ربما تحتاج المجموعة البريطانية المتنوعة من الساسة وقادة الأعمال والرموز الثقافية التى تصحب ديفيد كاميرون وجورج أوزبورن فى بعثة تجارية كبيرة إلى الهند، إلى سؤال رئيس الوزراء ومستشاره بشأن رأيهما فى القرار المفاجئ الصادر عن البنك المركزى للبلاد برفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة. والهند، مثلها مثل الصين والبرازيل، وهما الدولتان الأخريان من دول بريك (البرازيل روسيا الهند الصين)، إلى جانب جزء كبير من آسيا، تضيق سياستها المالية بسرعة أكبر مما توقعه كثيرون. وربما تمثل هذه العملية تهديدا حقيقيا للانتعاش الفاتر للاقتصادات الغربية، أو بالأحرى تقويضا لجهود السيدين أوزبورن وكاميرون لتحسين أداء الصادرات البريطانية، بالرغم من أهمية تلك الجهود. وبصورة متزايدة، يتكسر الاقتصاد العالمى بين الشرق والغرب. إذ تتسابق الصين والهند والبرازيل الآن التضخم من الزيادة بالحد من السياسات التى دعمت نموها الاقتصادى السريع. وفى الوقت نفسه، لم تنجح الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا فى الفكاك من براثن الكساد على نحو مقنع. وبمعنى من المعانى، يتعين الترحيب بمحاولات مقاومة بلدان كالصين للتضخم. ويجرى الآن فى المملكة المتحدة، التى ما زال التضخم فيها أعلى مما نود، بينما تنقسم لجنة السياسة النقدية فى بنك إنجلترا بشأن ما إذا كنا قد وصلنا إلى اللحظة التى ينبغى علينا فيها مواجهة المسألة أم لا. بينما يتمثل أسوأ كوابيسها فى زيادة إضافية لمعدل التضخم، مدفوعة بنوع من الطلب الجامح على السلع الذى قد يشجعه النمو السريع فى الصين وأماكن أخرى. ولن يكون هناك خيار آخر تقريبا سوى رفع أسعار الفائدة فى المملكة المتحدة، بغض النظر عن الأداء الاقتصادى. ومع ذلك، وبينما يتراجع الاقتصاد العالمى منذ عام 2009، حينما سجل أشد إحصاءاته إثارة للحزن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن الشرق هو الذى كان عليه القيام بالعمل الصعب. وليس من الواضح إطلاقا أن الغرب مستعد لاستكمال المشوار، فإذا ما تراجع النمو فى الهند والصين والبرازيل بصورة ملحوظة، فسوف نشهد هبوط الولاياتالمتحدة وأوروبا أيضا. وفى حالتنا سوف يعنى الهبوط العودة إلى الركود وليس إلى معدلات توسع أبطأ. لكن هذه ليست مسئولية بنك الاحتياط الهندى. إذ يجب عليه رسم مسار السياسة المالية بما تقضيه مصالح بلاده، ومن الواضح أن اقتصاد الهند يخطو بسرعة شديدة إلى الأمام بسبب قدرته. الوفد البريطانى إلى البلاد محق فى استهداف الهند باعتبارها المرشح الأول فيما يتعلق بالعلاقات التجارية المحسَّنة. لكن بينما يعد ذلك هدفا بعيد المدى جدير بالتقدير، فقد اطلع أوزبورن ورئيسه هذا الأسبوع من قريب على مشكلة أكثر إلحاحا، وهى أن الهند، ومثيلاتها من القوى المحركة الاقتصادية لديها الاستعداد والقدرة على تمريض العالم كى يستعيد صحته الاقتصادية دون مساعدة من الغرب.