كشف تحقيق واسع أجرته صحيفة (واشنطن بوست) أن أجهزة الأمن الوطنية الأمريكية أصبحت - إثر اعتداءات 11 سبتمبر - متشعبة وسرية ومعقدة لدرجة انه يستحيل معرفة فعاليتها بدقة. والتحقيق الذي يحمل اسم "أمريكا في غاية السرية" هو ثمرة عمل استمر عامين شارك فيه حوالي 20 صحفيا من الصحيفة الأمريكية العريقة - التي كانت وراء السبق الصحفي لفضيحة "ووتر جيت" التي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في 1974. ويؤكد التحقيق أنه بعد 9 سنوات على وقوع الاعتداءات التي أوقعت 3 آلاف قتيل "أن العالم السري الذي أنشأته الحكومة أصبح واسعا ويصعب التعامل معه، ولا أحد يعرف تكاليفه أو عدد الأشخاص الذين يوظفهم أو البرامج الموجودة أو عدد المكاتب المختلفة التي تؤدي المهمة نفسها". ونتيجة لذلك و"بعد 9 سنوات من النفقات غير المسبوقة بات النظام الذي تم إنشاؤه لحماية الولاياتالمتحدة معقدا لدرجة لم نعد نعرف مدى فعاليته". وقال ديفيد جومبرت، مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، إن "هذا المقال لا يظهر أجهزة المخابرات كما نعرفها" مؤكدا أن الإصلاحات التي أجريت في السنوات الأخيرة سمحت ب"تحسين نوعية وكمية" المهام. وكتبت الصحيفة أن 1271 وكالة حكومية و1934 شركة خاصة موزعة على 10 آلاف موقع عبر الولاياتالمتحدة تعمل على برامج مرتبطة بمكافحة الإرهاب أو المخابرات. وتوظف هذه الهيكلية 854 ألف شخص بإمكانهم الاطلاع على معلومات سرية و33 مبنى شيدوا أو قيد التشييد فقط في العاصمة الفدرالية واشنطن. وقالت الصحيفة إن هذه البيروقراطية تؤدي إلى إجراءات إدارية كبيرة. فقد لاحظت الصحيفة على سبيل المثال أن 15 مدينة مختلفة مكلفة مراقبة نقل أموال الشبكات الإرهابية. وآلة المخابرات الأمريكية العملاقة تنتج كما من التقارير - حوالي 50 ألفا سنويا - أنه "يتم ببساطة تجاهل عدد منها". وذكرت الصحيفة أنه بسبب هذه الأخطاء لم تتمكن المخابرات الأمريكية من إفشال محاولة تفجير طائرة كانت تقوم برحلة بين أمستردام وديترويت في عيد الميلاد أو حادثة إطلاق النار في فورت هود في تكساس التي أوقعت 13 قتيلا في نوفمبر. وكتبت الصحيفة أنه بسبب الطبيعة الحساسة للموضوع سمح لمسئولين في الحكومة الأمريكية بالاطلاع على التحقيق قبل نشره وأنه تم سحب بعض المعلومات منه. والمقال الذي غطى صفحات عدة والمرفق بصور سينشر في 3 أجزاء حتى يوم الأربعاء وشقه الأول باسم "عالم سري يتسع لدرجة أنه يخرج عن السيطرة".