أعرب خبراء في شئون الغذاء والطاقة عن تخوفهم من دخول العالم علي موجة من الارتفاعات في أسعار القمح في البورصات العالمية والتي كان يمكن التنبؤ بها منذ أكثر من شهرين وقت أن كان سعر القمح العالمي لا يتجاوز160 دولارا للطن الذى أصبح بأسعار البورصة يوم 4 أغسطس الجاري 300 دولار لطن القمح الأمريكي. ومما يشير إلى وجود أزمة غذاء عالمية محتملة، ما تتعرض له دول شرق أوروبا من فيضانات تؤثر في الإنتاج العالمي لمحصول القمح، واعتبر خبراء أوروبيون أن موجة الحر غير المسبوق التي تجتاح روسيا في الوقت الراهن، هي السبب في الفيضانات التي تعاني منها دول شرق أوروبا، وأنها السبب أيضا في فيضانات نتجت عن هطول أمطار غزيرة في بلدان آسيوية يجاور بعضها روسيا. وأضاف الخبراء أن اتخاذ الحكومة الروسية قرارا بإيقاف تصدير القمح والشعير والذرة والطحين بشكل مؤقت ابتداء من 15 أغسطس الجاري وحتى 31 ديسمبر المقبل في سابقة تعد الأولى من نوعها خلال 11 عاما، هو ما رفع أسعار القمح القياسية إلى أعلى مستوى لها، وهو ما أكدت عليه منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) عندما حذرت من أن توقف صادرات الحبوب الروسية يسبب وضعا "مقلقا" في أسواق القمح، واستمرار ارتفاع الأسعار الذي يهدد الأمن الغذائي. كما حذرت الفاو من الآثار التي تسببها ارتفاع الأسعار من مشكلات في الدول الفقيرة والمحدودة الدخل، كما حدث في عامي 2007 و2008، عندما أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أعمال شغب احتجاجا على الغلاء في أفريقيا ودول الكاريبي وآسيا، حيث ارتفعت أسعار الحبوب بأكثر من 53 في المائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2008 مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2007. وأشارت بعض الدراسات إلى أن نتائج المتابعة المستمرة لمحصول القمح في العالم منذ عدة أشهر، أوضحت أن ثمة ظروف غير ملائمة هذا العام تواجه محصول القمح، تتمثل في حدوث جفاف حاد في روسيا وأوكرانيا، وانخفاض محصول القمح فيهما بنسبة 14% وحدوث انخفاض نسبى في باقي دول شرق أوروبا. وتؤكد هذه الدراسات أن الأسواق العالمية للقمح تشهد ارتفاعا منطقيا مطردا يهدد بعودة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، التى استمرت طوال عام 2007 وحتى أغسطس 2008 وذلك بسبب ارتفاع الحرارة هذا العام والجفاف ونقص الهطول المطري والذي تنمو عليه أكثر من 90% من الأقماح المتداولة في الأسواق العالمية. كما حدثت فيضانات غزيرة دمرت محصول القمح في عدد من الدول المكتفية ذاتيا مثل الصين وباكستان وبنجلاديش، فضلا عن نقص المساحات المزروعة بقمح الخبز هذا العام في الولاياتالمتحدة بنسبة 30% لصالح أصناف القمح الرخيصة الخاصة بتصنيع الوقود الحيوي والذي وضعت له الدول الغربية مخططا مستقبليا لزيادة إنتاجه لكونه المصدر الأوحد للوقود السائل مستقبلا. وبالمثل فقد انخفض المحصول في كندا كإحدى الدول السبع الكبرى المصدرة للقمح بنسبة 23%، كما حدث نقص في المحصول العالمي هذا العام بنسبة 3% وزيادة الطلب بنسبة 2 % وهي نسبة النمو السكاني العالمي. كما زاد استهلاك قمح العلف بنسبة 3% وانخفض المخزون العالمي بنسبة 3 % والمخزون المخصص للتصدير بنسبة 15 %، لأن الإنتاج العالمي للقمح لا يتبقي منه للتصدير إلا نسبة 18 % فقط (130 مليون طن) ويستهلك الباقي داخل الدول المنتجة.