«المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    طيران الجيش الإسرائيلي ينفذ غارات على أطراف بلدة الناقورة جنوب لبنان    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    سقوط سيارة سوزوكي في ترعة المريوطية بالجيزة    وزير السياحة يطمئن على الحجاج المصريين بعد أداء المناسك بمشعر عرفات    أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى 2024 في مكة.. تعرف على موعدها    وفاة مسنة من البرلس أثناء أداء مناسك الحج    دليلك لمصيف مرسى مطروح.. هنقولك كل التفاصيل وتروح إزاى بأقل تكلفة؟    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت.. وتوجه تهنئة للجمهور    فنانون يؤدون فريضة الحج هذا العام.. صور وفيديوهات من الأراضي المقدسة    دعاء للحجاج.. أفضل أدعية لزوار بيت الله الحرام    الإسباجتي لا ينكسر    يورو 2024 – كييزا: استرجعت نهائي البطولة الماضية.. والهدف المبكر صدمنا    عامر حسين: لا بد أن يكون الموسم المقبل من دور واحد.. وأعتذر لجماهير الزمالك    يورو 2024.. ترتيب مجموعة إيطاليا بعد الفوز أمام ألبانيا    موعد مباراة إيطاليا وإسبانيا في أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيطاليا وإسبانيا يفوزان في يورو 2024 وجوميز يرفض مقترح بشأن نداي    الترجي يتوج بالدوري ال33 بعد الفوز على اتحاد المنستيري    عميد «بيطرى دمنهور» يقدم نصائح لذبح الأضحى بطريقة آمنة فى العيد    سرايا القدس تنفذ سلسلة من العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال    رئيسة الوزراء الإيطالية: إسرائيل وقعت في فخ «حماس»    الخارجية الأردنية: نتابع وفاة 6 مواطنين أردنيين كانوا يؤدون مناسك الحج    إطلاق "شعارات بانديرا النازية" في مؤتمر سويسرا حول أوكرانيا    الآن.. موعد صلاة عيد الأضحى 2024 في القاهرة وجميع المحافظات والمدن (اعرف منطقتك)    بيان من القنصلية المصرية بجدة للمواطنين الذين انقطع الاتصال بذويهم أثناء الحج    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. السعودية: اكتمال المرحلة الأولى من خطط أمن الحج بنجاح.. بايدن وترامب يتفقان على قواعد المناظرة الأولى.. ونائبة الرئيس الأمريكى: ندعم خطط زيلينسكى لإنهاء الحرب    متظاهرون يحرقون إطارات وصور نتنياهو في تل أبيب    يونيسف: الوضع في غزة يزداد سوءًا للأطفال يومًا بعد يوم    رئيس وزراء لبنان يستقبل عمرو دياب قبل حفله في بيروت    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    أيمن الرقب: عيد الأضحى فى قطاع غزة يقتصر على الشعائر الدينية فقط بدون أضاحى    من جديد معجب يطارد عمرو دياب في حفله ببيروت..ماذا فعل الهضبة؟ (فيديو)    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    مكروهات الذبح للمضحي وآداب الأضحية.. الإفتاء توضح    كيفية صلاة عيد الأضحى المبارك في البيت وعدد الركعات والتكبيرات (تفاصيل)    لكل أب وابن فى عيد الأضحى المبارك. والرسالة الأعظم    أمين الإفتاء: الحجاج ذهبوا إلى المزدلفة ويتجهزون لباقي أركان الحج    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    خريطة ساحات صلاة عيد الأضحى في القاهرة والجيزة | فيديو    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    وانكشف الإدعاء على الرئيس مرسي .. "السيسي" يمنح الإمارات حق امتياز قناة السويس ل 30 عاما    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    بهاء سلطان يطرح أغنية «ننزل فين» تزامنا مع عيد الأضحى    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    ما أسباب تثبيت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟.. خبير اقتصادي يجيب    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    «التموين»: صرف الخبز في المدن الساحلية دون التقيد بمحل الإقامة المدون بالبطاقة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشييع فلسطين فى حديقة الورود.. على ماذا يشهد الضيفان العربيان؟
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 09 - 2010

سيكون المشهد، غدا، الخميس، فى البيت الأبيض بواشنطن، أقرب إلى الكوميديا السوداء منه إلى المهرجان السياسى:
سيتولى الرئيس الأمريكى الأسمر ذو الجذور الإسلامية الخفيفة باراك أوباما رعاية تسوية مؤقتة، وبالإكراه، بين رئيس حكومة إسرائيل دولة يهود العالم بنيامين نتنياهو وبين رئيس مطعون فى شرعيته لسلطة حكم محلى فى بعض فلسطين.
الشاهدان العربيان الساميان لهما شرف الأسبقية فى عقد اتفاقات سلام لم تنتج سلاما مع إسرائيل أولهما رئيس جمهورية مصر العربية الذى كان سلفه قد حاز شرف السبق فى زيارة إسرائيل التى كانت «العدو» بعد- ثم عقد معها الاتفاق الأول للسلام، وتحت الرعاية الأمريكية فى كامب ديفيد 1978، والثانى فى وادى عربة سنة 1994 لكى يترك لياسر عرفات أن يسبقه بتوقيع اتفاق أوسلو 1993، فلا يتهم الملك حسين بأنه «المفرط»، بل هو ترك لصاحب القضية أن يدخل قبله ولم يملك بعد ذلك إلا أن يلحقه!
فأما صاحب التوقيع الأول، السادات، فقد كان عذره أن العرب قد تخلوا عنه فعز عليه الانتصار على عدوه فذهب إليه مصالحا بشروط لم يكن ليقبلها لو أن العرب صالحوا معه!
وهكذا فهو قد اضطر لأن يترك سيناء مفتوحة، تحت رقابة قوات دولية رمزية تم اختيارها بموافقة إسرائيل وخارج الأمم المتحدة، وكذلك كان عليه وقد أنهى حالة الحرب أن ينهى الحصار من حول إسرائيل كليا: لا جيشه يدخل سيناء، وليس له حق التحكم بحق مرور سفنها مدنية وحربية فى قناة السويس، كما فى مضائق تيران.. بل وقد انتهى احتمال الادعاء بأن البحر الأحمر «بحيرة عربية»! ومن قبيل تنشيط الذاكرة تكمن الإشارة الى أن إسرائيل هى التى تهدد الآن بإقفال هذا البحر من خلال السيطرة على بعض الجزر بين باب المندب وبحر العرب.
فأما الشاهد الثانى فقد ترك للجيش الإسرائيلى أن يضبط الحدود مع الأردن، بعد اتفاق وادى عربة، إذ رفع مسئوليته القانونية عن الضفة الغربية التى حولت إمارة جده الأمير عبدالله الى مملكة، عشية التحضير لإقامة دولة إسرائيل وقبل ربع قرن من «وجودها».. وها هو «العدو السابق» قد تمدد بإقامة المستوطنات فى غور الأردن بحيث بات يمنع التواصل بين فلسطينيى «الداخل»، وأساسا أهل الضفة وأشقائهم الذين صيروا ذات يوم «أردنيين»، والذين يعاد النظر فى هوياتهم الآن حتى لا تحرج المملكة فى علاقتها مع إسرائيل.
صار للجيش الإسرائيلى وحده حق التعامل مع الفلسطينيين بامتداد حدود «فلسطين التاريخية».. برا وبحرا وجوا!
للتذكير فقط، نشير إلى أن اتفاق أوسلو قد تم الاتفاق بعقده رسميا فى احتفال فخم، أيضا، فى حديقة الورود فى البيت الأبيض، وبرعاية الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون.. وقد اعتبره الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات بداية رحلة العودة، فى حين اعتبره الإسرائيليون نقطة النهاية فى مسيرة القضية، ثم عاقبوا رئيس حكومتهم الذى وقعه اسحق رابين باغتياله المدوى بعد أقل من سنتين على الاحتفال المهيب بإنجاز المصالحة التاريخية بين «العرب» و«اليهود».
ما علينا.. دخل الثوار المتقاعدون والمتعبون بل المنهكون بالتشرد فى أرض العرب الواسعة، الى أرضهم التى لم تعد أرضهم.. لم يكن دخول الفاتحين المحررين، بل كان أقرب الى دفعهم دفعا الى قفص الاحتلال، مع التخلى عن القضية وأهداف التحرير.
وهكذا صاروا شرطة محلية ملزمة بحماية الاحتلال: لقد دخلوا بشروطه، ثم إن من وقع معهم (رابين) قد لقى عقابه، بل وتعاقب بعد على رئاسة الحكومة حتى اليوم ستة من «خصومه» و «معارضيه»: شيمون بيريز لأشهر معدودة، ثم «الصقر» نتنياهو، فالمقاتل باراك، الذى حاول إكمال المسيرة مع عرفات فى كامب ديفيد، وبرعاية كلينتون ذاته، لكن الرئيس الفلسطينى رفض دخول الكمين، فى آخر لحظة، فعوقب بالحصار حتى الموت اغتيالا فى محبسه فى رام الله.
بعد ذلك تولى «المتوحش» آرييل شارون تحطيم ما تبقى من اتفاق أوسلو، فاقتحم المسجد الأقصى لتنفجر الانتفاضة الثانية، التى لم تجد قيادة مؤهلة ولا حاضنة عربية قادرة ولا رعاية دولية تمكنها من الإنجاز.
بعد غياب شارون عن الوعى والدور جاء أولمرت فكانت حربه على لبنان (يوليو أغسطس 2006)، التى كشفت حجم الانشقاق العربى، خصوصا أن معظم أهل النظام العربى كانوا يتمنون، بل يبعثون بالرسائل المشجعة الى القيادة الإسرائيلية مباشرة أو عبر واشنطن داعين إلى المضى فى الحرب حتى القضاء على ظاهرة المقاومة فى لبنان التى صمدت للحرب الإسرائيلية، لكى لا تصير نموذجا يقتدى به فيطير.. السلام!
أما على المستوى الفلسطينى فقد قفز محمود عباس إلى السلطة فى ظل شرخ أخذ يتسع مهددا آخر مؤسسات الثورة والشرعية حتى جاءت الانتخابات التشريعية فكرسته فى ظل انشقاق مدمر انتهى بانفصال غزة تحت لواء «حماس»، بينما أعيد تثبيت عباس فى رام الله.. فى انتظار انتخابات لا مجال لها فى المدى المنظور!
بعد هذه الوقفة أمام شرعية الرئيس الفلسطينى، الذى يؤخذ الى واشنطن بالسلاسل (بغض النظر عن رغبته)، فى مواجهة الأشد تطرفا والأشرس من بين القيادات الإسرائيلية نتنياهو، يمكن التوقف قليلا أمام الشاهدين العربيين: إن الرئيس المصرى كما الملك الأردنى بحاجة ماسة إلى المساعدة الأمريكية، وعلى مختلف المستويات، سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا، ثم إنهما محكومان بمنطوق الاتفاقات المعقودة مع العدو السابق، إسرائيل. وهما يذهبان الى واشنطن بالأمر وليس بالرغبة، فهى من فرضت هذا اللقاء وعينت حضوره من دون أى تعهد بأن تتجاوز نتائجه الصورة التذكارية للإذلال الإسرائيلى الجديد «للعرب» عبر إلزامهم بالموافقة على اتفاق إذعان جديد يفرض على الطرف الفلسطينى العاجز، يأخذ منه ما تبقى منه شرعيته ولا يعطيه بالمقابل أى شبر من أرضه.. بل إن نتنياهو يعلن جهارا أن اللقاء سيحرر قراره ببناء المزيد من المستوطنات عبر اتفاق تحت رعاية الإدارة الأمريكية، التى أجبرها على سحب تعهدها اللفظى بدولة فلسطينية.
ما بين 1993 و2010 وقع من التراجعات السياسية، عربيا بالأساس، ومن ثم فلسطينيا، ما يسمح بل ويفرض اتفاق إذعان جديدًا، لا تستطيع أن ترفضه هذه السلطة الهزيلة والمطعون بشرعيتها والتى تعيش على الصدقات والإعانات الأجنبية: مخابراتها فى اليد الأمريكية وقرارها فى اليد الإسرائيلية وشرطتها حارس حدود إضافى للأمن الداخلى الإسرائيلى يطارد نوايا أو أقوال من يفكر بالمقاومة والتحرير.
ولن يضفى وجود الحاكمين العربيين ورعاية الرئيس الأمريكى أى قدر من الشرعية على هذه السلطة، وبالتالى على اتفاق الإذعان الجديد، اللهم إلا إذا اعتبرنا الاعتذار بالعجز مصدرا للشرعية.
والخلاصة: قد يكون فى هذا اللقاء بالإكراه، فلسطينيا، وبالإحراج، مصريا وأردنيا، وبالمصلحة المؤكدة إسرائيليا، ما قد يفيد الرئيس الأمريكى الأسمر فى الانتخابات النصفية.. لكن شعب فلسطين ( ومعه الأمة جميعا) سيدفع مرة أخرى من أرضه ومن حقه فى أن تكون له فيها دولة قابلة للحياة، ثمن هذا التهافت الجديد على التنازل المجانى عن حق تاريخى مؤكد بالدم.
رحم الله الشهداء.. ولنقرأ جيدا تظاهرة واشنطن العنصرية يوم السبت الماضى لنتأكد من مدى قوة «أوباما» على الحكم ثم على فرض رأيه على إسرائيل نتنياهو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.