الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    حفل استقبال بدير السيدة العذراء فى درنكة بحضور البابا تواضروس    وزارة البيئة: عقوبات رادعة تصل إلى مليون جنيه لحرق المخلفات    تركيا.. احتجاجات واسعة تندد باقتحام الاحتلال الصهيوني سفن "أسطول الصمود"    هند الضاوي: قطاع التكنولوجيا الأكثر تأثر من الحرب في اسرائيل    شاهندا المغربى حكما للأهلى ومسار فى دورى الكرة النسائية    شقيق عمرو زكي: اللاعب بخير وصحة جيدة.. ولا أعرف لماذا يرتبط اسمه بالمرض    تموين مطروح تضبط 6.5 طن سولار وسلع غذائية قبل بيعها في السوق السوداء    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حققت أهم وأحلى حاجة مع محمد رمضان    الفنانة شيرين تكشف تفاصيل إصابة قدمها وتجربة الألم أثناء تكريمها في مهرجان الإسكندرية السينمائي    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد يفوز بلقب شخصية العالم القرآنية بجائزة ليبيا الدولية    عالم بالأوقاف: الوطنية الصادقة لا تنفصل عن الدين.. وعبارة الغزالي تصلح شعاراً لعصرنا    السوشيال ميديا بكفر الشيخ تتحول لساحة نزال شرسة قبيل انتخابات النواب    رئيس جامعة الإسكندرية يسلم 4 نواب وعمداء جدد القرارات الجمهورية بتعيينهم (صور)    تفاصيل مسلسل «درش» ل مصطفى شعبان.. رمضان 2026    موقف زيزو من مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية في الدوري المصري    "الإغاثة الطبية في غزة": المستشفيات تنهار تحت القصف والاحتلال يحاصر الطواقم الطبية    قائد عسكري إيراني: نحن أقوى هجوميًا الآن 12 مرة مُقارنة بحرب ال 12 يوما مع إسرائيل    السفير التركي يفتتح الدورة 78 من "كايرو فاشون آند تكس" بمشاركة 650 شركة مصرية وأجنبية    تأخير الساعة 60 دقيقة وبدء التوقيت الشتوى 2025 فى هذا الموعد    ماجد الكدواني يتصدر إيرادات السينما بفيلم «فيها إيه يعني» أول أيام عرضه    أليسون بيكر يغيب عن ليفربول 6 أسابيع للإصابة    تحقيق عاجل بعد اتهام مدير مدرسة بالاعتداء على طالب في شبين القناطر    استشاري مخ يكشف مدى خطورة إصابة الأطفال ب"متلازمة ريت"    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    خيري الكمار يكتب: منة شلبي في حتة تانية    «ديستوبيا روبلوكس»| أطفالنا في خطر.. شهادات مرعبة من داخل الغرف المغلقة    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة، ألذ طعم وأسهل وصفة    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    وائل السرنجاوي يعلن قائمته لخوض انتخابات مجلس إدارة نادي الزهور    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    وكيل تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة في دمنهور    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    مصر والسودان تؤكدان رفضهما التام للإجراءات الأحادية فى نهر النيل    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين من القرار العربى إلى القرار الفلسطينى وبالعكس
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 08 - 2010

لا يشهد على تغير توجهات النظام العربى وموازين القوى فيه أكثر من إدارة ملف الصراع العربى الإسرائيلى عامة والقضية الفلسطينية خاصة، ففى هذه القضية انتقلت المسئولية بين «القرار العربى» و«القرار الفلسطينى» دون أن يتمكن أيهما من إحداث أى إنجاز.
فى مرحلة المد القومى كانت القضية الفلسطينية تحت الرعاية العربية بالكامل، وتحقق بعض الإنجازات وعلى رأسها إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية فى 1964، غير أن هزيمة 1967 مثلت نقطة تحول بعد أن تفرغت الدول العربية الفاعلة فى الصراع لإزالة آثار العدوان. وبعد انتهاء مرحلة المد القومى عقب حرب أكتوبر 1973 بدأ رفع شعار أن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى، وعلى الرغم من أن ذلك الشعار كان يعنى تكريس الهوية الفلسطينية إلا أنه كان مدخلا لنفض اليد العربية لمن يريد من القضية برمتها، وارتبطت بهذا سياسة أن العرب يوافقون على ما توافق عليه المنظمة.
هذه هى الخلفية التى يمكن أن نفهم استنادا إليها الالتباس الحالى فى الموقفين العربى والفلسطينى من المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، ذلك أن العقم الذى أصاب عملية التسوية السلمية جعل السلطة الفلسطينية تجفل من تحمل مسئولية القرار وحدها، ولذلك عادت تطالب من جديد بغطاء عربى للتفاوض، وكلما زادت مؤشرات العقم ازداد الحرج الفلسطينى والعربى، فالسلطة تواجه اعتراض جميع الفصائل الأخرى على مسلكها، والدول العربية تعلم أنه لا جدوى من هذه اللعبة السخيفة، ولذلك فهى تتفنن فى إخراج قراراتها بشأن المفاوضات، وعليه جاء القرار قبل الأخير للجنة متابعة مبادرة السلام العربية بفكرة القيد الزمنى على المفاوضات غير المباشرة: أربعة شهور وإلا كان لكل حادث حديث، فلما انقضت هذه الشهور الأربعة وقع الجميع فى مأزق عظيم.
فلسطينيا لم يستطع الرئيس الفلسطينى أن يخفى حقيقة أن ما مضى من مفاوضات لم يفض إلى أى شىء يشجع على الولوج فى مرحلة التفاوض المباشر، ومن الأهمية بمكان أن ندرك أن المتحدث هو نصير المفاوضات الأول، ولذلك فإن شهادته لا ينبغى أن تمر مرور الكرام. لكن الرجل يواجه ضغوطا بل تهديدات أمريكية هائلة، ومن الواضح أنه يواجه أيضا ضغوطا من بعض الدول العربية للقبول بالمفاوضات المباشرة. استخدم نتنياهو مرة تعبيرا سخيفا أشار فيه إلى أن الرئيس الفلسطينى قد تسلق شجرة، ولا يعرف كيف ينزل منها، وكان يرمز بهذه الشجرة إلى «التشدد الفلسطينى»!، غير أن هذا المثال يمكن أن يستخدم الآن بحيث ترمز الشجرة إلى العملية التفاوضية، فالرئيس الفلسطينى صاحب موقف واضح من هذه العملية يرى بموجبه أنها الآلية الوحيدة للحل، لكنه الآن يريد أن ينزل من على الشجرة بعد أن أدرك أبعاد اللعبة العقيمة، ومع ذلك فإنه لا الطرف الأمريكى يمكنه من ذلك ولا الطرف العربى كذلك، فالرئيس أوباما فيما سماه بعض العرب رسالة ضمانات أو تطمينات يهدده تهديدا سافرا بفقدان كل شىء إن رفض الدخول فى المفاوضات المباشرة، بينما لا يعده بالمقابل بأى شىء اللهم إلا ذلك التقليد السخيف منذ إطار كامب ديفيد 1978 مرورا بجميع جولات التفاوض السابقة، وهو الوعد بأن تكون القضايا الكبرى كالحدود والقدس والمستوطنات «موضوعا للتفاوض».
أما الطرف العربى فقد أصابه فيما يبدو ارتباك شديد بسبب الإصرار الأمريكى على دخول السلطة الفلسطينية فى المفاوضات المباشرة، لأنه يدرك من جانب أن الخطوة غير مبررة من منظور الشرط العربى السابق (أن يكون الانتقال إلى التفاوض المباشر بناء على ما يتحقق من إنجاز فى عملية التفاوض غير المباشر)، بينما يعلم من جانب آخر أن رفض الدخول فى مفاوضات مباشرة سوف يغضب الجانب الأمريكى.
لذلك أصاب الالتباس الاجتماع الأخير للجنة متابعة مبادرة السلام العربية، فقد منحت الرئيس الفلسطينى تفويضا بالدخول فى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، لكنها شددت على ضرورة توافر متطلبات بدئها! تاركة للرئيس الفلسطينى تحديد بدء انطلاقها، فيما يشبه العودة إلى «فلسطينية القرار» وليس «عربيته»، كما أرسلت اللجنة خطابا للرئيس الأمريكى يتضمن شرحا للموقف العربى، والأسس والثوابت التى يجب توافرها فى عملية السلام، وهى تعلم دون شك أن الرئيس الأمريكى يعرف الموقف العربى جيدا، وأنه لن يلتفت فى كثير أو قليل إلى أسس العرب وثوابتهم. ويبدو أن إحساس اللجنة بضعف موقفها كان طاغيا، ولذلك قدمت مبررات أشبه بالاعتذار «عما بدر منها»، فهذا مسئول عربى رفيع يقول إن «التغير فى الموقف جاء بسبب الوضع العربى، والوضع الذى يحيط بالدول العربية»!، وذلك مسئول عربى رفيع آخر يتحدث عن رسالة أوباما وضماناته كمبرر لما ذهبت إليه اللجنة.
والحق أن قراءة هذه الرسالة تشير إلى أنها رسالة تهديدات أولا وأخيرا تحذر الفلسطينيين من رفض الدخول فى المفاوضات المباشرة، ولا تعدهم بأى شىء فى المقابل اللهم إلا المساعدة فى إقامة الدولة الفلسطينية التى لا ندرى أى ملامح لها، وتمديد تجميد الاستيطان (علما بأن نتنياهو أكد غير مرة أن هذا غير ممكن لأنه يعنى انهيار ائتلافه الحكومى)، وبأن المفاوضات «ستتعامل» مع الأراضى المحتلة لعام 1967، وأنها ستشمل القدس الشرقية، والأعجب أن الرسالة تشدد على رفض التوجه إلى الأمم المتحدة كبديل للتفاوض المباشر فى إشارة إلى اقتراح السيد عمرو موسى فى شأن العودة لمجلس الأمن لتحديد مرجعية المفاوضات. فيما ينشط المسئولون فى مصر والأردن فى «مطالبة» نظرائهم الإسرائيليين بما دأبوا على المطالبة به منذ عشرات السنين دون جدوى، لأن المواقف لا تبنى على المطالبات وإنما على موازين القوى.
يختلف المرء مع الرئيس الفلسطينى فى توجهاته ورؤاه لإدارة الصراع، لكن الرجل أكد بسلوكه غير مرة أنه يفعل هذا من باب الاقتناع بجدوى هذه التوجهات والرؤى، وقد وصل الآن كما أوضحت تصريحاته فى أكثر من مناسبة إلى اعتقاد جازم بعقم هذه المفاوضات، ولذلك فأمامه فرصة تاريخية فى أن يرفض التفاوض، وسوف يرى كيف يمكن لهذا القرار أن يحدث زلزالا فى المنطقة لن يخشى الفلسطينيون منه شيئا، لأن جميع أشكال الكوارث قد طالتهم دون أن يدفعها عنهم أحد، فإن لم يفعل يستطيع أن يحدد رؤيته للتسوية، وأن يطالب الجانب الإسرائيلى قبل بدء المفاوضات بأن يحدد رؤيته بدوره، لأن هذا كفيل بفضح عبثية نتنياهو.
يستطيع كذلك أن يعلن دولته التى لا تفتقر إلى أى من عناصر الشرعية الدولية. يستطيع الرئيس الفلسطينى أيضا أن يطالب ببساطة بالعودة إلى اتفاقية أوسلو، وهى اتفاقية ملزمة لإسرائيل شاءت أم أبت، ومن شأن المطالبة بالالتزام بها أن تحرج إسرائيل فى غير موضع. يستطيع قبل هذا كله أن يصحح جدول أولوياته، فيضع المصالحة الفلسطينية على رأسها، لأن المصالحة سوف تحسن على الأقل من الوضع الفلسطينى فى ميزان القوى مع إسرائيل، وهى ضرورية على أى حال لنجاح المفاوضات وإلا أصبح الرئيس الفلسطينى يفاوض عن الضفة وليس عن الأراضى الفلسطينية المحتلة فى 1967. يستطيع أن يفعل هذا وأشياء أخرى كثيرة بشرط أن يتخلص هو والقادة العرب من الاعتقاد بأن إلقاء حجر أى حجر فى المياه الراكدة سوف يكون بداية لزلزال يعصف بهم، فواقع الأمر أن تداعيات هذا الزلزال سوف تصيب إسرائيل قبل أى طرف آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.