قبل ساعات من اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية فى مدينة سيرت الليبية اليوم الجمعة، سادت حالة من الانقسام بين الدول العربية بشأن مصير مفاوضات السلام المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فى ظل استئناف تل أبيب للاستيطان فى الضفة الغربيةالمحتلة بعد وقف جزئى دام عشرة أشهر، وانتهى فى السادس والعشرين من الشهر الماضى. ففى تصريحات ل«الشروق»، قال مسئول فلسطينى مقرب من الرئاسة الفلسطينية، إن «عددا من العواصم العربية، بينها القاهرة وعمان، ترى ضرورة استثمار الزخم الأمريكى نحو عملية السلام والعمل على تشجيعه لا الوقوف ضده». هذه العواصم، وفقا للمصدر الذى طلب عدم الكشف عن هويته لحساسة الأمر، «تدعو إلى إعطاء فرصة كافية للولايات المتحدة كى تقنع إسرائيل بمد تجميد الاستيطان، والعمل على توفير مناخ لا يعرقل الجهود الأمريكية، وخاصة التوجه إلى مجلس الأمن الدولى بقضية الدولة الفلسطينية، لاسيما أن واشنطن ستعرقل هذا المسعى من خلال حق الفيتو (النقض)». ولفت المصدر ضمن هذا التوجه إلى زيارة وزير الخارجية أحمد أبوالغيط المفاجئة للرياض قبل ثلاثة أيام، قائلا إنها «هدفت إلى الحصول على دعم الرياض للموقف المصرى بشأن مصير عملية السلام». لكن فى المقابل، «ترى عواصم عربية أخرى، منها دمشق وصنعاء، أن حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلى) بنيامين نتنياهو لم تذهب إلى المفاوضات من أجل السلام، ومن ثم على السلطة الفلسطينية أن تدرك أن الابتزاز الإسرائيلى لواشنطن قبل المفاوضات وبعدها لن تكون نتاجئه فى صالح الشعب الفلسطينى»، وفقا للمصدر الفلسطينى. ولهذا، كما أضاف المصدر، فإن «هذه العواصم ترى ضرورة الانسحاب من مفاوضات السلام، ولديها قناعة بأن التضامن العربى هو أفضل سبيل لدعم الشعب الفلسطينى على طريق إقامة الدولة الفلسطينية التى طال انتظارها». المصدر ختم بأن «السلطة الفلسطينية كثفت من اتصالاتها، خاصة قبيل اجتماع لجنة المتابعة، الذى حضره رئيس السلطة محمود عباس، فى مسعى لتجنب حدوث انقسامات عربية خلال الاجتماع وخلال القمة العربية (غدا السبت)، ولتوفير موقف عربى داعم لقرار السلطة سواء كان بالاستمرار أو الانسحاب من المفاوضات». وتضم لجنة المتابعة كلا من فلسطين، ومصر، وتونس، والجزائر، والمغرب، والسعودية، والأردن، والبحرين، والسودان، وسوريا، ولبنان، واليمن، وقطر، والإمارات، إضافة إلى سلطنة عمان. معلقا على هذا «الانقسام»، رأى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة المكلفة بتحديد بدائل السلطة التى ستعرض على لجنة المتابعة، واصل أبويوسف، أن «الدول العربية لا تخشى الذهاب إلى مجلس الأمن لإعلان دولة فلسطينية من طرف واحد»، مضيفا ل«الشروق»: «يجب رفض أى إملاءات أمريكية أو إسرائيلية على العرب فيما يخص تفعيل التحرك دوليا». وبدوره، شدد القيادى فى حزب الشعب الفلسطينى وليد العوض فى تصريح ل«الشروق» على أن «واشنطن عاجزة عن ممارسة ضغط حقيقى على إسرائيل لمد تجميد الاستيطان بما يبلى جانب من استحقاقات السلام». العوض طالب العرب ب«سلوك طريق آخر، وهو إعادة ملف القضية الفلسطينية إلى الأممالمتحدة، وإعلان دولة على حدود عام 1967، عاصمتها القدسالشرقية، وحشد دعم دولى على كل المستويات، بما يضمن إعادة النبض لقرارات الشرعية الدولية». وكان دبلوماسى عربى فى القاهرة قد كشف ل«الشروق» عن «توجه» عربى للعودة إلى المفاوضات غير المباشرة ردا على تعنت نتنياهو. وبعد مفاوضات غير مباشرة مع تل أبيب عبر واشنطن انطلقت فى مايو الماضى، وافق الرئيس عباس، تحت وطأة ضغوط أمريكية وبضوء أخضر عربى، على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، التى بدأت فى الثانى من الشهر الماضى، وشهدت جولتين، إحداهما فى واشنطن، والأخيرة فى شرم الشيخ والقدسالمحتلة، لم تحققا أى تقدم جراء عقبة الاستيطان. وفى واشنطن، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولى مساء أمس الأول العرب إلى مواصلة المفاوضات، قائلا: «نريد أن تستمر الجامعة العربية فى دعم المفاوضات المباشرة، وسيكون من السابق لأوانه فى هذه المرحلة عدم دعم المفاوضات». فيما قالت مصادر سياسية إسرائيلية إن نتنياهو يطالب أوباما بأن يعلن التزامه بالضمانات التى أعطاها سلفه جورج بوش لرئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق ارييل شارون، وذلك كى يمد تجميد الاستيطان، بحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس. هذه الضمانات وردت فى رسالة نقلها بوش إلى شارون فى الرابع عشر من أبريل 2004، وتتضمن تعهدا بأن تدعم واشنطن فكرة ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى اسرائيل فى اطار أى تسوية لترسيم حدود الدولة الفلسطينية، ورفض عودة لاجئين فلسطينيين إلى داخل إسرائيل (الأراضى المحتلة عام 1948). ووفقا للمصادر السياسية فإن موقف نتنياهو يلاقى آذانا صاغية لدى كبار المسئولين فى إدارة أوباما، غير أن واشنطن تقول إنها مضطرة فى المقابل أن تمنح الجانب الفلسطينى رسالة ضمانات.