أثار عملاق الإعلام العربي -قناة الجزيرة الفضائية– علامات الاستفهام لدى المراقبين وبعض المخاوف في منطقة البلقان، عقب شراء القناة القطرية لمحطة "إن تي في" الخاصة في العاصمة البوسنية سراييفو، وعزمها إطلاق شبكة للبث التلفزيوني والإذاعي في كامل المنطقة على المدى الطويل. وكانت صحفية "دنفني افاز" البوسنية قد كشفت مؤخرًا، أن قناة الجزيرة القطرية ستطلق في يناير 2011 شبكة تلفزيون إقليمية يكون مقرها سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك، وأضافت الصحيفة أن الجزيرة اشترت شبكة "إن. تي. في 99" التلفزيونية المحلية، كنواة لمشروعها الإقليمي الجزيرة البلقان" الذي تنوي القناة القطرية استثمار حوالي 10 ملايين يورو فيه حتى نهاية السنة. ويذكِّر هذا الحدث بردود الفعل الجدلية التي كانت قبيل حرب البوسنة، عندما كان من المقرر أن تصبح سراييفو المقر الإقليمي لقناة التلفزيون الأوروبية "يورو نيوز"، كما يقول بوريتش كونتيتش، مدير مركز التدريب والتأهيل الصحفي في سراييفو. فقد شعر الناس حينذاك بأنهم قد يصبحوا مراقَبين في وجود مؤسسة إعلامية دولية بهذه الضخامة في بلدهم، ويضيف "المخاوف الحالية ليست مخاوف من نشوب حرب جديدة، ولكنه تخوّف من حدوث اضطرابات سياسية، ولكني أعتقد أن الأمر لا يعدو عن كونه رغبة لمحطة كبيرة في توسيع نفسها". استثمار في سوق غير مربحة؟ تقيّم روديتش بوركا، الأمينة العامة لرابطة الصحفيين البوسنيين قناة الجزيرة، بأنها إيجابية وبأنها تنتج أخبارًا عالية الجودة، وبذلك سيكون لها تأثير على المشهد الإعلامي في منطقة البلقان، وتضيف مستغربة: "إن قرار قناة الجزيرة مثير للاهتمام، لأن البوسنة والهرسك لا يوجد فيها سوق إعلانات قوية.. فالجانب المالي لا يمكن أن يكون سببًا وراء إنشاء فرع للجزيرة في البوسنة". وسيكون البثّ الإخباري ل"الجزيرة البلقان" باللغة البوسنية وبلغات دول جنوب شرق أوروبا، وعليه فإن قناة الجزيرة ستمثل منافسا خطيرا لشبكات التلفزيون الإقليمية والكبرى. وهناك من يرى أن مثل هذه القناة الإقليمية ستساعد الدول الصغيرة في يوغوسلافيا السابقة على تجاوُز مصالحها المتضاربة. لاعب جديد في منطقة البلقان؟ وتعتقد روديتش بوركا أن قناة الجزيرة سيكون لها تأثير على الرأي العام في البوسنة، كما أنها لا تخشى من أن وجودها قد يعزز الاتجاه الإسلاموي المتطرف، وتقول: "لا أعتقد أن تأثير الشرق سيتزايد مع مجيء الجزيرة، ولا أعتقد أن هذا هو الدافع وراء قناة الجزيرة لفتح فرع لها في سراييفو". وتشير الأمينة العامة لرابطة صحفيي البوسنة، إلى أن قناة الجزيرة ستكون القناة الأجنبية الثانية في البوسنة والهرسك، فقبل سنوات قوبلت القناة الصربية "بينك" بالتشكك نفسه أيضا، وتضيف: "لقد كان يُخشى التأثير السلبي لسياسة ميلوسيفيتش تجاه البوسنة والهرسك، ولكن ذلك لم يحدث". ووفقا لدائرة التسجيل العقاري في البوسنة، فإن الجزيرة ترغب في استثمار ما يقرب من أحد عشر مليون يورو في فرعها في منطقة البلقان، كما أن إعلانات عروض العمل لديها سارية بالفعل في البوسنة وصربيا وكرواتيا. وكانت الجزيرة قد نشرت قبل نحو أسبوع إعلانا في الصحافة البوسنية لاختيار مدير عام لفرعها البلقاني، لكنها لم تحدد موعد بدء بث برامجها الإقليمية. وجاء في الإعلان أن "الجزيرة البلقان" ستكون رائدة إعلام عالي الجودة في المنطقة وسيكون لها مكاتب ومراسلون في كل أنحاء البلقان، وفي مناطق مهمة من العالم".
