فى متجره الصغير بشارع سليمان جوهر بحى الدقى يجلس محمد صلاح وسط المعدات الكهربائية التى تخصص فى بيعها وإصلاحها منذ أكثر من 25 عاما فى انتظار زبائنه اليوميين الذين يعانون من أعطال أجهزتهم الكهربائية التى تزايدت فى الفترة الأخيرة بسبب تكرر انقطاع التيار الكهربائى، حيث يعتمد فى الجزء الأكبر من دخله على إصلاح هذه الأجهزة. يوضح صلاح أنه مع انقطاع التيار الكهربائى يعود بقوة عالية تتسبب فى تلف العديد من الأجهزة الكهربائية مثل التكييف، التليفزيون، والثلاجات التى تكون الأجهزة الأكثر حساسية تجاه الانقطاع المتكرر للكهرباء. طلبات إصلاح أجهزة التكييف هى الاكثر عادة، كما يشرح صلاح الذى يتلقى 3 طلبات تصليح يوميا فى المتوسط، حيث يتسبب انقطاع التيار الكهربائى وعودته بقوة فى «إن الفيوز يضرب» مما يستلزم تغييره، وهى العملية التى لا تتجاوز تكلفتها أكثر من 10 جنيهات، على حد قوله، مشيرا إلى أن هناك بعض الأجهزة التى تتلف نهائيا ولا يمكن إصلاحها. ويرى صلاح أن الحل فى السيطرة على مشاكل الأجهزة الكهربائية بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائى، سيكون على الحكومة التى يجب عليها تنظيم التيار بحيث يعود بمعدلاته الطبيعية حتى لا يتسبب فى هذه الأعطال، أو على المواطنين أنفسهم بشراء «مثبتات التيار» وإن كان يرى أنه حل صعب التنفيذ حيث يتراوح سعر المثبت الجهاز الواحد من 300 إلى ألف جنيه تقريبا حسب قوته. كانت حالات انقطاع التيار الكهربائى بدأت شهر يونيو الماضى تقريبا بمعدلات بسيطة، إلا أنها زادت بشكل ملحوظ مع بداية شهر رمضان، وهو ما برره حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة بأنه يعود إلى موجة الحر الشديدة وارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية، مما أدى إلى زيادة الأحمال الناتجة عن فترات الذروة التى تبدأ من الساعة الثامنة وحتى العاشرة مساء. وطالبت وزارة الكهرباء والطاقة المواطنين فى جميع محافظات مصر بضرورة الترشيد والاستخدام الأمثل للكهرباء. وينصح صلاح الزبائن بنزع القابس الكهربائى للأجهزة فى حالة عدم استخدامها، أو فور انقطاع التيار الكهربائى لتفادى أعطال وتلف الأجهزة. ويشير صلاح إلى تزايد إقبال الزبائن على شراء اللمبات الموفرة حتى من قبل أزمة انقطاع التيار الكهربائى على أمل أن تساهم فى خفض فاتورة الكهرباء فى نهاية الشهر، إلا أن صلاح كان رأيه مختلف حيث يتساءل «الإقبال على اللمبات الموفرة من زمان لكن هل توفر فعلا؟ الفاتورة لم تتأثر كثيرا بتركيب اللمبات الموفرة، بل قد تكون زادت». وتشير تقارير وزارة الكهرباء والطاقة إلى أن الإنارة فى القطاع المنزلى تستهلك القسط الأكبر من إجمالى استهلاك الكهرباء فى مصر بنسبة 40% من الإجمالى، مما يعنى أنه يمكن خفض هذه النسبة فى حالة استخدام اللمبات الموفرة دون التأثير على شدة وجودة الإضاءة، حيث يؤكد الخبراء أن اللمبة بقوة 20 وات تعطى نفس قوة الإضاءة للمبة العادية قدرة 100 وات مما يؤدى إلى خفض الاستهلاك الشهرى للإنارة فى فاتورة الكهرباء بنسبة 80% تقريبا. ومع دخول شهر رمضان يسعى بعض الناس إلى تركيب لمبات ملونة للزينة احتفالا بالشهر الكريم، وهو ما كان يقوم به صلاح فى الماضى إلا أنه توقف عنه منذ فترة كبيرة بسبب التعقيدات الحكومية من إجراءات روتينية طويلة وطلب تصاريح كثيرة، كما أنه يشير إلى تراجع هذه العادة حاليا مع منعها رسميا حيث تصل قيمة الغرامة للمبة الواحدة المخالفة إلى 200 جنيه وأحيانا الحبس لنحو 6 أشهر. ويتذكر صلاح الذى ورث مهنة الكهربائى عن والده الحال عندما بدأ العمل فى هذا المجال حيث كان عدد الأجهزة أقل بكثير. يقول صلاح «زمان كان فين وفين لما الواحد يشوف تكييف وكان تكييف كولدير اللى عامل زى الجرار، دلوقتى فى كل بيت من تكييف لخمسة، والأجهزة التانية كمان زادت زى التليفزيون وبقى فى كل حجرة تليفزيون غير الثلاجة والديب فريزر». ويرى صلاح أن هذه الأجهزة تتسبب فى أحمال كبيرة على الكهرباء، إلا أنه يستنكر أن يكون قطع التيار الكهربائى هو الحل لذلك، بل لابد من توفير بدائل والتوقف عن تصدير الغاز المصرى للخارج إلى أن يتم سد الاحتياجات الداخلية أولا. ويشير صلاح أيضا إلى تنوع المعدات الكهربائية التى تستخدم فى العمل، والتى شهدت تطورا كبيرا على مر السنين جعلت الأمور أسهل على العامل فى المجال، مؤكدا أن المصرى منها فى كثير من الأحيان يكون أفضل من المستورد، بينما يعتبر المنتجات الصينية الأسوأ على الإطلاق وتتلف سريعا. ويشكو صلاح من قلة العاملين فى مهنة الكهربائى، وتراجع الراغبين تعلمها، حيث يرى أن «كثيرا من الشباب مش عايزين يتعبوا فى الشغل وعايزين وظيفة مريحة»، مشيرا إلى أنه فى الماضى كان أثناء الأجازة الصيفية من صبيين إلى ثلاثة يأتون إليه لتعلم الصنعة أما الآن فأصبح من النادر أن يجد أحدا يريد التعلم. ويستعين صلاح الأب لولدين وبنت بابنه الأكبر لمساعدته فى العمل فى متجره، وليتعلم المهنة منه، حيث يعتبر العائد منها جيدا مقارنة بأى وظيفة أخرى يمكن الحصول عليها بشهادة جامعية.