منحة عيد الأضحى 2024 للموظفين.. اعرف قيمتها وموعد صرفها    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 2 يونيو 2024    أسعار مبادرة كلنا واحد 2024 مخفضة بنسبة 40% في عيد الأضحى.. اعرف أماكنها    البرلمان العربي يستنكر محاولة الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية" وتجريم أنشطتها    «لو خرجت من البيت».. 5 نصائح من «الأرصاد» للتعامل مع موجة الحر الشديدة    الدبلومات الفنية 2024.. جروبات الغش تتداول أسئلة وإجابات امتحان "تجاري"    قيادات «المتحدة» تبحث مع البابا تواضروس إنتاج أعمال عن التاريخ القبطي    جامعة حلوان تحصد العديد من الجوائز في مهرجان إبداع    وزير خارجية الإمارات: مقترحات «بايدن» بشأن غزة «بناءة وواقعية وقابلة للتطبيق»    للمرة الثانية.. كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية    أوكرانيا: تدمير 24 طائرة روسية بدون طيار من طراز «شاهد» خلال يوم    مواعيد مباريات اليوم الأحد 2-6 - 2024 والقنوات الناقلة لها    جامعة المنيا تفوز بثلاثة مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية    خبير: يجب وقف قرار رفع سعر الخبز لهذا السبب    بدء إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بمدارس القاهرة    إحالة تشكيل عصابي للمحاكمة بتهمة سرقة الدراجات النارية بالقطامية    بسبب سيجارة.. اندلاع حريق فى حي طرة يودى بحياة مواطن    بدء تشغيل قطار 1935/1936 ثالثة مكيفة «مرسى مطروح - القاهرة»    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    حزب الله: استهدفنا رادار القبة الحديدية في ثكنة يردن الإسرائيلية وأوقعنا الضباط والجنود    وسام أبوعلي: معظم عائلتي استشهدت    تكدس مروري بالطريق الزراعي بسبب انقلاب سيارة في القليوبية    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    نبيل فهمي: نتنياهو يعمل من أجل مصلحته وفقد اتزانه لتحالفه مع اليمين المتطرف    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرج أوليفر ستون يواصل كشف رموز الفساد فى فيلمه الجديد
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 10 - 2010

قليلون هم المخرجون الذين يتمسكون بأحلامهم وأهدافهم ومواقفهم، لا يحيدون عنها عبر الرحلة والمشوار، فهؤلاء الحياة لديهم فكرة يضعون أساسها ومنهجها ويقوون من عزيمتها.. يدافعون عن مبادئها حتى لو كانوا يعزفون ضد التيار طوال الوقت.
من بين هؤلاء المخرج الأمريكى أوليفر ستون الذى خاض بأفلامه حروبا ضد ممارسات ونظم سياسية وتيارات اجتماعية ليفضح ما بها من زيف وخداع وتلاعب بمجريات أمته تحت شعار «الضرورات تبيح المحظورات».
وفى فيلمه الأخير «وول ستريت: المال لا ينام»، حاول أوليفر ستون عبر صورته الواقعية المؤلمة المعهودة أن يكشف كيف يتم التلاعب بأموال البشر، وقد مهد الأجواء لذلك عبر تصويره عمليات خداع كبرى تدور رحاها بين أرجاء شارع المؤسسات المالية الشهير وبورصته، ووضع يده على موطن الجرح وهو شهوة وإغراء المال، ووسط زحام المشاهد المتتالية ذى الإيقاع السريع لعمليات غسيل الأموال داخل البورصة والتلاعب بمقدرات الأسهم والحياة الاقتصادية تحت غطاء سياسى على أعلى مستوى، يطرح ستون جملته الشهيرة (المال لا ينام أبدا.. قد تغفو عيناك لكن المال يبقى يقظا فى مخدعك.. قد تتوقف دقات قلبك لكن المال ينبض بالحياة).
كان الشىء الأهم الذى شغل بال المخرج الأمريكى هو أن الأجيال الجديدة أكثر بشاعة وطمعا واستعدادا للتلاعب بالأموال بطرق غير مشروعة، وأن الحكومات والسياسات هم من يضعون البذرة الأولى والأساسية لكل الأزمات المالية، التى تهز ليس فقط أمريكا بل العالم كله. كشف ستون أن لعبة المصالح هى السائدة، وأن ساسة أمريكا يتواطئون مع أصحاب البنوك الكبرى فى هز سوق المال كله والتحكم فيمن يجلس على عرشه.
فى النسخة السينمائية الجديدة من «وول ستريت» وبعد مرور 23 عاما على الجزء الأول، الذى بهر العالم فنيا وفكريا، يعود المضارب الأمريكى جوردون جيكو «مايكل دوجلاس» بعد أن قضى 7 أعوام فى السجن نتيجة عمليات غير مشروعة والمستعد للقيام بأى شىء آخر حتى يصل إلى القمة وشعاره فى ذلك «الجشع الجيد».
جوردون يخرج من السجن ليؤلف كتابا عن تجربته يمنحه شهرة أوسع، لكنه فقد التواصل مع ابنته التى لم ترض يوما عن عمله، ويعيش فى الوقت نفسه أزمة بُعده عن السوق، التى يعشقها، وخلال مسعاه للعودة للمجتمع وابنته يتحالف مع خطيبها جاكوب المهووس بالبورصة وبجمع المال أيضا، حيث يعمل سمسارا فى وول ستريت، وفى هذا التحالف يحاول جوردون أن يقنع جاكوب بأن يساعده مقابل أن يصالحه على ابنته، لكن جوردون يواصل التلاعب بمن حوله ويعود من جديد للأجواء وتحقيق أموال طائلة مستغلا كل ثغرات السوق والأزمة، وفى النهاية ومن باب العلاقة الإنسانية تضطر ابنته أن تصالحه وتسامحه فى مشهد مؤثر للغاية.
بدون شك يضع ستون شخصية مضارب البورصة لتكون أكثر تعبيرا عن النماذج الفاسدة، التى حولت الحلم الأمريكى الكبير إلى منفعة خاصة، وليزداد مؤشر هذا الحلم اهتزازا، بل ويكاد يتلاشى أمام أطماع الجشعين، وبدون شك أيضا يجىء حضور النجم مايكل دوجلاس أكثر توهجا وبريقا وتماسكا رغم مرور هذه الحقبة الطويلة على أدائه نفس الشخصية عام 1987والمبشرة بانهيار أسواق المال عبر هذه البورصة الشهيرة،
ونال عنها الأوسكار، وكم كانت لسطوة أدائه الواقعى فى النسخة الجديدة مفعول السحر ليعيد من جديد قراءة المشهد داخل عالم المال. والواقع أنه بذل جهدا كبيرا لتبقى خيوطها كامنة وحاضرة داخل عقله وفكره ووجدانه، وكأنه كان فى حاجة لمثل هذا الدور ليتلاشى معه الإحساس بالألم، الذى عبّر عن نفسه مؤخرا وكشف إصابته بالسرطان. وإذا كان «وول ستريت» به بعض التطويل، فإن هذا التطويل ذابت شوائبه عبر أداء رائع لنجومه، فبالإضافة لمايكل دوجلاس كان هناك كارى مولجان، التى جسدت دور ابنته «وينى»، حيث قدما معا عددا من المشاهد ولا أروع فى العلاقة بين رجل المال وابنته الناقمة على مهنته، وكذلك النجم الصاعد شيا لوبوف، الذى نضج كثيرا فى دور جاك.
على جانب آخر جاءت اللقطات التسجيلية فى سيناريو ألان لويب ذى الإيقاع اللاهث لمضاربات البورصة بمثابة صرخات متتالية تعود للحياة مع استقرار الأسهم، ويتوقف نبضها عند الهبوط القاتل. أيضا جاءت الموسيقى التصويرية وسيطا إبداعيا للربط بين المشاهد المصدوم فيما يكشفه من حقائق وبين الكبار، الذين يسقطون واحدا تلو الآخر أمام الأعين.
الفيلم الذى عرض على شاشة مهرجان كان الماضى، ولم يحظ بنفس حماس نسخته الأولى، التى تناولت فى توقيت مبكر دور شارع المؤسسات المالية فى الحياة الاقتصادية واستحواذها كبار مالكى البنوك الجشعين، وهو ما أصبح مستشريا الآن، أراه وثيقة تسجيلية رائعة لإحدى قضايا المجتمع المعاصر، وهكذا كان دائما ستون ومنذ أفلامه ( جى أف كى ولد فى الرابع من يوليو نيكسون ولدوا ليقتلوا دبليو وورلدتريد سنتر فصيلة) دون أن يبالى بأى مردود تجارى، وهى جميعا تدين مواقف اجتماعية وسياسية وعسكرية أرقت وما زالت المجتمع الأمريكى عبر أجياله.
إن «وول ستريت» فضيحة أمريكية جديدة على أوراق البنكنوت تؤكد أن أمريكا ضد أمريكا، وأن أمريكا عندما تكون ضد نفسها فهى تبحث دائما عن مبرر شيطانى، وهذا الشيطان قد ينقلب إلى نهج دائم حتى لو سقطت كل أوراق التوت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.