نهار الأربعاء المقبل سيقوم الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد بزيارة رسمية للبنان، وإذا لم يحدث تغيير فى اللحظة الأخيرة، فإنه سيزور جنوب البلد أيضا. ومن المحتمل أن يجد حجرا يلقيه على الحدود مع إسرائيل، كما فعل «الكاتب الفلسطينى الراحل» إدوارد سعيد قبل بضعة أعوام، ومن المحتمل أن يكون النفى الإيرانى صحيحا وأنه لن يقوم بذلك. ومهما يكن الأمر، فإن الحجر لن يشكل خطرا على وجود إسرائيل، غير أنه لا يمكن تجاهل دلالة زيارة الرئيس الإيرانى للبنان. هناك شىء سيئ فعلا يحدث على جبهتنا الشمالية الشرقية، شىء لا علاقة له (فوريا على الأقل) بالنزاع الإسرائيلى الفلسطينى. ففى العراق، نال حزب إياد علاوى، المفضل لدى الغرب، أصواتا أكثر مما فعل رئيس الوزراء الحالى نورى المالكى، لكن يبدو أن هذا الأخير سيبقى رئيسا للحكومة، كما أن انسحاب الولاياتالمتحدة من العراق سيعطى الضوء الأخضر لتحويل هذا البلد إلى جزء من منطقة النفوذ الإيرانى. وفى البحرين التى يشكل الشيعة فيها نحو 70٪ من السكان، هناك مؤشرات متزايدة إلى احتمال وقوع تمرد محلى. أما العلاقة بين سوريا وإيران فهى أقوى مما كانت عليه فى أى وقت مضى، فى حين أن النفوذ الإيرانى يتعزز فى لبنان. لا أحد يعرف ماذا سيحدث عندما تعلن المحكمة الدولية استنتاجاتها فيما يتعلق باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريرى، لكن من الواضح أنه من غير المتوقع أن تكون الفترة المقبلة هادئة. وفى هذا السياق، فإن أوامر الاعتقال التى أصدرتها الحكومة السورية ضد شخصيات لبنانية تحمل مؤشرات إلى المواجهة المقبلة. ومع أن الجمهور الفلسطينى فى غزة هو جمهور سنى، فإن العلاقة بين «حماس» وإيران مستمرة منذ عدة أعوام، وهى تزداد متانة. تستطيع إسرائيل التفرج على ما يحدث. والإعراب عن موقفها، وفى إمكانها أيضا أن تكون لاعبا فى هذه المنظومة. وعلى ما يبدو فإن أحمدى نجاد يحرز نجاحا فى تجاوز العقوبات المفروضة على بلده، كما يتبين أنه يقدر أن احتمالات شن هجوم عسكرى على إيران ليست كبيرة. غير أن الخوف الأكبر لدى نجاد هو التوصل إلى تسويات سياسية فى المنطقة، وأكثر ما يقلقه هو السلام الإسرائيلى السورى. إنه يفهم دلالة هذه الخطوة فهما جيدا، حتى لو لم يعلن السوريون فى إثرها قطع العلاقة مع إيران بصورة رسمية. ومن ناحيتنا فإن الميزة الاستراتيجية لكسر الطوق المعادى لا تحتاج إلى شرح. نحن نعرف بالضبط ما هو ثمن السلام، وهناك شريك قادر على تنفيذ الاتفاق، كما أن هناك عدة دول على استعداد للقيام بدور الوساطة. إن زيارة محمود أحمدى نجاد للبنان، سواء ألقى حجرا على الحدود الإسرائيلية أم لم يلق، يجب أن تذكرنا بأن هذا هو الأوان لفعل شىء ما.