«خفض أسعار الأدوية سيؤثر سلبا على أداء الشركات لكن بصورة محدودة»، هكذا علق أحمد عبدالغنى، المحلل المالى فى شركة سى. آى كابيتال على قرار وزارة الصحة الذى أعلنته قبل عدة أيام والخاص بخفض أسعار نحو 44 دواء جديدا اعتبارا من أول شهر نوفمبر المقبل. وأضاف عبدالغنى أن هذا الخفض فى السعر لن يحول الشركات إلى الخسارة، ولكن سيقلل من أرباح بعض منتجاتها فحسب، وهو ما سينعكس سلبا على إجمالى الأرباح ولكن بصورة محدودة، «مثلا سيتم خفض أسعار 3 أدوية من التى تنتجها الشركة المصرية للصناعات الدوائية إيبيكو لذلك سيقل ربحها فيها فإذا كان سعر علبة الدواء ب10 جنيهات سيقل إلى 8 جنيهات». ويرى ثروت باسيلى، رئيس مجلس إدارة شركة آمون القابضة للاستثمارات المالية، ومؤسس شركة آمون للأدوية، إن قرار خفض أسعار الأدوية جاء لتصحيح وضع أسعار بعضها الذى كان مغالى فيه، مما يفوق طاقة كثير من المرضى، «لا بد أن نراعى مصالح كل الأطراف عند اتخاذ القرارات وليس الشركات فحسب» كما أضاف. وتشير بعض نماذج أسعار الأدوية المقرر خفضها إلى ارتفاعها بصورة حادة لا تتلاءم مع مستوى دخول الغالبية العظمى من دخول المصريين، مثل اوكساليبلاتين ميان 50 مجم لعلاج السرطان الذى يصل سعره إلى 800 جنيه وسيتم خفضه إلى 720 جنيها، واوكساليبلاتين ميان 100 مجم للسرطان أيضا بنحو 1600 جنيه، وسيهبط إلى 1400 جنيه، وهيومالوج مكس 25/100 وحدة دولية قلم جاهز للحقن لمرض السكرو الذى يباع ب330 جنيها فسيصل إلى 300 جنيه. ويتفق باسيلى مع عبدالغنى فى أن الشركات قد تتأثر ولكنها لن تخسر، بدليل أن عددها يتزايد ووصل إلى 107 شركات مقابل 7 شركات فقط قبل نحو 30 عاما، وأضاف باسيلى أن قطاع صناعة الأدوية مازال جاذبا للاستثمارات وسيظل كذلك رغم التدخل من قبل الدولة فى سياسة أسعار الدواء، «الشركة لو خسرت لن تستمر ولا يوجد ما يجبرها على الاستمرار، لكن ما يحدث أن الاستثمارات تزيد» حسب قوله. يذكر أنه يوجد 7 شركات مملوكة للدولة فى مصر لإنتاج الدواء وعدد مثله لفروع الشركات الأجنبية، والباقى من القطاع الخاص. «من يراقب ميزانيات شركات الأدوية يجد أنها تكسب وتكسب جيدا» كما قال جمال الدين غالى، الرئيس السابق للشركة العربية للعبوات الدوائية، مؤكدا وجهة نظر كل من باسيلى وعبدالغنى، وأشار إلى أنه لابد من أن قرار خفض الأسعار قد سبقته دراسة ولم يتخذ عشوائيا، وغالبا ما تم نتيجة لهبوط أسعار الخامات المستخدمة فى إنتاجها مما أدى إلى تراجع التكلفة. وقال عبدالغنى إن خفض أسعار مجموعة من الأدوية لا يعنى بالضرورة أن الاتجاه العام سيكون كذلك، ولكن وفقا لقرار وزير الصحة العام الماضى الذى عدل النظام القديم لتسعير الدواء، وجعله مرتبطا بالأسعار العالمية، بمعنى أنه بدلا من تحديد هامش معين من الربح إضافة للتكلفة كما كان معمولا به من قبل، ما يحدث فى النظام الجديد أنه يتم تحديد سعر الدواء على أساس أن يقل عن أقل سعر له فى مجموعة الدول التى تصدر الشركة المنتجة للدواء لها بنسب تتراوح بين 10% وأحيانا تصل إلى 60% عند توافر شروط معينة فى كل حالة. وفى حين وجدت الشركات المحلية أن النظام الجديد أفضل حيث يعطى مرونة لتحرك الأسعار صعودا أو هبوطا خاصة أنه شمل بندا آخر يتيح تلك الحركة أيضا عند تغير سعر صرف العملة هبوطا أو صعودا بنسبة 15% كما يحددها البنك المركزى، إلا أن الشركات الأجنبية الكبيرة فى مصر انتقدت النظام متعللة بأنه ليس عادلا لأن الشركة قد تضطر إلى البيع بسعر أرخص فى الدول التى تزيد فيها نسبة الفقر عن مصر، «حتى لو كان رخيصا فلن تبيع بسعر أقل من التكلفة» حسب باسيلى منتقدا موقف تلك الشركات. ويرى عبدالغنى أنه رغم هذا النقد إلا أن الشركات الأجنبية لم تتخل عن الاستثمار فى مصر بسبب قرار حساب سعر الدواء الجديد، لأنها ستحقق عوائد أكبر حتى مع انخفاض السعر، بسبب ارتفاع عدد السكان الذى يؤدى إلى كبر حجم الطلب. ويعنى النظام الجديد أنه عند ارتفاع الأسعار العالمية أو زيادة سعر الصرف فإن سعر الدواء فى مصر سيصعد أيضا، وهذا ما دفع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فى إقامة دعوى ضد قرار وزير الصحة معتبرة قرار ربط سعر الدواء محليا بالأسعار العالمية انتهاكا لحق المواطن فى الحصول على الدواء دون تمييز، حيث سيترتب عليه ارتفاع شديد فى أسعار الدواء، خاصة الأدوية التى يعتمد عليها ملايين المصريين بسبب سعرها المنخفض. وقد قضت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة فى أبريل الماضى بوقف تنفيذ قرار الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة المتضمن إنشاء نظام جديد لتسعير الأدوية يربط سعر الدواء فى مصر بالأسعار فى الدول الأجنبية، لما سيترتب عليه من ارتفاع شديد فى أسعاره، إلا أن قرار تخفيض سعر الدواء الأخير يعنى عدم الالتزام بهذا الحكم.