يناير الماضى القيود على تمويل الحملات الانتخابية الوطنية من قبل الشركات ومجموعات الضغط والنقابات، فى خطوة تعتبر بمثابة ثورة فى القانون والممارسات الديمقراطية الأمريكية التى تقنن التبرعات والمساهمات المالية منذ أربعينيات القرن الماضى، رغبة فى ضبط وتقييد نفوذ رأس المال فى العملية السياسة. ويمثل الحكم هزيمة لإدارة أوباما وأنصار قوانين تمويل الحملات الانتخابية، والذين يقولون إن رفع القيود عن الإنفاق السياسى للشركات الأمريكية من شأنه أن يؤدى إلى إغراق النظام السياسى فى أموال الشركات. وحاليا يتمتع الحزب الديمقراطى بأغلبية فى مجلسى الكونجرس، ويحتاج أى من الحزبين فقط إلى 218 مقعدًا لتحقيق الأغلبية البسيطة. وقبل حوالى أسبوعين من الانتخابات مازالت استطلاعات الرأى تظهر تقدما طفيفا للجمهوريين على الديمقراطيين.