استغلت قيادات ماسبيرو حالة الصخب التى شهدتها الشاشة فى رمضان، وانشغال الناس بطوفان المسلسلات الدرامية، وأغلقوا ملف قناة «التليفزيون العربى» التى تم إطلاقها كجزء من هذه الاحتفال بيوبيل التليفزيون الذهبى، ولم يبق من مظاهر هذا الاحتفال سوى شعار يضاء على جسم مبنى ماسبيرو بعد السابعة مساء، وآخر يذيل شاشات القنوات التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، وبذلك تكون قيادات ماسبيرو قد غسلت يديها من عار هذه الاحتفالية المهزلة، التى أنفقوا فيها الملايين ولم يشعر بها إلا العاملون فى وزارة الإعلام. نادية حليم رئيس التليفزيون نفسها لا تعرف شيئا عن مصير القناة لأنها من البداية لم يكن لها علاقة بموضوع الاحتفال، وبالتالى لم يكن لها مشاركة تذكر أو أفكار وتصورات بشأن هذه القناة، حيث تم إسناد مهام الإشراف عليها بشكل مباشر من المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة وللمخرج عمر زهران الذى يشغل منصب رئيس قناة نايل سينما، ليتجاوز بذلك العديد من أبناء التليفزيون القادرين على إدارة مثل هذه القناة التى تعتمد فى الأساس على إعادة عرض مواد قديمة من مكتبة التليفزيون، وهذا ما جعل العشرات يتربصون بزهران ويرصدون العديد من الأخطاء، منها إعادته لحلقات بذاتها أكثر من عشرين مرة، وإغفال آلاف الأعمال التى تذخر بها مكتبة الأبيض والأسود والتى أعلن عنها حاتم هيكل رئيس الإدارة المركزية للمكتبات قبل انطلاق مشروع القناة، والذى أكد أن تحت يده العديد من الأعمال التى وصفها بكنوز ماسبيرو، ولكن بعد خروج القناة للنور عاد المسئولون لتبرير ضعف محتوى القناة، وتكرار عروضها بأنه لا توجد مواد كافية لاستمرار القناة، وأن هناك حلقات كثيرة مفقودة من مسلسلات وبرامج عصر الستينيات والسبعينيات، وأن إنشاء مثل هذه القناة كان يحتاج لترتيبات واستعدادات كثيرة! على الجانب الآخر، أكد مخرجون فى التليفزيون أن هناك الكثير من الأعمال الكاملة سواء كانت مسلسلات أو برامج محفوظة على شرائط 1 و2 بوصة، وأن أجهزة النقل إلى «سوبر بيتا كام» موجودة فى التليفزيون، كما أن هناك فنيين قادرون على إنجاز مهام نقلها ولكن حال دون ذلك محاولة بعض المسئولين إسناد تلك المهمة لشركات خاصة خارج مبنى ماسبيرو، وهى المحاولات التى تصدى لها أنس الفقى وزير الإعلام خوفا من تسرب كنوز التليفزيون. ورصد المتابعون لقناة عمر زهران العديد من الأخطاء التى تؤكد غياب الرؤية، حيث تكرار ضيوف السهرات التى استضافت كبار المذيعين من جيل طارق حبيب وسمير صبرى وسلمى الشماع وسهير شلبى، بينما غياب كثير من المذيعين الذين يمثلون الرعيل الأول للتليفزيون مثل زينب الحكيم وملك إسماعيل ودرية شرف الدين، وغيرهم، هذا فضلا عن الأخطاء التى وقعت فيها القناة، ومنها ما حدث عندما قدمت المذيعة سميحة غالب باعتبارها سهام صبرى، من خلال تنويه مسجل بصوت سناء منصور لحلقات برنامج «كتاب فى حياتى»، كذلك صاحب عرض حلقة من برنامج «على شط النيل» للمخرج سامى أبوالنور إشارة إلى أن تلك الحلقة من برنامج للمخرج أسامة أبوالنور، وهى أخطاء لا تتناسب مع فلسفة القناة التى تم إنشاؤها لتعريف المشاهد العربى بمبدعينا السابقين، وأعمالهم التى شكلت وجدان الأمة فى خمسين سنة مضت. وبرر البعض عدم استمرار قناة التليفزيون العربى الذى كان يعلق عليها كثير من الإعلاميين فى إخراج كنوز ماسبيرو للنور لتفضح زيف ما نشاهده من برامج ونجوم على شاشة اليوم، بأن هناك خلافات مشتعلة داخل مبنى التليفزيون حول هذه القناة، وحالة من الغضب بين مخرجى قطاع التليفزيون من ممارسات زهران، وهو ما جعل المسئولين يفضلون إغلاق ملف هذه المحطة فى صمت.