أعلنت الحكومة البريطانية أخيرا أن علاقتها بالسودان دخلت «عصرا جديدا»، وهو ما وصفته صحيفة إندبندنت البريطانية بأنه «محاباة لنظام رئيسه (عمر حسن البشير) مطلوب للعدالة الدولية». فتحت عنوان «مطلوب كمتهم بالإبادة الجماعية.. وشريك تجارى»، أوضحت الصحيفة فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى أمس الأول أن هذا الإعلان الحكومى تزامن مع استقبال وفد تجارى من حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان للمرة الأولى منذ إصدار المحكمة الجنائية الدولية فى مارس 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس البشير. وتتهم المحكمة الرئيس السودانى بالمسئولية عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية فى الصراع الدائر بإقليم درافور غربى السودان منذ عام 2003، الذى سقط فيه نحو 300 ألف قتيل، فضلا عن ملايين اللاجئين، بحسب تقديرات الأممالمتحدة.والتقى الوفد السودانى، الهادف إلى الترويج للاستثمار فى بلاده، بعدد من المسئولين البريطانيين ورجال الأعمال. وكان وزير الشئون الأفريقية فى الحكومة البريطانية هنرى بلينجهام قدر زار الخرطوم فى يوليو الماضى، وهى الزيارة التى علقت عليها صحيفة الجارديان البريطانية آنذاك بأن «الحكومة البريطانية تضع المصالح التجارية قبل القيم الأخلاقية»، فى إشارة إلى ترويج الوزير للعلاقات التجارية مع السودان، وعدم مناقشته مسألة الحرب الأهلية مثلا. وفى ذات الاتجاه قالت إندبندنت إن هناك شكاوى بالفعل من أن سياسة التحالف بين لندنوالخرطوم «حولت بعثات بريطانيا الدبلوماسية فى السودان إلى مجرد وكالات تجارية تروج لمصالح رجال الأعمال». وتشير إلى أن الحكومة البريطانية تشجع الشركات البريطانية على الاستثمار فى السودان على اعتبار أن به موارد كثيرة لم تستغل، وفرصا كبيرة لتكوين الثروات. ثم ذكرت بمواقف حزب المحافظين حين كان فى المعارضة، واعتبر ما يجرى فى دارفور «أسوأ أزمة إنسانية فى العالم»، ودعم حملة لمنع الاستثمارات البريطانية فى السودان. هذه العلاقات الخاصة بين بريطانيا والسودان، علق عليها رئيس «مركز الخاتم عدلان للاستنارة»، الباقر العفيف بقوله: إن «النظام فى الخرطوم قدم الكثير للقوى العالمية، سواء كانت الولاياتالمتحدة أو دول الاتحاد الأوروبى». وتتعاون الخرطوم مع أجهزة المخابرات الغربية فيما يعرف باسم «الحرب على الإرهاب»، إضافة إلى فتح صناعة النفط السودانى أمام الاستثمارات الغربية. فى المقابل، شدد المستشار الإعلامى للسفارة السودانية فى القاهرة عبدالملك النعيم فى تصريح ل«الشروق» على أن بلاده «لن تغير سياستها تحت الضغط الغربى»، معتبرا أن رغبة بعض الدول الغربية فى الاستثمار بالسودان مرجعه «فشل سياسة الضغط الاقتصادى» على الخرطوم. وأضاف النعيم أن «باب الحوار بين الخرطوم والعواصم الغربية، وفى مقدمتها واشنطن، لم يغلق أبدا». يُذكر أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا فرضتا عقوبات اقتصادية على السودان منذ 1996، باستثناء صادراته من الصمغ العربى، وبعدها تم وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب.