تواصل أجهزة الشرطة والاستخبارات البريطانية جهودها لفك لغز جريمة مقتل عميل للاستخبارات فى البلاد يدعى جاريث ويليامز، عثر على جثته فى منزله الواقع بوسط لندن قبل عدة أيام، بعدما أبلغ زملاؤه عن اختفائه، وذلك وسط مخاوف من سرقة مواد استخباراتية مهمة كانت فى منزل القتيل. ومن بين المشتبه بهم فى الجريمة، التى يعتقد أنها وقعت قبل اكتشاف الجثة بأسبوعين على الأقل، من وصفتهم مصادر أمنية بريطانية ب«إسلاميين متشددين»، إلى جانب عملاء للاستخبارات الروسية، أو عناصر أيرلندية منشقة عن منظمة الجيش الجمهورى الأيرلندى التى وافقت على إلقاء السلاح والمشاركة فى العملية السياسية فى أيرلندا الشمالية. وكان ويليامز (30 عاما) يعمل خبيرا فى الوكالة الحكومية السرية المعنية بعمليات التنصت على الاتصالات والمراسلات فى المملكة المتحدة، والمعروفة اختصارا ب«جى سى إتش كيو»، قبل أن ينتدب قبل عام تقريبا للعمل لحساب وكالة الاستخبارات البريطانية الخارجية «إم آى 6». وعثرت الشرطة البريطانية منتصف الأسبوع الماضى على جثة العميل الاستخباراتى موضوعة بداخل حقيبة رياضية فى حمام منزله بحى بيمليكو الراقى، الذى لا يبعد كثيرا عن مقر ال«إم آى 6» القابع على ضفاف نهر التايمز فى منطقة فوكسهول، حيث تكتمت السلطات على النبأ ليومين تقريبا. وعثر إلى جانب الجثة على الهاتف المحمول الخاص بالقتيل، وهو حاصل على درجة الدكتوراه فى الرياضيات والذى كان يعمل خبيرا فى فك الشفرات، وإلى جانبه عدد من شرائح الهاتف المحمول. وبحسب مصادر أمنية بريطانية فإن التحقيقات تركز حاليا على سبب تأخر اكتشاف جثة عميل استخبارات لكل هذه الفترة، لاسيما أن الجريمة وقعت قبل شهر واحد من عودة القتيل لعمله السابق فى وكالة التنصت (جى سى إتش كيو)، إحدى الوكالات البارزة فى العمل السرى فى بريطانيا والتى لا يسلط عليها الضوء عادة، حيث تتولى الوكالة مراقبة المحادثات الهاتفية والرسائل البريدية أو الإلكترونية، وكذلك العمل على إحباط أى محاولات لاختراق نظم المعلومات فى المملكة المتحدة. وأشارت المصادر الأمنية إلى أن من بين الخيوط التى يتتبعها المحققون إمكانية أن يكون للعميل القتيل «حياة سرية»، نجح فى أن يخفيها عن زملائه وجيرانه، الذين وصفوه بأنه كان «هادئا ودمثا ومتحفظا وكتوما للغاية.. ومهووسا بالرياضة وركوب الدراجات». ومما يعزز هذا الاحتمال ما أسفر عنه فحص الشريحة الخاصة بهاتف ويليامز من العثور على أرقام هواتف لشركات «توفير مرافقات» فى إشارة إلى «فتيات هوى» على الأغلب، إلى جانب وجود مواد إباحية فى المنزل، الذى يعتقد أنه من بين «المنازل الآمنة» التابعة للاستخبارات البريطانية فى بيمليكو. ولكن مراقبين أكدوا أنه من غير المستبعد أن تكون الجريمة مرتبطة بعمل ويليامز الاستخباراتى، خاصة فى ظل مشاركة خبراء من وحدة مكافحة الإرهاب وعملاء استخبارات فى التحقيقات، وما أعربت عنه مصادر أمنية بريطانية من خشيتها من أن يكون من قتلوا «عبقرى الرياضيات» قد حصلوا على أسرار حساسة من على حاسبه الآلى بهدف بيعها ل«أعداء بريطانيا». ولا تزال السلطات البريطانية بانتظار نتيجة فحص السموم الذى أجرى للجثة، فى وقت تسربت فيه تفاصيل عن قائمة القتلة المحتملين ل«جاريث ويليامز»، والتى يأتى على رأسها من وصفوا بال«المتشددين» ممن تربطهم صلة بتنظيم القاعدة وذلك نظرا لتركيز الوكالتين اللتين عمل فيها القتيل، (إم آى سكس) و(جى سى إتش كيو)، فى الفترة الحالية على محاربة «الإسلام المتطرف». كما تضم القائمة عملاء الاستخبارات الروسية نظرا لتردى العلاقات بين جهازى الأمن الروسى والبريطانى، إلى مستوى هو الأدنى منذ فترة الحرب الباردة، لاسيما بعد مقتل العميل الروسى السابق المنشق ألكسندر ليتفنينكو، الذى لقى حتفه فى بريطانيا أواخر عام 2006، وتبين أنه مات مسموما بمادة مشعة. وإلى جانب ذلك، لا تستبعد المصادر البريطانية تورط عناصر أيرلندية فى قتل جاريث ويليامز، خاصة العناصر المنشقة على منظمة الجيش الجمهورى الأيرلندى التى وافق عناصرها على الانخراط فى عملية سلام فى أيرلندا الشمالية.