كانت مباراة المركز الثالث قوية ومثيرة، تعبر عن شخصية الفريق الألمانى، وطموح منتخب أوروجواى العائد من التاريخ.. إنهم ناس يلعبون بجد. كل خطوة عندهم تساوى عملا جادا ويستحق جائزة. فالمنتخبان اللذان كانا يحلمان بالتأهل للمباراة النهائية، لم يقتلهما الغياب عن تلك المباراة. استيقظا ولعبا.. إنى أعرف عالما يرى كل شخص فيه أنه الأول ويستحق الجائزة ويدهشك أن هذا العالم كله يرى نفسه من الأوائل ولا يوجد فيه ثانٍ على الإطلاق. وهذا العالم عاجز عن صعود تل رمال، فيما صعد غيره إلى القمر؟ أكتب قبل المباراة النهائية، ولو كنت سألت أى إنسان فى الكرة الأرضية قبل بدء المونديال من سيلعب النهائى لما توقع أن يكون بين إسبانياوهولندا. لكنه من ناحية الأوراق والنظريات أكثر النهائيات إثارة ومتعة، باعتبار أن الفريقين المتأهلين لم يسبق لهما الفوز باللقب. إنهما منتخبان يملكان تاريخا عظيما فى كرة القدم، وتاريخا هائلا من الإخفاقات. المباراة التى شاهدتها أمس وصفت بأنها كلها عبارة عن تركيبة برشلونة (فورميولا برشلونة).. فقد لعب هذا الفريق الكاتالونى 150 مباراة فى تاريخه تحت قيادة مدربين من هولندا، وهم رينولز ميتشلز فى الفترة من 1971 إلى 1975 ثم فى الفترة من 1976 إلى 1978. وتولى تدريب الفريق فيما بعد كل من يوهان كرويف من 1988 إلى 1996. ولويس فان جال من 1997 إلى 2000 ثم أخيرا فرانك رايكارد من 2003 إلى 2008.. سبعة من لاعبى إسبانيا ضمن فريق برشلونة. ويلعب المنتخب الإسبانى الكرة الجميلة الأرضية اللاتينية الممزوجة بالنكهة الأوروبية، بتأثير ميتشلز وكرويف. بينما تلعب هولندا الكرة الواقعية الخالية من الخيال والإبداع الذى اتسمت به منذ كان الفريق يسمى «البرتقالة الرائعة»، حين كان يلعب الكرة الشاملة. هذا الأسلوب الذى يهدف من خلاله لاعبو الفريق إلى زيادة مساحة الملعب عرضيا باللعب على الطرفين، عند امتلاك الكرة، ثم الضغط العنيف والشرس على الخصم فى ملعبه عند فقدان الكرة، ومحاربته على أرضه بعيدا عن خط منتصف الملعب بعشر ياردات.. فازت إسبانيا فى ثلاث مباريات فاصلة بفارق هدف وبنتيجة واحدة (1/صفر)، هزمت البرتغال، وباراجواى، وألمانيا. ولو كان الفريق الإسبانى سجل نصف الفرص التى صنعها فى مبارياته لوصفت كرته بالجميلة. بينما أنه بنفس الأداء وبسبب قلة الأهداف توصف كرته بأنها مملة.. لو كنت تقرأ تلك السطور وقد خسرت هولندا، فإنها ستكون منيت بفشل تاريخى وعظيم.. لأنها خسرت من فريق لم يفز بكأس العالم من قبل، وتاريخه فى كرة القدم عظيم لكنه بلا إنجازات..