مساء أمس الأول الخميس ركبت التاكسى من مكان العمل إلى المنزل.. السائق وبعد السلام عليكم مباشرة لم يمهلنى ولو لثانية وانطلق من دون تمهيد فى وصلة هجوم عنيف على الحكومة والسبب هو الطماطم وسعرها المنفلت. الرجل الذى كان يتحدث بحرقة وشعور بالعجز قال: «أخذت قرارا مضطرا بعدم شراء اللحمة بعد أن زادت على 55 جنيها فى منطقتى الشعبية، لكن المشكلة أن الطماطم تدخل فى معظم الوجبات فكيف أستغنى عنها»، وأخذ الرجل يسرد أسعار الخضراوات وكيف تجاوزت أسعارها كل الحدود «دون أن تتدخل الحكومة لعمل شىء حتى تعطى الفرصة للحرامية كى يسرقوا المزيد» حسب روايته أيضا. تلك هى القناعة الموجودة لدى معظم المواطنين حتى لو كانت غير دقيقة، فكيف تصرفت الحكومة؟ العناوين الرئيسية لصحف الحكومة الرسمية حاولت أمس الجمعة طمأنة المواطنين بأن كل شىء تحت السيطرة. واحدة من هذه الصحف عنونت «إجراءات حاسمة لخفض أسعار اللحوم والدواجن والخضراوات». وإذا بحثت فى متن الخبر عن هذه الإجراءات التى أعقبت لقاء رئيس الوزراء أحمد نظيف مع وزير الزراعة أمين أباظة فلن تجد شيئا غير النوايا الطيبة. إذا كان التشخيص غير سليم فالحل لن يكون سليما.. وزير الزراعة مصر على أن درجات الحرارة المرتفعة فقط هى سبب ارتفاع أسعار اللحوم والخضراوات طبقا لما نشرته صحيفة الأخبار فى عدد الجمعة.. وإذا صدق كلامه بالنسبة لمحصول مثل الطماطم.. فهل ستنخفض أسعار اللحوم فى الشتاء عندما تهبط الحرارة من 35 درجة إلى 15 درجة مثلا؟!. الطماطم قد تكون مجنونة.. لكن هل البقر والجاموس والأغنام مجانين أيضا.. المجانين هم التجار والمستوردون الذين كونوا تحالفا غير مقدس مع بعض المسئولين. فى ظل سياسات لا يمكن وصفها بالعقل. الوزير نفسه منذ شهور اتهم لوبى المستوردين بأنه المسئول عن أزمة اللحوم.. فكيف يحصر الأمر فى درجات الحرارة فقط الآن؟!. المواطنون لن يصدقوا عناوين حمراء ساخنة فى صحيفة فى حين أن الأسعار أمامهم «مولعة».. هم أساسا لا يجدون نقودا لكى يشتروا الصحف لقراءة التصريحات الوردية.. ولذلك فإن وزير الزراعة ومعه كل الحكومة أمام خيار واحد: اتخاذ إجراءات حاسمة ضد «شبكة مص دماء الغلابة».. أفرادها يفترض أن يكونوا معروفين بالاسم.. ومنهم كل تاجر أو مستورد «يعطش السوق» أو يحتكر سلعة. تملك الحكومة ورغم تشدقها بحرية السوق العشرات من الإجراءات الرقابية التى تجعل هؤلاء «اللصوص» يرتعدون.. الحكومة عودتنا، عندما تريد، أن «يدها طويلة» كما أنها تملك الملفات الكاملة عن كل التجار.. وتستطيع التأثير فيهم بطريقتها. سائق التاكسى وبعد أن وصلت إلى نهاية الطريق أقسم لى بأنه لن يعطى صوته للحكومة فى أى انتخابات مقبلة.. قلت له ضاحكا: ومن الذى أوهمك أن الحكومة تحتاج لصوتك؟!