إن حجب المواقع في أغلب دول العالم يتم تحت منظور تحكمه سياسة البلد نفسها، فحجب المواقع ليس بالطريقة السهلة على أي مركز بث على الإنترنت في أي دولة، لكن عددًا من الدول أخذت هذا الخط تحت ظروف متعددة، قائمة ليست قصيرة، تشمل دولاً كلها شرقية، بعضها عربي، ومعظمها إسلامي. سوريا صاحبة السبق كانت سوريا صاحبة السبق في هذا الصدد، حيث ضمت السلطات موقع "فيس بوك" إلى عشرات المواقع الأخرى التي حجبتها في نوفمبر 2007، ودن سابق إنذار، استيقظ عشرات الآلاف من السوريين من رواد الموقع على حجبه عن الخدمة، بعد أن أنشأ عدد من الفنانين والمثقفين والكتاب صفحات شخصية ومجموعات أثارت قلق النظام السوري. يذكر أن سوريا، التي تخضع لحكم قانون الطوارئ منذ 1963، غيّبت قانون عمل الصحافة الإلكترونية، وسمحت للجهات التنفيذية بالتحكم بشبكة الإنترنت في البلاد، حتى إن وزارة الاتصالات في سوريا أصدرت أوامر لمديري المواقع، بمنع نشر تعليقات القراء على المواد الإعلامية بأسماء مجهولة، مع تهديد واضح بالإغلاق في حال عدم الاستجابة. مملكة البحرين.. مقص الرقيب مملكة البحرين لم تكن أفضل حالاً من شقيقتها سوريا، لكنها لم تحجب ال"فيس بوك" بشكل كامل، بل تدخل مقص الرقيب ليحجب ما يعتقد أنه موجه إلى النظام الحاكم، فقد رصد مركز البحرين لحقوق الإنسان في تقرير صادر قبل أكثر من عام، توجه السلطات في البحرين إلى توسيع نطاق الرقابة الإلكترونية، بحظر الوصول للكثير من الوصلات على هذا الموقع، من مواضيع تعتبرها السلطات حساسة أو معارضة لسياستها. وأضاف المركز، أن خدمات الرسائل القصيرة عبر الموقع ممنوعة، كما تم حجب عدد من البرامج والتطبيقات المدعمة للموقع من الاستخدام في البلاد، حيث قال نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان: "إننا نواجه حربًا ضروسًا ضد كل أشكال حرية التعبير، وإن هذه الحرب قد اتسعت لتشمل حتى المواقع الاجتماعية الشهيرة". إيران.. حجب الموقع قبل انتخابات الرئاسة في إيران، قامت السلطات بحجب الموقع قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الماضية، التي شهدت صراعًا غير محدود بين الجناحين المحافظ والإصلاحي، واستخدم الجناح الثاني الشبكات الإلكترونية في بث رسائله لأنصاره وللعالم الخارجي، حول تطورات الأوضاع في البلاد التي تخضع لحكم الولي الفقيه، وكانت لجنة "مصادق"، وهي هيئة مكونة من الاستخبارات ودائرة القضاء، أمرت بحجب الموقع، ثم رفع عنه الحجب لفترة قصيرة، وعاد بعد ذلك ليصبح الوصول إليه متعذرًا. وعلَّق على ذلك حينها متحدث رسمي باسم الموقع: "نشعر بخيبة أمل لمعرفة أن المستخدمين في إيران قد لا يمكنهم الوصول إلى الموقع، خصوصًا في الوقت الذي يحاول فيه الناخبون الدخول إلى الإنترنت، بوصفها مصدرًا للمعلومات عن الانتخابات والمرشحين"، وأضاف: "نعتقد أن الناس في جميع أنحاء العالم ينبغي أن يكونوا قادرين على استخدام الإنترنت وتبادل المعلومات مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل، من المؤسف عندما تؤدي الحالة السياسية إلى تضييق الفرص للتبادل الثقافي والتعبير عن الرأي على الإنترنت". تونس.. حجب ثم إعادة فتح بأمر رئاسي السلطات التونسية لجأت هي الأخرى إلى حجب الموقع الشهير عن 25 ألف مشترك، هم مجموع مستخدمي "فيس بوك" في البلاد حينها، في أغسطس 2008، وهي الخطوة التي لاقت الكثير من الاستهجان والاستنكار من قبل المواطنين والجمعيات الحقوقية، حيث يعتبره الكثيرون نافذتهم الوحيدة نحو العالم الخارجي، في الوقت الذي لم تعلن فيه أي جهة مدى صحة هذه المعلومات، إلا أن أصابع الاتهام أشارت إلى الوكالة التونسية للإنترنت. هذا المنع لم يستمر لأكثر من شهر، حيث تدخل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لإعادة فتح موقع "فيس بوك" لمستخدمي الإنترنت "حالما علم بغلقه"، بحسب تعبير مصادر مقربة له، بعد احتجاجات مدافعين عن حقوق الإنسان في تونس، حالما علم بغلق هذا الموقع من قبل مستخدمي الإنترنت في تونس". ليبيا.. حجب لعدة ساعات شهدت ليبيا أيضًا عمليات حجب ل"فيس بوك"، كان قد استمر لعدة ساعات، فيما بررته الشركة المنظمة للإنترنت في البلاد بأسباب تقنية بحتة، لكن تزامنه مع حملات أطلقها نشطاء ضد فساد أمناء اللجان الشعبية، كان كفيلاً بوضع عشرات من علامات الاستفهام، خصوصًا مع توقع دائم لمستخدمي الموقع في ليبيا، أنهم سيستيقظون يومًا ليجدوا موقعهم المفضل خارج الخدمة. باكستان.. حجب الموقع بحكم محكمة في مايو الماضي، حجبت الحكومة الباكستانية موقع التواصل الاجتماعي الشهير، بناء على أوامر من محكمة محلية، بسبب مسابقة لرسوم كارتونية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال مسؤولون إن المحكمة العليا في لاهور في شرق البلاد أصدرت القرار بناء على طلب من حركة المحامين الإسلاميين الذين يسعون إلى حجب الموقع، وتبعتها بنجلاديش المجاورة في سياسة الحجب، ولنفس السبب، ثم قامت السلطات الإندونيسية بتطبيق سياسات التضييق الإلكتروني على مرتادي "فيس بوك"، تمهيدًا لغلقه، لكونه "معاديًا ومسيئًا للإسلام"، على حد زعمها. الصين أيضًا منعت مواطنيها من الدخول على بعض الروابط عبر موقع التواصل الاجتماعي، "فيس بوك"، إثر اندلاع مصادمات عنيفة بين المواطنين والشرطة في مدينة أورمتشي في يوليو من العام الماضي، كما تعرض لتضييق في دخول المستخدمين في يوليو 2008، بعد نحو أسبوعين فقط من إطلاق نسخة "فيس بوك" المحلية الصينية.