توالت المفاجآت فى التحقيق الجارى بشأن مقتل خبير فك الشفرة فى المخابرات البريطانية جاريث ويليامز، الذى عُثر على جثته الأسبوع الماضى فى منزله بقلب لندن، حيث أكدت مصادر الشرطة أن ويليامز شوهد قبل اكتشاف وفاته بثمانية أيام فقط، وذلك بعدما كان يُعتقد أنه ظل مختفيا طيلة الأسبوعين السابقين على العثور على الجثة. ومن جهة أخرى، أكدت مصادر قريبة من التحقيقات أن خلافات حادة نشبت بين المشاركين فيها، الذين يتوزعون ما بين محققين من وحدة مكافحة جرائم القتل التابعة للشرطة، وآخرين يتبعون قيادة مكافحة الإرهاب المقربة من الاستخبارات. ويتهم محققو الشرطة نظراءهم من مكافحة الإرهاب بعرقلة التحقيق عبر منعهم من استجواب شهود مهمين، من بينهم زملاء لجاريث ويليامز فى عمله المخابراتى، حيث قيل لمحققى الشرطة إن بعض هؤلاء الشهود «أوفدوا فجأة فى مهام سرية خارج بريطانيا». واعتبر مراقبون أن أجهزة الاستخبارات تخشى أن يطلع محققو الشرطة على معلومات حساسة خلال التحقيقات. فى الوقت نفسه، كشفت مصادر بريطانية مطلعة النقاب عن أن مسئولى استخبارات أمريكيين يتابعون التحقيقات عن كثب، خاصة بعدما تبين أن ويليامز كان قبل أسابيع قليلة من مقتله «فى إحدى زياراته الدورية للولايات المتحدة»، حيث كان يلتقى مسئولين فى وكالة الأمن القومى التابعة لوزارة الدفاع (البنتاجون)، وهى مركز التنصت والمراقبة المناظر للوكالة الحكومية السرية المعنية بالتنصت على الاتصالات والمراسلات فى بريطانيا (جى سى إتش كيو). وأشارت المصادر إلى أن المسئولين الأمريكيين قلقون حيال إمكانية أن يكون مقتل «عبقرى الرياضيات» البريطانى قد أدى لتسرب أسرار حساسة تهدد «الأمن العالمى» على حد قولهم. ووفقا للمصادر نفسها، فإن جاريث ويليامز، الذى اُعتبر مقتله «ضربة لأجهزة المخابرات نظرا لمواهبه النادرة وغير المعتادة»، كان أحد أبرز خبراء فك الشفرة فى العالم السرى للاستخبارات، كما أنه لعب دورا مهما فى إحباط «عدد من المخططات الإرهابية لتنظيم القاعدة سواء داخل بريطانيا أو خارجها»، ومن بينها محاولة تفجير طائرات ركاب خلال رحلات عبر المحيط الأطلنطى، التى تم كشف النقاب عنها عام 2006. ورغم التكتم المفروض على التحقيقات، فإن التسريبات تشير إلى أن القتيل كان يلتقى خلال زياراته للولايات المتحدة مسئولين مخابراتيين أمريكيين رفيعى المستوى، وأن الدور الذى كان يلعبه كان حيويا لبريطانيا والولايات المتحدة بل لأوروبا بأسرها، خاصة أنه ربما كان من بين المكلفين بتتبع الاتصالات بين قادة حركة طالبان فى أفغانستان. وفى تلك الأثناء، ذكرت مصادر الشرطة البريطانية أنه من المتعذر تحديد سبب وفاة ويليامز قبل نهاية هذا الأسبوع على الأقل، لاسيما بعد النتائج غير الحاسمة التى أسفرت عنها عمليات تشريح الجثة، التى لا توجد عليها إصابات ظاهرة، بعدما عُثر عليها موضوعة فى حقيبة كبيرة بداخل بانيو حمام منزل العميل الاستخباراتى. ولذلك ترفض الشرطة حتى الآن إعلان أن الوفاة هى «جريمة قتل» بشكل رسمى، رغم الظروف الغريبة المحيطة بالعثور على جثته، التى تجعل مسئوليها يرجحون أن يكون ويليامز قد «سُمم أو خُنق أو حُقن بمواد مخدرة» مما أدى لوفاته. ومن جانبها، أعربت أسرة العميل القتيل عن غضبها إزاء ما تردد عن أن القتيل كان ذا ميول جنسية شاذة وأن مقتله ربما جاء على شيد أحد «عشاقه» أو بشكل عرضى «خلال لعبة ذات طابع جنسى جرت على نحو خاطئ».