البلشي: يوم تضامني مع صحفيي الوفد.. واجتماع مجلس النقابة داخل الجريدة الأحد    بوتين: روسيا لا تنوي شن حرب على أوروبا لكننا سنرد بشكل ساحق على أي تهديد لبلدنا    "الإغاثة الطبية في غزة": المستشفيات تنهار تحت القصف والاحتلال يحاصر الطواقم الطبية    ريال بيتيس يتغلب على لودوجوريتس بثنائية في الدوري الأوروبي    تأخير الساعة 60 دقيقة وبدء التوقيت الشتوى 2025 فى هذا الموعد    وضع حجر أساس مستشفى «الخليقة الجديدة» بأسيوط بيد البابا تواضروس    قائد عسكري إيراني: نحن أقوى هجوميًا الآن 12 مرة مُقارنة بحرب ال 12 يوما مع إسرائيل    إيلي بريمر: الإغلاق الحكومي الأمريكي يهدد بخفض الناتج المحلي    أليسون بيكر يغيب عن ليفربول 6 أسابيع للإصابة    المركزي: التوترات الجيوسياسية تسببت في التأثير على النمو والتضخم العالمي    كرة يد - منتخب مصر يصطدم بأصحاب الأرض في بطولة العالم للناشئين    عمرو زكي يرد على شائعات مرضه: أنا بخير وبصحة جيدة    القبض على شقيقين بتهمة الاعتداء على شخصين بالأسلحة البيضاء بدمياط    تحقيق عاجل بعد اتهام مدير مدرسة بالاعتداء على طالب في شبين القناطر    استغرق ترميمها 20 عاما، معلومات لا تعرفها عن مقبرة الملك أمنحتب الثالث قبل فتحها للزيارة    هيفاء وهبي تفاجئ محبيها بطرح 5 أغاني من ألبوم «ميجا هيفا»| شاهد    منال سلامة ورانيا فريد شوقي في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي    ماجد الكدواني يتصدر إيرادات السينما بفيلم «فيها إيه يعني» أول أيام عرضه    تكريم حنان سليمان في الدورة الثالثة لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    استشاري مخ يكشف مدى خطورة إصابة الأطفال ب"متلازمة ريت"    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    «ديستوبيا روبلوكس»| أطفالنا في خطر.. شهادات مرعبة من داخل الغرف المغلقة    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    خبيرة: نجاح المالية في جذب اكتتابات تتجاوز 9 مليارات دولار دليل على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة، ألذ طعم وأسهل وصفة    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    رئيس جامعة العريش يسلم شهادات انتهاء البرنامج التدريبي الخاص بتأهيل وتدريب المعيدين الجدد    وائل السرنجاوي يعلن قائمته لخوض انتخابات مجلس إدارة نادي الزهور    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقعة الزلاقة (2-2)
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 09 - 2010

أخذت تجمعات شعبية من الشيوخ والعلماء تكتب إلى يوسف بن تاشفين تحثه على إنقاذ الأندلس ومسلميها، وأرسل إليه المعتمد وفدا من قاضى قرطبة وقاضى بطليوس (ولاية أندلسية)، وقاضى غرناطة، ووزير المعتمد أبى بكر بن زيدون ليحثوه على نصرة بنى دينه.
وأسند المعتمد إلى القضاة وعْظَ يوسف بن تاشفين وترغيبه فى الجهاد، وأسند إلى أبى بكر بن زيدون، وزيره، إبرام العقود والاتفاقات مع يوسف بن تاشفين، وحمّلهم المعتمد رسالة مكتوبة إلى يوسف بن تاشفين يرجونه فيها عبور المرابطين إلى الأندلس لمجاهدة الفرنجة ونصرة الإسلام ودين محمد عليه الصلاة والسلام.
ورد عليه يوسف برسالة يطمئنه فيها إلى نيته القدومَ إلى الأندلس. وطلب منه أن يسلمه منطقة الجزيرة الخضراء لكى تكون مستقرا لجيوشه، وختم خطابه بقوله: «فإن رأيت ذلك فأشهد على نفسك به، وابعث إلينا بعقودها ونحن فى إثر خطابك إن شاء الله (يعنى نأتيك بمجرد وصول خطابك إلينا)».
فكتب المعتمد له عقدَ هبةٍ بالجزيرة الخضراء، وأشهد عليه قضاته، وأرسله إليه، وتجهز ابن تاشفين بنفسه لقيادة جيش المرابطين، وكتب أمانا عاما لأهل الأندلس فى بلادهم وكتب إلى المعتمد «أنا أول منْتَدَب لنصرة هذا الدين، لا يتولى هذا الأمر أحد إلا أنا بنفسى».
وتجمعت قوات المعتمد ومن ناصره من ملوك الطوائف مع قوات المرابطين فى الجزيرة الخضراء، ولم تكن مناصرة المعتمد من هؤلاء إلا بعد أن طلب منهم النصرة ودعاهم إلى الجهاد يوسف بن تاشفين، فخرج صاحب غرناطة، وصاحب مالقة، وصاحب بطليوس وسارت الجيوش حتى وقفت عند سهل الزلاقة، وهو سهل بينه وبين إمارة بطليوس ثمانية أميال، ونظم يوسف بن تاشفين الجيش، وبلغت الأنباء ألفونس الذى كان يحاصر سرقسطة فرفع الحصار مسرعا وعاد إلى طليطلة، وأعلن النفير العام، وحل خلافاته مع بعض ملوك الفرنجة، وكتب إلى سائرهم يطلب المعونة.
فانضمت إليه أعداد غفيرة من فرنسا وإيطاليا وعدد من إمارات الفرنجة المجاورة له، وقدِّرَ جيش الفرنجة بأكثر من مائة ألف مقاتل بين فارس وراجل. وقدّر جيش المسلمين بتقديرين تراوحا بين عشرين ألفا وثمانية وأربعين ألف مقاتل. فكان جيش الفرنجة أضعاف جيش المسلمين على كل حال.
حاول ألفونس خديعة المسلمين بأن أرسل إليهم يقول إن غدًا الجمعة عيدكم، ويليه السبت عيد اليهود وفى بلادنا منهم عدد كبير، ويليه الأحد عيدنا، وليس يحسن القتال فى أيام هذه الأعياد، فليكن الموعد يوم الاثنين(!) ولكن المسلمين أدركوا أنه يريد أن يستنيموا إلى هذا الاقتراح فيكر الفرنجة عليهم وهم غافلون! لذلك لم يقعوا فى الفخ الذى نصبه لهم.
وبدأت المعركة فكانت أطوارا، طورا للمسلمين وطورا عليهم، ولكن ثبات ابن تاشفين ومن معه، وحسن بلاء المعتمد وجنوده ما لبثا أن أثرا فى المعركة أعظم تأثير، فانكسر جيش الفرنجة، واضطروا إلى الانسحاب نحو معسكرهم، بعد أن أصيب ألفونس إصابة بالغة فى فخذه.
فوجدوا المعسكر قد أحرق عن آخره، إذ كانت جيوش المسلمين تقاتلهم فى المواجهة، وفرقة تحيط بهم من خلفهم فاستولت على معسكرهم وغنمت ما به من عتاد، وأحرقت الخيام، وأبلى المعتمد بن عباد وأهل إشبيلية بلاء عظيما فى هذه المعركة حتى أصيبت تحته ثلاثة أفراس، ونالته جراح كثيرة، ولكن صمود المسلمين حسم المعركة لمصلحتهم وفقد ألفونس القسم الأعظم من جيشه، بين قتيل وهارب، فخرج فى الليل فارا إلى طليطلة لم يبق معه من جيشه إلا مائة، بعد أن نجا بنحو خمسمائة فارس لقى أربعمائة منهم مصرعهم من أثر الجراح وهم فى طريق الفرار.
لقد كان يوسف بن تاشفين يدير هذه المعركة وهو ابن تسع وسبعين سنة، وكان الفقهاء والعلماء يعظون الجنود ويشجعونهم على المصابرة والمواجهة. وعندما انهزم الفرنجة جمعت الأسلاب والغنائم التى تركوها ووضعت بين يدى يوسف بن تاشفين فآثر بها ملوك الأندلس، ولم يأخذ لنفسه أو لجنده شيئا، معلنا أن هدفه كان الجهاد فى سبيل الله ونصرة الإسلام وليس أخذ الغنائم والأسلاب.
وأصبح يوم الزلاقة عند المغاربة والأندلسيين كيوم القادسية ويوم اليرموك ثبتت فيه قدم الدين وعادت إشراقة الحق. لقد أمد هذا النصر فى عمر الأندلس المسلمة نحو مائتين وخمسين سنة، وتوقف ملوك الطوائف عن دفع الجزية لملوك الفرنجة، وظهر نجم يوسف بن تاشفين والمرابطين فى العالم الإسلامى، وسكنت إلى حكمه قبائل المغرب التى كانت مترددة فى ولائها له، وأصيب الفرنجة بهزيمة منكرة دفعتهم إلى توحيد صفوفهم وترتيب شأنهم وترك صراعاتهم مما مكن الأجيال التالية منهم من استرداد الأندلس كلها وإخلاء الإسلام منها.
وفى هذه المعركة دروس نافعة للمسلمين فى زمننا الحاضر فمناصرة أعداء الوطن عاقبتها ذميمة، والخيانة ووصف العدو المخالف بأنه أقل خطرا من الخصم الموافق عادة قديمة لهؤلاء الخونة. وينبغى للمسلم ألا تضلله هذه الدعاوى الفارغة وأن يعلم أن هذه الأمة مهما تكن الخلافات الجزئية بين فرقها هى أمة واحدة عدوها واحد ونصرها واحد وحضارتها لا تقوم إلا بها كلها، والله غالب على أمره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.