الكلية الفنية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    «التنظيم والإدارة»: تطبيق هيكل جديد بنظام الشباك الواحد أول أكتوبر    تعاون بين قطاع الأعمال والأكاديمية العربية للعلوم الإدارية لتدريب الكوادر البشرية    مؤتمر التيكاد 9.. اقتصادية قناة السويس تعقد مائدة مستديرة مع مسئولي 8 شركات يابانية لاستعراض الفرص الاستثمارية    لافروف: وقعنا مع الأردن اتفاقية لإلغاء التأشيرات لتعزيز الروابط التجارية    الهلال الأحمر يدفع 2300 طن مساعدات غذائية وطبية في قافلة إلى غزة    خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    حماة الوطن: التعنت الإسرائيلي يعرقل جهود التهدئة والمقترح المصري القطري نافذة أمل جديدة للفلسطينيين    هل يستمر بافار مع إنتر بعد هذه الخطوة؟    استراحة السوبر السعودي - القادسية (1)-(4) أهلي جدة.. نهاية الشوط الأول    كرة نسائية – سحب قرعة الدوري.. تعرف على مباريات الجولة الأولى    طقس غد.. حار بأغلب الأنحاء ونشاط رياح واضطراب الملاحة والعظمى بالقاهرة 35    تموين الأقصر تضبط ربع طن أجزاء دواجن وكبده بقرى مجهولة المصدر بسيارة ثلاجة    «التضامن»: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى في عدة محافظات    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    هبوط المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.02% بختام تعاملات جلسة الأربعاء    رئيس «اقتصادية القناة»: نمتلك تجربة ملهمة تبرهن على مدى مساهمة جاهزية البنية التحتية في مناخ الاستثمار    الأوقاف:681 ندوة علمية للتأكيد على ضرورة صون الجوارح عما يغضب الله    «دوري مو».. محمد صلاح يدفع جماهير ليفربول لطلب عاجل بشأن البريميرليج    بعد وفاة الطفل حمزة.. هل النودلز تؤدي إلى الوفاة؟ (خبيرة تغذية تجيب)    انتظام امتحانات الدور الثاني بالغربية الأزهرية ورئيس المنطقة يطمئن على لجان السنطة    علي جمعة يكشف عن 3 محاور لمسؤولية الفرد الشرعية في المجتمع    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    اليوم.. قصور الثقافة تفتتح معرض «وفاء النيل» بمركز الهناجر    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    القبض على طرفي مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالسلام    مقتل شاب في مشاجرة بدار السلام بسبب خلافات الجيرة    العقارب تلدغ طفلين في أعمار حرجة بالفرافرة وسط موجة حر قاسية    جامعة الإسكندرية شريك استراتيجي في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل    ضبط 111 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    برلمانى: الدور المصري في وساطة الأزمة الفلسطينية يعكس خبرة وعراقة الدبلوماسية المصرية    رئيس وزراء أستراليا يرفض اتهامات نظيره الإسرائيلي بأنه ضعيف لاعترافه بالدولة الفلسطينية    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    20 أغسطس 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4520 جنيها    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    حبس سائق أتوبيس بتهمة تعاطي المخدرات والقيادة تحت تأثيرها بالمطرية    خلال أيام.. آخر موعد لحجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025 لمتوسطي الدخل «سكن لكل المصريين 7»    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 .. كليات ومعاهد دبلوم تجارة 3 سنوات وتوقعات الحد الأدنى للقبول    وسام أبو علي يكشف رقم قميصه مع كولومبوس كرو الأمريكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كانت عندنا جامعة
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 08 - 2010

لا أعرف موقع اليمن فى أولويات السياسة الخارجية المصرية فى الوقت الراهن، ولست واثقا من أنها مدرجة أصلا على الأجندة. وفى ظل غياب مصر أو انسحابها لاحظت أن قطر تلعب دورا نشطا فى تحقيق أو إنجاح المصالحة بين حكومة صنعاء الحوثيين. وأن السعودية حاضرة هناك بحكم متطلبات الجوار
، وأن تركيا لها حضورها المتزايد على الصعيدين الاقتصادى والثقافى، وأن هناك لجنة مشتركة يمنية تركية لدفع عجلة التعاون والتفاهم بين البلدين. إزاء ذلك فأخشى أن تسقط اليمن بمضى الوقت من الذاكرة المصرية، رغم أن جيلنا لايزال يذكر حجم ومدى الحضور المصرى هناك فى ستينيات القرن الماضى، فى أعقاب نجاح الثورة على الحكم الإمامى. وقد دعانى إلى التطرق للموضوع أننى اكتشفت مصادفة أن الجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن) أوفدت بعثة علمية لمسح اليمن وحضرموت فى عام 1936 وأمضت هناك نحو سبعة أشهر، عادت بعدها بثروة كبيرة من المعلومات والانطباعات.
وقعت على تقرير البعثة فى آخر كتاب «أرض العروبة» (صدر عام 1993) للدكتور سليمان حزين رحمه الله، وكان المؤلف الذى صار فيما بعد مديرا لجامعة أسيوط ووزيرا للثقافة على رأس تلك البعثة التى أوفدتها كليتا الآداب والعلوم حينذاك. إذ كان هو والدكتور خليل يحيى نامى يمثلان كلية الآداب، فى حين مثل كلية العلوم الدكتور نصر شكرى والأستاذ محمد توفيق الدسوقى.
أثارت انتباهى ودهشتى الفكرة. فأن يستشعر نفر من الباحثين المصريين فى ذلك الوقت المبكر أهمية القيام ببحث ميدانى لجزء قصى من الوطن العربى، فذلك تعبير عن عمق الانتماء والشعور بالمسئولية. وأن يتوافق على ذلك المسئولون فى كليتى الآداب والعلوم، دون توجيه من أحد، وينتدبون للمهمة أربعة من الباحثين، ويشجعهم على هذه المهمة مدير الجامعة آنذاك الدكتور أحمد لطفى السيد، ويمول رحلتهم بألف جنيه مصرى (كان الجنيه محترما وقيمته تجاوزت الإسترلينى). فذلك مما يدل على جدية الأداء والحرص على تعميق الروابط وتعزيز الدور الريادى فى مجال البحث والمعرفة.
استغرقت الرحلة الفترة ما بين شهرى أبريل ونوفمبر من عام 1936 هكذا كتب الدكتور سليمان حزين فى تقريره وأضاف: كان طريقنا (كما وضحته خريطة مرفقة) من عدن إلى لحج ثم إلى تعز وإقليم الحجرية فى جنوب اليمن. ثم من تعز إلى المخا على ساحل تهامة الغربى لليمن، ثم إلى ميناء الجزيرة فى شمال تهامة، ثم من الحديدة اتخذت البعثة طريق الحديدة فوق الهضبة العليا إلى صنعاء، ثم من صنعاء قامت برحلتين إلى شمال اليمن.
ثم عادت إلى الحديدة عن طريق القوافل القديم. ومنها اتخذت البعثة طريق البحر إلى جزيرة بريم ثم إلى عدن والمكلا. ثم بالبر إلى الشحر التابعة لها. ثم اتجهت البعثة إلى وادى حضرموت حيث زارت تريم. ووصلت إلى مناطقها الشرقية والغربية، وركبت طريق القوافل فى وادى دوعان إلى الخريبة، ثم المكلا مرة أخرى، ومنها بالبحر إلى عدن ومصر.
قطع أعضاء البعثة أثناء الرحلة نحو 2500 كيلوتر، منها الثلثان بالسيارات، والباقى على ظهور الدواب أو سيرا على الأقدام. وعادوا بكمية وفيرة من المواد الدراسية والمجموعات العلمية حول جيولوجيا المنطقة وجغرافيتها ومناخها وآثارها والسلالات البشرية واللهجات المحلية. وإلى جانب ما تعلق بالأرض والإنسان فإنها أجرت دراساتها على الحيوانات والحشرات أيضا، وجمعت نحو 6000 عينة الحيوانات الصغيرة. (نتائج الدراسات التى أجروها نشرت باللغتين الإنجليزية والفرنسية فى عدد من أهم المجالات العلمية، خلال عامى 37 و1938).
خلال تلك الجولات حرص أعضاء البعثة على الاتصال بالمهتمين بشئون العلم والتعليم والثقافة. ومن الملاحظات المهمة التى سجلها التقرير أنهم سمعوا من الشخصيات اليمنية التى التقوها تقديرا لمكانة مصر لكن «الكثرة منهم لم تكن لترى فيما تقوم به مصر وفاء كافيا لما ترتبه تلك المكانة من واجبات والتزامات». وقال بعضهم «إن مصر نفسها أصبحت شديدة الانهماك بشئونها الخاصة، إلى حد لا يكاد يسمح لها بأن تقوم بحقوق الريادة بين أمم المشرق».
فى ختام التقرير مقترحات عدة لتوثيق العلاقات الثقافية مع اليمن تراوحت بين تشكيل مجلس أعلى مشترك لتوحيد السياسة الثقافية فى اليمن والعالم العربى، وتنشيط علاقة وزارة المعارف والجامعة بالمجتمع اليمنى، وإيفاد البعثات التعليمية المصرية إلى اليمن ودعوة الطلبة اليمنيين إلى مصر...إلخ.
ينتاب المرء شعور بالاعتزاز والاكتئاب حين يفرغ من قراءة التقرير. الاعتزاز بدور الجامعة آنذاك، والاكتئاب لأن هذه الروح اختفت بعد 75 عاما. فلا الجامعة صارت جامعة، ولا مصر بقيت كما هى. لذلك لم يكن غريبا أن تخرج الجامعة من تصنيف الجامعات المحترمة فى العالم، وأن تخرج مصر من التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.