انخفاض أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية.. وصل سعر الدجاج الأبيض ب88 جنيها للكيلو    حياة كريمة تقترب من إنجاز المرحلة الأولى ب90%: 27 ألف مشروع لخدمة 18 مليون مواطن بتكلفة 360 مليار جنيه    مصر تستهل قيادتها للاتحاد الدولي للغاز كنائب رئيس تمهيدا لرئاستها المقبلة فى 2028    وحدة السكان بالمنيا تنفذ 40 دورة تدريبية لتأهيل 4000 شاب وفتاة بقرى "حياة كريمة"    وزير الخارجية الإيراني: لم نعد نثق بالأوروبيين بعدما حدث مؤخرا    وفاة 3 مشجعين خلال احتفالات مولودية الجزائر بلقب الدوري    اتحاد الكرة يعلن عن الأندية الأربعة المشاركة في البطولات الأفريقية    امتحان اللغة العربية يثير الجدل بين طلاب الثانوية في الإسكندرية: بين السهولة وطول الوقت    حالة الطقس اليوم في السعودية.. أمطار رعدية وتقلبات بمكة والمدينة    النحات عصام درويش ل الشروق: تمثال مجدي يعقوب يجسد جراح القلب العالمي في قمة عطاءه    تأجيل دعوى هيفاء وهبي ضد نقيب الموسيقيين إلى 10 يوليو للاطلاع    روايات أدبية تتحول إلى أفلام في 2025.. موسم صيد الغزلان وبنات الباشا وإذما أبرز النصوص    الشيوخ يحيل عددا من تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة لتنفيذ ما ورد بها من توصيات    أستاذ عمارة: مشروع منخفض القطارة الأخضر سيعتمد على مدن ذكية من الجيل الخامس    تقارير: مدافع ليفربول يخضع للفحص الطبي في باير ليفركوزن    ستونز: مررت ببعض اللحظات الصعبة بالموسم الماضي.. وأريد البقاء في مانشستر سيتي    شوبير يدافع عن لاعبي الأهلي بعد انتقادات التسوق في أمريكا    ملخص عقد التأسيس والنظام الداخلى للجمعية التعاونية الخدمية «ونس»    خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    وصول المتهمين الثلاثة بإنهاء حياة أدهم طالب كفر الشيخ للمحكمة استعدادًا لبدء جلسة محاكمتهم    إصابة عامل إثر انهيار عقار قديم في السيالة بالإسكندرية (صور)    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    بقيمة 6 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار بالدولار    3 طلاب يتسلقون طائرة هيكلية في الشرقية.. و«الداخلية» تكشف الملابسات (تفاصيل)    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    أوبزرفر: خيارات إيران للرد على الضربات الأمريكية محدودة ومحفوفة بالمخاطر    الليلة.. نانسي عجرم تغنى في موازين بعد غياب 7 سنوات    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    في ذكرى ميلاده.. عمرو الليثي يعرض أخر لقاء تلفزيوني أجراه أشرف عبدالغفور    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية جراحية للقلب المفتوح من خارج غرفة العمليات    عبد الحفيظ: الأهلي كان ممكن يرجع ب13 مليون دولار.. لا يليق أن نودع مونديال الأندية في المركز 27    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    بدون تكييف.. حيل ذكية لاستخدام المروحة لتبريد منزلك بكفاءة في الصيف    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    تداول حل امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025 في جروبات الغش.. والتعليم تحقق    شوبير يكشف موقف الأهلي من عودة محمد شريف    وزير الإسكان: تخصيص قطع أراضي لمن تم توفيق أوضاعهم بقرعتين بالعبور الجديدة    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    بعد آخر انخفاض.. سعر الذهب اليوم الأحد 22-6-2025 في مصر وعيار 21 الآن    أبرزهم زيزو.. محسن صالح منتقدًا ثلاثي الأهلي: «ليس لهم عنوان في القلعة الحمراء»    ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرق المتوسط بين إسرائيل وتركيا واليونان
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 09 - 2010

تمرّ اليونان فى أزمة مالية اقتصادية خانقة. وتمر إسرائيل فى أزمة سياسية عسكرية شديدة. فهل ينجح اللقاء اليونانى الإسرائيلى الذى جرى فى أثينا على مستوى رئيسى الحكومتين فى تبادل المساعدات لخروج كل منهما من أزمته؟
تستطيع إسرائيل أن تساعد اليونان من خلال توفير قروض ومساعدات دولية لتغطية العجز الكبير فى المديونية والذى وضع البلاد على حافة الإفلاس. فالبيوتات المالية اليهودية فى العالم قادرة. واللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة يتمتع بذراع طويلة. وهو ما تحتاج إليه اليونان للخروج من عثرتها الصعبة.
وتستطيع اليونان أن تساعد إسرائيل من خلال تقديم بديل عن خسارة الحليف الاستراتيجى التركى الذى كانت إسرائيل تعتمد عليه. فالمجال الجوى الإسرائيلى محدود جدا. وكان المجال الجوى التركى مفتوحا أمام المناورات والتدريبات وحتى العمليات العسكرية للطيران الإسرائيلى. ثم إن مجرد التفاهم الإسرائيلى اليونانى يشكل عامل ضغط مباشر على تركيا التى يشوب علاقاتها تاريخيا مع اليونان بالسوء وبالاضطراب وعدم الثقة.
ورغم الانفتاح التركى على اليونان الذى تمثل بزيارة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد أوغلو إلى أثينا، فإن الخلافات التركية اليونانية حول السيادة على الجرف القارى لبعض الجزر فى بحر إيجه، وحول خطوط الملاحة فى البحر لاتزال تشكل قنابل موقوتة. كانت إسرائيل حتى وقت قريب تحيّد نفسها عن هذه القضايا، وكان بما لديها من نفوذ على الإدارات الأمريكية تعطل دور اللوبى اليونانى الأمريكى فى أى محاولة تستهدف المصالح التركية. إلا أن إسرائيل الآن بانتقالها من التحالف مع تركيا إلى التحالف مع اليونان، من المرجح أن تبادر إلى نقل بارودة اللوبى اليهودى الأمريكى من الكتف التركية إلى الكتف اليونانية.
تدرك إسرائيل الآن أن علاقاتها مع تركيا لن تعود إلى ما كانت عليه رغم الضغوط المباشرة وغير المباشرة التى بذلتها وتبذلها الولايات المتحدة. فقد انقطع حبل الوصال بينهما حتى قبل عملية القرصنة البحرية التى قامت بها إسرائيل ضد اسطول الحرية الذى نقل مساعدات انسانية إلى قطاع غزة. ولم تعد إسرائيل تجد فى تركيا الحليف الاستراتيجى الذى كانت تعتمد عليه، ولذلك فإنها بحاجة إلى حليف استراتيجى بديل فى شرق المتوسط. فكان هذا الحليف هو اليونان.
ولكن هل فى مصلحة اليونان أن تعقد مع إسرائيل حلفا استراتيجيا من وراء ظهر العالم العربى؟.
تتوقف الإجابة عن هذا السؤال على ردّ فعل الدول العربية. فقد كانت العلاقات العربية مع اليونان على مدى العقود العديدة السابقة علاقات تعاون وتفاهم. حتى إن الدول العربية لم تستجب إلى الطلبات التركية المتواصلة والملحة بالاعتراف بالجزء التركى من جزيرة قبرص عندما شكل حكومة مستقلة وأعلن الانفصال عن الجزء الجنوبى اليونانى.
ورغم أن كلا من تركيا واليونان أعضاء فى حلف شمال الأطلسى، فإن العلاقات العربية اليونانية كانت تتسم بودّ أكثر من العلاقات العربية التركية، إلى أن أعادت أنقرة النظر فى سياستها بعد وصول حزب العدالة إلى السلطة برئاسة رجب طيب أردوغان.
من هنا، فإن اليونان التى تحتاج إلى الدعم الإسرائيلى المباشر وعبر اللوبى اليهودى الأمريكى، تحتاج فى الوقت ذاته إلى المحافظة على علاقاتها مع العالم العربى.. وتحتاج كذلك إلى عدم إثارة غضب تركيا واستدراجها إلى ردود فعل معادية. ولكن فى الوقت الذى تغرق فيه اليونان فى أزمة الديون والعجز المالى، فإنها لا تستطيع أن ترفض اليد التى تمتد لمساعدتها. وبعد أن تبين لأثينا أن المساعدات والقروض التى حصلت عليها من المجموعة الأوروبية، وحتى من البنك الدولى ليست كافية لإخراجها من مأزقها المالى، فإنها تمد يدها إلى إسرائيل التى تقدم نفسها على أنها مفتاح للكثير من البيوتات المالية الدولية التى يمكن تشجيعها على مد يد العون لليونان.
وك«دفعة على الحساب» تعهد بنيامين نتنياهو للرئيس اليونانى جورج بابندريو بأن يوجه حركة السياحة الاسرائيلية من تركيا إلى اليونان. وبذلك يوجه ضربة إلى الاقتصاد التركى ويقدم عرضا مغريا للاقتصاد اليونانى. وحسب التقديرات الإسرائيلية الرسمية فإن حجم السياح الاسرائيليين إلى الخارج يبلغ نحو 400 ألف شخص سنويا، وفى الوقت الذى تعانى فيه المنشآت السياحية اليونانية من الركود بسبب الاضطرابات التى رافقت الاحتجاج على سياسة التقشف التى قررتها الحكومة، فإن تدفق السياح الإسرائيليين إلى هذه المنشآت يشكل ورقة إغراء شديدة.
وسواء صحت هذه الحسابات أو لم تصحّ، فإن إسرائيل بتوجهها نحو اليونان تعلن عمليا اليأس من إصلاح العلاقات مع تركيا. وأن اليونان بتجاوبها مع إسرائيل تعلن استعدادها للتحالف مع الشيطان إذا كان هذا التحالف يخرجها من محنتها المالية المعقدة والخطيرة.
عندما كان التحالف بين أنقرة وتل أبيب فى عصره الذهبى، كان هذا التحالف يشكل قوة دفع لليونان باتجاه العالم العربى. وكان العالم العربى يقابل هذا الاندفاع بمثله. وأحيانا بأحسن منه، ويعكس ذلك الموقف العربى من القضية القبرصية.
ولكن بانفراط عقد هذا التحالف، تغيرت الحسابات وتبدلت المعادلات. فالحرارة العاطفية التى أشعلت من جديد لهيب العلاقات التركية العربية، تشكل هاجسا مقلقا فى اليونان من احتمال خسارة الحليف العربى. وربما يكون هذا الهاجس وراء سياسة الأذرع الممدودة والقلوب المفتوحة التى اتسم بها لقاء نتنياهو بابندريو فى اثينا.
ومهما يكن من أمر، فإن لعبة التحولات فى شرق المتوسط بين الثلاثى الإسرائيلى التركى اليونانى، تتسم بكثير من الخطورة. ولكن حتى الآن، لا اليونان تبدو مستعدة للتضحية بالحليف العربى، ولا العرب مستعدون للتخلى عن اليونان، ولا إسرائيل قادرة على تحمّل خسارة الاثنين التركى واليونانى فوق عدائها للعربى. ولكن قد لا يكون الانفتاح الاسرائيلى المفاجئ على أثينا سوى محاولة اضافية من المحاولات العديدة التى قامت بها تل ابيب للضغط على أنقرة ولحملها على إعادة النظر فى مواقفها الجديدة منها. وهو ما تعمل عليه جاهدة ايضا الإدارة الأمريكية التى تعتبر التحالف التركى الإسرائيلى حجر الرحى وأحد أهم الأسس التى تقوم عليها استراتيجيتها فى المنطقة.
قد يكون من السذاجة فصل تحرك الأسطول الروسى نحو شرق المتوسط عن هذه التحولات. فقد طالب الكرملين من سوريا توسيع قاعدة الخدمات فى مرفأ طرطوس التى تقدم لقِطَع البحرية الروسية فى شرق المتوسط.
وهو أمر تنظر اليه الولايات المتحدة بقلق. وتتعامل معه إسرائيل بقلق أكبر. كذلك كان التحالف التركى الاسرائيلى الأمريكى يشكل مظلة عسكرية ثلاثية فى شرق المتوسط، ألا أن انفكاك هذا التحالف، وتعزيز الحضور الروسى من شأنه أن يرسم صورة جديدة للواقع فى المنطقة. فقد توقفت المناورات البحرية والجوبة الأمريكية الاسرائيلية التركية المشتركة فى شرق المتوسط وكان من مهمة نتنياهو فى اثينا حثّ اليونان على أن تحل محل تركيا فى هذه المناورات. وإذا حدث ذلك فإن معناه دخول المنطقة مرحلة جديدة من الصراعات المتداخلة والمتشابكة من شأنها أن تفرز تحالفات سياسية إقليمية جديدة، يبدو فيها الطرف العربى، مرة جديدة مع الأسف الشديد، الطرف الأضعف!
لم تعترف اليونان بإسرائيل حتى عام 1993، ولم يزرها أى مسئول يونانى حتى قام جورج بابندريو بزيارتها فى وقت سابق من هذا العام. كذلك لم ترَ أثينا وجه مسئول إسرائيلى قبل نتنياهو الذى حاول أن يجعل من زيارته لها بداية لتحوّل استراتيجى إيجابى فى العلاقات الإسرائيلية اليونانية، ولتحوّل استراتيجى سلبى فى العلاقات اليونانية العربية، واليونانية التركية.
والسؤال الآن، هل تمضى هذه المتغيرات إلى النهاية أم أنها مجرد أوراق ضغط لحمل تركيا على العودة إلى بيت الطاعة الأمريكى الإسرائيلى فى شرق المتوسط؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.