في العاصمة البوسنية سراييفو وللمرة الثالثة في أوروبا بعد قرطبة عام2004 وباريس عام2006 عقدت مؤسسة البابطين للإبداع الشعري ملتقاها الثقافي العالمي الدوري الثاني عشر. وقد عقدت الدورة تحت عنوان خليل مطران ومحمد علي/ ماك دزدار وهي فرصة كي يطلع القارئ العربي علي نماذج من الشعر البوسني. بالمقابل إتاحة الفرصة للقاريء في البوسنة للإطلاع علي نماذج من إبداعات الشعر العربي. وقد شملت الندوة الادبية المصاحبة لهذا الملتقي14 بحثا علي مدي اليومين في أربعة جلسات عن الشاعرين العربي والبوسني قدمتها مجموعة من الباحثين العرب والبوسنيين. والشاعر خليل مطران1872 1949 الملقب ب شاعر القطرين مصر والشام يعد من أوائل الشعراء الذين دعوا الي التجديد والتحديث في الشعر العربي كما أصدر العديد من المجلات والصحف من موقع إقامته في مصر بعد عودته من باريس. أماالشاعر البوسني محمد علي ماك دزدار الملقب ب ماك وهو الاسم الذي استخدمه للتمويه لتفادي المخاطر المحدقة به أثناء الغزو الذي تعرضت له بلاده فكتب العديد من القصائد والمجموعات الشعرية التي ينادي فيها بحرية وطنه المستباحة. وأوضحت الابحاث عن خليل مطران أنه لم يكن شاعرا فذا فحسب ولكنه كان أيضا ناقدا ومترجما وكاتبا وصحفيا.. و تجربته الشعرية يعود بعضها إلي ثقافته العربية, وأخري تجديدية أكتسبها من ثقافته الفرنسية فزاوج في أسلوبه بين القديم والجديد. أما الشاعر ماك دزدار1917 1971 فهو الشاعر البوسني الاعظم في القرن العشرين عرفه القراء بديوانه النائم الحجري الذي شكل نقطة تحول في الشعر البوسني وكشفت الابحاث عن المعني الحقيقي لقصائد الشاعر عن الانسان والأرض والسماء تلك القصائد التي عجز فيها دزدار عن ايجاد أجوبة نهائية عن معني الحياة والموت الذي شعر به عندما كتب بحثا مضنيا ومعقدا عن زخارف القبور الحجرية المنقوشة علي الشاهد البوسني القديم. أما ترجمات أعمال دزدار الي لغات أخري فعكست مكانته الكبيرة بين البوشناق سكان البوسنة والهرسك وهذا يتضح جليا من خلال الاعمال الكثيرة التي استهدفت هذا الشاعر الكبير الذي كان مؤرخا ومستكشفا ومترجما للمؤلفات البوسنية في العصر الحديث. وعن التواصل الثقافي للبوسنة مع الشرق في القرن العشرين.. وخاصة القاهرة تبين أن هذا التواصل بدأ منذ زمن طويل من خلال إحتكاك المسلمين بهذه المنطقة من العالم عن طريق التجارة وغيرها من وسائل الاتصال وهذا ترك أثره الكبير في اللغة والعادات وطرائق التفكير وبلغ أوجه مع وصول العثمانيين إلي هذه الديار وانتشار الاسلام فيها. وكان أيضا للإستشراق البوسني دور كبير في التعريف بالأدب العربي والاعتناء بالمخطوطات الشرقية في البوسنة من خلال معهد الاستشراق في سراييفو الذي تأسس عام1950 وعني بجمع ونشر المخطوطات الشرقية, ودراسة ثقافة البوسنة في اللغات الشرقية. وقد أصدرت مؤسسة البابطين بهذه المناسبة عددا من الاصدارات منها لأول مرة الأعمال الشعريه الكاملة( خليل مطران الرائد المجدد) في خمسة أجزاء جمعه وراجعه د. أحمد درويش بالاضافة الي خليل مطران الوجه الآخر الكتابات النقدية. وإحتفاءا بالشاعر البوسني ماك دزدار تمت ترجمة ديوانه النائم الحجري من اللغة الانجليزية إلي اللغة العربية وترجمه الكاتب الاردني الياس فركوح وهي قصائد ومقطوعات شعرية حملت صوت البوسنيين وآمالهم التي كبتت قهرا وظلما منذ مئات السنين كما تم اختيار قصائد لأكثر من أربعين شاعرا معاصرا من البوسنة والهرسك وقد أعلنت جائزة البابطين التي عقدت تحت رعاية الرئيس البوسني حارث سيلا جتيش وحضرها نخبة من المسئولين في الثقافة والأدب والفكر والسياسة من مختلف دول العالم في مقدمتهم د. عمرو موسي ود. أحمد عمر هاشم ممثلا لفضيلة شيخ الازهر, والشاعر عبدالعزيز سعود البابطين. عن أسماء الفائزين بهذه الدورة حصل علي جائزة أفضل قصيدة الشاعر العراقي فارس حرام عن قصيدته عنه وعن أهله وجائزة أفضل ديوان حصل عليها الشاعر المصري أحمد حسن عن ديوانه مدينة شرق الوريد وفاز بجائزة نقد الشعر الناقد المصري صلاح رزق عن كتابه كلاسيكيات الشعر العربي والمعلقات العشر, وحصلت علي الجائزة التكريمية الشاعرة العراقية لميعة عباس تقديرا لابداعها المتميز علي مدي نصف قرن.