تواصل «الشروق» نشر حيثيات توصية هيئة مفوضى الدولة بإصدار حكم نهائى ببطلان عقد بيع وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان مساحة 20 كيلومترا لرجل الأعمال هشم طلعت مصطفى وتخصيصها لإنشاء مشروع مدينتى، حيث كشف التقرير عن صدور حكم سابق بات ونهائى من المحكمة الإدارية العليا بضرورة الالتزام بتطبيق قانون المزايدات فى جميع عمليات التصرف بالبيع أو الشراء فى أملاك الدولة، وجميع وحدات الجهاز الإدارى من عقارات وأراضٍ. وأشار التقرير إلى أنه كان يتوجب على الوزير إبراهيم سليمان الاستجابة لهذا الحكم الصادر عام 2003 أى قبل إبرام عقد مدينتى بعامين، وحيث إن الحكم أكد أن قانون المزايدات اشتمل على إفصاح جهير عن سريان أحكامه على جميع أجهزة الدولة، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية الجديدة، كما لم يلتزم سليمان بتنفيذ فتويين أصدرتهما الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، ووجهتهما له شخصيا ببطلان إبرام عقود بيع أراضى الدولة بالأمر المباشر حسب قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الصادر عام 1973، وذلك فى عامى 2001 و 2004. واستطرد التقرير: لا ينال من بطلان العقد قانونا ما ذكرته مجموعة طلعت مصطفى وهيئة المجتمعات العمرانية فى طعنيهما على حكم القضاء الإدارى من أن قانون المزايدات لم يلغ قانون الهيئة، حيث إن قانون الهيئة المشار إليه قد بين وسائل إبرام عقود بيع أراضى الدولة إلا أنه لم يلزمها باتباع وسيلة محددة يجب عليها اتباعها وترك للهيئة حرية اختيار الوسيلة التى تراها مناسبة لإبرام العقود، وبصدور قانون المزايدات أصبح هو الشريعة العامة المنظمة لعمليات البيع حيث جاء فى مادته الأولى بعبارة واضحة وقاطعة الدلالة أنه يجب على جميع الهيئات الالتزام بأحكامه، وعدم الخروج عنها بحجة أن لها قانونها ولوائحها الخاصة، أو أن من سلطاتها وضع لوائح خاصة بها لا تخضع للأحكام والنظم والقواعد المعمول بها فى الجهات الحكومية، الأمر الذى يؤكده ما ورد فى الأعمال التحضيرية لتمرير القانون فى مجلس الشعب على لسان د. أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، د. محيى الدين الغريب وزير المالية الأسبق. وأضاف التقرير أن نصوص قانون المزايدات تعد من النصوص القانونية الآمرة، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها أو النزول عنها لتعلقها بالنظام العام، وارتباطها بقواعد حاكمة للتصرف فى أملاك الدولة، ومقتضى ذلك أن تطبيق أحكام قانون هيئة المجتمعات العمرانية لا يحول دون تطبيق قانون المزايدات الذى يتضمن الأسس والقواعد الخاصة بالبيع، والتى أراد المشرع فرضها على جميع الجهات الإدارية دون استثناء، وحدد لذلك ضوابط ومعايير ووسائل أفردها تفصيلا فى الباب الثالث من القانون، ومن ثم فإن المشرع يكون قد نسخ ما قبل هذا القانون من قوانين ولوائح كانت سارية على عمليات التصرف فى أملاك الدولة. وشدد التقرير على أنه لا يحق لهيئة المجتمعات الاحتجاج بأن هذا القانون لا يناسب نشاطها وطريقة عملها، ويعطلها عن تحقيق أهدافها حيث إن قانون المزايدات لم يبتدع سبلا جديدة لإبرام العقود الإدارية تختلف عن الطرق المذكورة فى قانون المجتمعات العمرانية، إلا أنه وضع تنظيما لكيفية إبرام هذه العقود وحدد الوسائل الواجب اتباعها فى كل حالة على حدة، فإذا كانت الهيئة تقوم ببعض المشروعات السكنية التى لا يمكن إبرام العقود الخاصة بها عن طريق المزايدة مثل مشروعات إسكان الشباب والتى يتم دعمها من قبل الدولة لتقديمها بأسعار فى متناول الجميع، فإن قانون المزايدات لم يعطلها فى هذه الحالة عن هدفها فى تسكين الشباب حيث يعد ذلك من حالات الضرورة أو الاستعجال التى يجوز معها عدم اتباع أسلوب المزايدة واللجوء إلى أسلوب الممارسة أو الاتفاق المباشر لتحقيق هذه الأهداف القومية. واستعرضت الهيئة حالات الاستعجال والضرورة القصوى المنصوص عليها فى القانون، وأكدت أنه ليس من بينها على الإطلاق حالة بيع 8 آلاف فدان من أراضى الدولة لمجموعة طلعت مصطفى لإنشاء مشروع مدينتى. وأكد التقرير أنه لا ينال من ضرورة سريان قانون المزايدات ادعاء الهيئة بأنها تعمل وفق قانونها الخاص وإصدار العديد من القرارات الوزارية اللاحقة على قانون المزايدات وإقرار اللائحة العقارية عام 2001 من الوزير إبراهيم سليمان، حيث إن ذلك مردود عليه بأنه إذا كانت الهيئة لم تخضع نفسها لأحكام قانون المزايدات واستمرارها فى إبرام تعاقداتها بالخطأ فإن ذلك لا يجعلها فى موقف سليم قانونا ولا يعفيها من الالتزام بتطبيق أحكام قانون المزايدات، بل إن هذا الاستمرار فى تجاهل القانون أمر ليس محسوبا عليها وليس فى صالحها على الإطلاق. وذكر التقرير أنه كان يتوجب على الوزير إبراهيم سليمان اتباع الأسس والضوابط المنصوص عليها فى المواد 31 و32 و33 من قانون المزايدات بإلغاء مزايدة علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة لبيع المساحة التى خصصها لشركة طلعت مصطفى، حيث لا تبين الأوراق والمستندات أن ظروف هذا التعاقد كانت تقتضى اتباع الطرق الاستثنائية المنصوص عليها فى القانون، وبناء على ذلك يكون العقد الابتدائى المبرم بين الطرفين فاصلا إداريا ولا ينال من ذلك القول إن أركان العقد سليمة وأهمها الإيجاب والقبول من طرفيه، وأنه لا يجوز طلب البطلان، فهذا القول مردود عليه بأنه ينبغى التمييز بين العقد الذى تبرمه الدولة وبين الإجراءات التى تمهد لإبرام هذا العقد، فالدولة لا تستوى مع الأفراد فى حرية التعبير عن الإرادة فى إبرام عقودها المدنية والإدارية فهى ملزمة بإجراءات وأوضاع رسمها المشرع فى القوانين واللوائح لتكفل اختيار أفضل الأشخاص والشركات للتعاقد معهم بنص حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا عام 1990.