يبدو أن لعنة سوء الحظ لم تنفك بعد عن حفيد فنانى الفراعنة، آدم حنين.فبعد أن عانى النحات الكبير فترة طويلة مع محاولة إنقاذ منزله الذى كان متحفا مفتوحا للفن التشكيلى، والذى بنى منذ سنوات عديدة على طريقة المعمارى الظاهرة حسن فتحى، حيث العمارة الفريدة المتصالحة مع البيئة، بعد أن عانى حنين فى محاولة إنقاذ هذا المنزل من مشاكل المياه الجوفية، مرورا باضطراره هدمه يأسا فى إنقاذه، وتجميع أغلب مقتنياته الفنية الثمينة التى كانت معروضة فى حديقة المنزل، وتخزينها، ها هو يتعرض لجريمة جديدة يشهدها القضاء هذه الأيام. حيث فوجئ حنين بتقليد بعض أعماله الفنية وبيعها لمحبى الفن التشكيلى على أنها أصلية. الأمر بدأ عندما ذهب أحد المهتمين إليه وبصحبته تمثالين من أعماله، ولكنهما مزوران، وعندما سأله حنين من أين جاء بهما، لم يخبره «فاعل الخير»، وقال له إنه أراد فقط تنبيهه إلى أن أعماله يتم تزويرها. بدأ صاحب «سفينة آدم» فى الانتباه إلى وجود عدد من أعماله المقلدة يتم تداولها فى سوق الفن التشكيلى، فتوجه بالسؤال إلى صاحب «المسبك» الذى يتعامل معه، شكا منه أن يكون قد تم سرقة القوالب التى يصب فيها منحوتاته، والتى غالبا لا تتعدى ثمانى نسخ، ولكن صاحب المسبك أصر على أنه حريص كل الحرص على تأمين المكان جيدا، وأن هذه النسخ المقلدة ليس لها علاقة بمسبكه، فقرر الفنان الكبير اللجوء إلى المحامى الخاص بمؤسسة «آدم حنين» والتى تعد بمثابة الوكيل الرسمى لأعماله فيما يخص الاتفاق مع المتاحف والمعارض والمؤسسات التى تعرض منحوتاته داخل وخارج مصر. تم تحرير محضر رسمى، لدى مباحث المصنفات الفنية، والمختصة بمشاكل حقوق الملكية الفكرية، ومع البحث، وفترة لا بأس بها من المراقبة اكتشفت الشرطة أن هناك شقة بحى فيصل، يتم فيها صب التماثيل المزيفة، وتم استدعاء الفنان إلى هذه الشقة، للتعرف على الأعمال، وعندما ذهب فوجئ بمنحوتاته، وبعض أعمال الفنان الكبير محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر، حيث يتم تقليدها، وكانت مفاجأته الكبرى، عندما وجد أحد الأشخاص بالشقة كان يعمل بالمسبك الذى يتعامل معه حنين، واستعانت الشرطة بلجنة من كلية الفنون الجميلة، حيث أكدت أن الأعمال مقلدة. «الشروق» تحدثت مع حنين، فقال بأسى زاده صوته المنخفض، وكلماته القليلة غير المرتبة: «شعرت بحسرة وإهانة شديدة عندما شاهدت هذه الكارثة، لأنه لا يوجد أبشع من سرقة أفكارك، ودماغك».آدم حنين، الذى يعمل بالفن التشكيلى منذ أكثر من نصف قرن لمدة لا تقل يوميا عن ثمانى ساعات وتصل أحيانا إلى خمس عشرة ساعة، كما ذكر، قال: إن هذه الجريمة أصبحت منتشرة، وهناك أسماء كبيرة فى عالم الفن التشكيلى يتم تزييف أعمالها. المشكلة الكبرى، أن تقليد التماثيل، يتم عن طريق استخدام قوالب الصب ذاتها التى يستخدمها الفنان فى صنع تماثيله الأصلية، مما يعنى أنه لا يوجد فرق بين الأصلى والمقلد، أليس كذلك؟ يجيب حنين: «بالطبع هناك بعض الفروق التى يلاحظها المتخصصون فى الفن التشكيلى والمهتمون به، لأن الفنان عندما ينحت تمثالا، ويستخدم القالب فى صب عدة نسخ منه، لا يخرج العمل من القالب إلى المتلقى مباشرة، ولكن الفنان يعمل على وضع لمساته الأخيرة، وهذه اللمسات هى روح ونفَس الفنان، ولذلك سوف تجد أننى أصنع نحو ثمانى نسخ من العمل الواحد، تعد كلها أصلية، كما أننى أوقّع على كل عمل، وأعطيه رقما معينا». وكيف للمشترى غير المتخصص أن يعرف الأصلى من المقلد، وماذا عن الذين اشتروا بالفعل هذه النسخ المزيفة من أعمالك كيف يكتشفون زيفها؟. يجيب: أوجه من خلالكم نداء لكل من اشترى أحد تماثيلى أن يلجأ إلىّ أو للمؤسسة المسئولة عن حقوق التعامل معى، لكى يأخذ شهادة موقعة منى تفيده بأن العمل الذى يقتنيه أصلى، أو على الأقل يطلب هذه الشهادة من السمسار أو المعرض الذى اشترى منه العمل. آدم حنين المعروف بعزوفه عن الإعلام قال إن ما يهمه فى هذا الأمر ليس إثارة ضجة صحفية بقدر ما يهمه التعرض لهذه المأساة الفكرية الموجعة.