أضعنا العديد من الفرص الهائلة خلال السنوات العديدة الماضية. ففى أعقاب الحادى عشر من سبتمبر 2010 مباشرة، عندما كان معظم العالم يصطف لدعم الولاياتالمتحدة، كان لدى الرئيس بوش الفرصة لقيادة محاولة دولية تعاونية واسعة النطاق من أجل محاربة الإرهاب وتمهيد الطريق لبناء عالم أكثر سلما وأمنا. لكنه أضاع هذه الفرصة بغزو العراق. وفى أعقاب كارثة إعصار كاترينا، لم يكن لدينا الفرصة فحسب، بل الالتزام باستدعاء أفضل مواهبنا الإبداعية من أجل إعادة بناء مدينة نيو أورليانز التاريخية بصورة خلاقة. وكان يمكن أن يصبح ذلك بداية عملية تجديد كبرى فى البنية الأساسية للبلاد، وحاضنة لسياسة عمرانية جديدة ومطلوبة بشدة. وعلى الرغم من تعهد الرئيس بوش بالقيام ب«تحرك جرىء» خلال لقاء تم تنظيمه بعناية فى القناة الفرنسية الرابعة بثه التليفزيون الأمريكى، ولكننا لم نفعل شيئا من هذا النوع. وأعطى انهيار الاقتصاد فى فترة الكساد العظيم أبرز الأمثلة التى يمكن تخيلها وأكثرها إيلاما على فشل عدم التدخل فى النشاط الاقتصادى والقوة المدمرة لتحالف الشركات والحكومة ضد مصالح الأمريكيين العاديين. وظهرت مطالبة بتغيير جذرى. (وهو ما يذكرنا بفرانكلين روزفلت عندما كان غاضبا من «الملكيين الاقتصاديين» ويؤكد على «حاجتنا لتصحيح الأخطاء التى نعانيها الآن فى النظام الاقتصادى، بوسائل جذرية إذا لزم الأمر»). غير أن تغييرا جذريا لم يحدث، ولم يكن هناك سوى الحذر والتردد فحسب. وواصل الملكيون انتصارهم، ويتلقى العاملون اللطمة القاسية تلو الأخرى. ومن المقرر أن يخسر 1.2 مليون من العاطلين منذ مدة طويلة إعانات البطالة هذا الشهر. ومثلت الكارثة النفطية فى خليج المكسيك، رغم فداحتها، فرصة أخرى. وفى خطابه إلى الأمة الذى ألقاه من المكتب البيضاوى الأسبوع الماضى، كان من الممكن أن يطرح الرئيس أوباما سياسة طاقة أمريكية جديدة ومؤثرة، بدعوة كل أمريكى إلى القيام بدوره لمساعدتنا على التخلص من التدمير الغادر والمتواصل الناجم عن اعتمادنا المفرط على الوقود الأحفورى. غير أنه اختار ألا يفعل ذلك. وصرنا كدولة، نعتاد أكثر فأكثر على شعور العجز، فلم نعد نرتفع إلى التحديات الكبرى الماثلة أمامنا. ولم يقتصر الأمر على كوننا لا نستطيع سد التسرب النفطى، وهو المجاز الأمثل الذى يعبر عما صرنا إليه. فيبدو أننا لا نستطيع أن نفعل الكثير. وتستخدم مدينة ديترويت الأموال الفيدرالية لهدم الآلاف تلو الآلاف من المساكن الخالية، مستسلمة لشعور باليأس يقول إنه لا سبيل لإعادة بناء المدينة، ومن ثم، فلنفعل العكس: علينا أن نهدم المزيد والمزيد منها. هناك الكثير من الخطط لهدم أجزاء كبيرة مما تبقى من ديترويت، وكانت فى أوجها رمزا لأمريكا التى تتمتع بقدرة بناء قوية، ومكانا يمكن أن ينتج أشياء ويحسن حياة شعبه، كما يلهم بقية العالم. كتبت سوزان سولنى مقالا فى صحيفة التايمز تشير فيه إلى جانب من إحدى هذه الخطط: «تقوم الخطة على إقامة مسكن حضرى وهو من أكثر الأجزاء شعبية فى الخطة يكون بمثابة ريف وسط المدينة، حيث يتمتع أصحاب المساكن ببيئة زراعية، وضرائب مخفضة، فى مقابل الحرمان من بعض خدمات المدينة، كالمياه». وقد حمل موضوع غلاف مجلة «تايم» عنوان «الولايات المفككة الأمريكية». وكما ذكرت هنا عدة مرات، تواجه الولاياتالمتحدة موقفا ماليا مفجعا يقلص الخدمات الضرورية، ويدفع المزيد من الناس خارج نطاق العمل، ويقوض الانتعاش الضعيف للاقتصاد الوطنى. وكما أوردت «تايم»: «يواجه خطر التقليص كلا من المدارس والصحة، والمكتبات والرواتب التى تصاحبها بينما تواجه الولايات والمدن أسوأ انكماش نقدى منذ الكساد العظيم». ونحن نستسلم لهذا الانهيار بضعف قدرة الإبداع المثير للشفقة نفسه، وعجز القدرة العقلية الذى يبدو الآن أنه نقطة ضعف الأمريكيين فى القرن الحادى والعشرين. فقد أصبحنا دولة تجيد تدمير الأشياء مع الحروب الخارجية والسياسات المدمرة للذات على نحو مذهل هنا فى الداخل كما أنها فقدت البصيرة بشأن كيفية بناء مجتمع مزدهر والحفاظ عليه. فنحن نقوم بتفكيك نظامنا الخاص بالمدارس العامة، ونهاجم على نحو لا يصدق نظامنا فى التعليم العالى الناجح بصورة مبهرة، وهو أفضل نظم التعليم العالى فى العالم. فكيف يمكن أن نسمح بذلك؟ لدينا جميع أنواع التفسيرات المحملة بالاعتذارات لسبب عجزنا عن القيام بأى شىء لابد لنا من القيام به. فلا يستطيع الديمقراطيون الحصول على 60 صوتا فى مجلس الشيوخ. وأرقام عجز الميزانية مرتفعة للغاية. كما أن راش ليمبو أو جلين بيك ربما يعارضان. وفى الوقت نفسه، تتراجع على نحو مطرد عظمة الولاياتالمتحدة التى اعتبرها الكثيرون جدا لفترة طويلة أمرا مسلما به.