عرف بإثارته للجدل وقدرته على اختيار الموضوعات التى تمس ليس فقط المجتمع الأمريكى ولكن تمتد لتشمل معاناة المواطن فى أماكن متفرقة من العالم حيث استطاع المخرج العالمى أوليفر ستون أن يجعل من أعماله السينمائية وسيلة لفتح باب الحوار فى القضايا الشائكة مما دفع البعض للاعتقاد بأنه مهاجم للسياسة الامريكية على طول الطريق، ولكن من ينظر بزاوية أخرى يجد أنه يحاول طرح حلول لهذه القضايا بل ويدافع عن المواطن الأمريكى ويحاول الوصول بمجتمعه إلى قمة الاستقرار من خلال الانتقاد والضغط على نقاط الضعف. وفى فيلمه الجديد «وول ستريت»: المال لا ينام الجزء الثانى يقدم لنا ستون شخصية جوردن جيكو التى يلعبها مايكل دوجلاس الذى يخرج من السجن بعد سبع سنوات تقريبا ولم يعد لديه سوى ابنته الوحيدة التى قررت ان تقطع كل صلتها به بعد موت شقيقها، معتقدة أن أزمته وسجنه هما السبب وراء ذلك ولكنها استمرت فى حياتها طوال تلك السنوات وارتبطت بشاب طموح يبحث عن الثروة والمال فيتفق مع مديره على ذلك وبالفعل يحصل على الكثير من المال ولكن يتفق ضده المستثمرون الكبار للإيقاع به وينجحون فى إفلاسه فينتحر بعد هبوط أسهمه وبيعها بثمن بخس وهنا يفكر هذا الشاب فى الانتقام من الذين يتحكمون فى الاقتصاد العالمى والأثرياء الذين يحركونه حسب مصالحهم ورغباتهم، وفى اتجاه آخر يحاول الأب أن يتقرب إلى هذا الشاب. ويقول ستون عن قصة الفيلم «ستكشف الاحداث بعد ذلك عن السبب الخفى وراء تقرب الاب من ابنته وخطيبها، حيث نعرف انه قبل دخوله السجن وضع مبلغا كبيرا من المال باسمها فى أحد البنوك ويريد الآن استعادته وبالفعل يأخذ الأب المال بعد أن يقنعهما بأنه سيستثمره ولكنه يهرب ويتركهما، وهو ما يصور أنه لا مجال للعواطف والعلاقات الإنسانية أمام المال فكل ما كان يريده هذا الأب هو مصلحته وعودة السلطة إلى يده من جديد». وبعد الأزمة المالية التى أصابت العالم كان لابد من تغير المواقف ليعرف المشاهدون الفرق فى التفكير خلال المرحلتين فيقول ستون «اخترت عودة الأب إلى ابنته بعد انهيار الاقتصاد للتاكيد على أن الأمل موجود، فبعد أن تعتقد الابنة أن صديقها متورط مع والدها وتقرر الانفصال عنه يذهب صديقها إلى الأب ليخبره بأنها حامل وأنهما فى حاجة إلى المال وانه يجب أن يعيده إليها فيعيد الأب المائة مليون لحفيد المستقبل ليكون الأمل فى عودة الاستقرار الاقتصادى من جديد.. وهو ما يدل على انه بالرغم من كل الأزمات فإن المال لا ينام أبدا ولا يمكن أن يفقد قوته حتى فى أصعب الظروف». ويؤكد أوليفر ستون أنه بعد ثلاثة و عشرين عاما على تقديم الجزء الأول من هذا الفيلم لم تتغير قواعد عمل وول ستريت «اعتقدت أن النظام كان سيتم تصحيحه، ولكن لم يحدث، كنت أود أن أرى تعديلات مهمة ولكننى لم أر سوى المشكلات الضخمة». وأدان ستون الظلم فى أن من يحصلون على المال هم الذين يصنعون الثروة وليس العمال على الرغم من أنهم أحق بها لأن هؤلاء الصانعين هم السبب الرئيسى فى الأزمة فتراجعت أجور العاملين فى الولاياتالمتحدة بشكل واضح منذ سبعينيات القرن الماضى، فى حين ارتفع حجم الإنتاجية بشكل كبير مما صنع فجوة كبيرة». وأضاف قائلا: «فالبنوك سيطرت وعندما يفعلون ذلك فهذا ليس للمساعدة فى تحقيق الصالح العام وانما للحفاظ على النظام حتى يستطيعوا كسب المزيد من المال».وبسؤاله إذا كان والده صاحب الخبرة فى شارع المال والبورصة بحكم عمله كسمسار فى البورصة قد اعطاه أى نصيحة إفادته فى صناعة الفيلم قال «لا تقل الحقيقة أبدا لأنها ستوقعك دائما فى المشكلات هذه كانت نصيحته لى». أما عن السبب وراء إثارته هذه القضية الآن خاصة أن الأزمة المالية ليس بها أى جديد يقول «بعد أن قمت بزيارة وول ستريت والتحدث للناس ووجدت أن البنوك لم تعد كما هى، بل تغيرت وغيروا أسلوبهم وموقفهم كان لابد من تقديم عمل يكون هذا هو محوره الأساسى». وعبر ستون عن سعادته بالعودة للعمل مرة أخرى مع النجم مايكل دوجلاس قائلا: «كان من الممتع أن نعود للعمل سويا بعد كل هذه السنوات وأرى أن دوجلاس استطاع أن يقدم الشخصية برؤية جديدة خاصة أنه لم يعد نفس الرجل بل ازداد خبرة وتألقا». وفى النهاية أشار ستون إلى أن التاريخ سيسجل الكثير عن هذه الفترة التى نعيشها الآن، ولكنه ما زال متفائلا تجاه الرئيس باراك أوباما وما يمكن أن يحققه.