أكاديميون وباحثون: درية شفيق من رموز الحركة الوطنية المصرية والنسائية.. والبعد الإسلامي حاضر بقوة لديها نظمت دار الكتب والوثائق القومية اليوم الخميس ندوة بعنوان «درية شفيق والحركة النسوية المصرية»، بقاعة علي مبارك بدار الكتب، وذلك لإحياء الذكرى الخمسين لرحيل المناضلة الكبيرة درية شفيق. افتتحت الندوة بالجلسة الافتتاحية، وتتضمنت كلمة الدكتورة إلهام ذهني، مقرر الندوة، وكلمة الدكتور أحمد زكريا الشلق، مقرر اللجنة العلمية، وكلمة الدكتور أشرف قدوس رئيس الإدارة المركزية للمراكز العلمية، وأعقبها عرض فيلم وثائقي عن المناضلة النسوية الرائدة درية شفيق. وقال الدكتور أحمد زكريا الشلق خلال الجلسة الافتتاحية للندوة إن التاريخ يذكر درية شفيق وزميلاتها في الحركة النسائية بحروف من نور. وتابع الشلق أن الحركة النسائية في مصر تبدأ من قبل كتابات قاسم أمين، وتحديدا من كتابات رفاعة الطهطاوي، الذي طالب بتعليم المرأة وتحريرها، والتقط منه قاسم أمين هذا الخيط. وأضاف أن درية شفيق لعبت دورا مهما في الحركة الوطنية المصرية، وخاصة في الجانب النسائي، وكانت مناضلة وكاتبة وشاعرة، وتركت بصمة مهمة للغاية في تاريخنا الوطني، مؤكدا أنها تستحق كل احتفال واحتفاء. الجلسة الأولى وفي الجلسة الأولى للندوة برئاسة الدكتور أحمد الشربيني، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة وعضو اللجنة العلمية لمركز تاريخ مصر المعاصر. شارك عدد من الباحثين والمتخصصين، حيث قدمت الدكتورة إيمان عامر بحثًا بعنوان «درية شفيق والبحث عن المُطلق»، واستعرض الدكتور محمد محروس موضوع «درية شفيق والهوية المصرية»، بينما تناولت الدكتورة ميرفت عمر «درية شفيق بين ثورة النص والحياة»، وقدمت نهال خلف الميري ورقة بعنوان «درية شفيق والدور الثقافي لمجلة بنت النيل». وبدأ الدكتور أحمد الشربيني الجلسة بالتأكيد على أن درية شفيق رمز من رموز الحركة النسائية المصرية، حيث تمثل امتداد للحركة المصرية النسائية التي انطلقت في القرن التاسع عشر، رغم كونها بنت القرن العشرين، لكنها بدأت قبل ذلك. متابعا أنها استطاعت الإعلان عن نفسها عقب الحرب العالمية الأولى، وخاصة في ثورة 1919 التي شاركت فيها المرأة بشكل إيجابي للغاية، ورفضت بعد ذلك العودة للمنزل. فيما قالت الدكتورة إيمان عامر في كلمتها إن البعد الإسلامي متواجد بقوة لدى درية شفيق، وخاصة أن سالة الدكتوراه التي حصلت عليها من السربون بفرنسا هي بعنوان"المرأة وحقوقها في الإسلام"، مضيفة أن درية شفيق امرأة مختلفة وعصرية، ولكنها مسلمة تطالب التحديث. وقال الدكتور محمد محروس في كلمته إن درية شفيق دعت إلى أهمية التمسك بالجذور الرئيسية للهوية المصرية والعربية، مع الأخذ بجوهر الحداثة الذي يتناسب مع الثقافة العربية والشرقية. وأصاف أن درية شفيق انتقدت القول بأن الدين الإسلامي همش المرأة، ولكنها أيضا انتقدت التفسيرات للنصوص الدينية التي لا تعطي المرأة حقوقها. وفي كلمتها قالت الدكتورة ميرفت عمر إن درية شفيق تفرغت لقضية جنسها، وتحدثت عن كونها شاعرة، فقالت إن شعر درية شفيق هو أشبه بخفقات قلب شاعر يريد أن يخرج من الأقفاص، ويذهب إلى المطلق. وأضافت أن قصائد درية شفيق متعددة المواضيع فهنالك قصائد عن النساء، وقصائد عن مصر، وقصائد عن السياسة، وقصائد عن المطلق، وغيرها الكثير. واختتمت الدكتورة نهال خلف الجلسة بكلمتها حيث تحدثت عن مجلة بنت النيل التي أصدرتها درية شفيق، واصفة إياها بأنها رغم كونها موجهة سياسا وفكريا، ولكنها كانت شديدة التنوع في مواضيعها. الجلسة الثانية أما الجلسة الثانية، فعقدت برئاسة الدكتور أشرف مؤنس، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس وعضو اللجنة العلمية لمركز تاريخ مصر المعاصر، وشارك فيها الدكتور نبيل الطوخي ببحث حول «المرأة المصرية في فكر درية شفيق»، وناقشت الدكتورة دينا عبد الحميد موضوع «درية شفيق واتحاد بنت النيل»، فيما استعرضت الدكتورة ميرفت فؤاد «درية شفيق ومساهمتها في أدب الأطفال». وقال الدكتور أشرف مؤنس إن درية شفيق لم تناضل من أجل المرأة فقط، وإنما في إطار التحرر الوطني بشكل كامل، مشددا أنها كانت ترى أن المجتمع الذي يهدر حق المرأة يفقد كرامته. وتابع أن درية شفيق اتبعت طريق الإصلاح السريع لحال المرأة، والاصتدام مع السلطة، ولكنها قدمت مشروع تحرري هام للغاية. فيما قال الدكتور نبيل الطوخي إن درية شفيق وضحت في كتابتها أن الإسلام لا يعارض أبدا إعطاء المرأة حقوقها، بل يحث عليه. وأضاف أنها تحدثت عن حقوق المرأة في الإسلام، وكيف حرر الإسلام المرأة من عبودية الرجل، وأن الإسلام عزز وكرم المرأة بشكل عام. وتابع أنها تطرقت أيضا في آراءها لقضية تعدد الزوجات، والتي رأت أنه يفسد الأسرة، ويجب أن لا يحدث إلا في الضرورة القسوة. وقدمت فعاليات الندوة ناريمان مدحت، وأقيم على هامش الندوة معرض لمستنسخات من مجلة «بنت النيل»، في إضاءة ثقافية وتاريخية على الدور الريادي الذي لعبته درية شفيق في الحركة النسوية المصرية والنضال من أجل حقوق المرأة. وخلال الندوة، وعبر الجلسات المختلفة أشاد جميع الباحثين، والأكاديميين المتحدثين بكتاب «درية شفيق.. امرأة مختلفة» لعالمة الانثروبولوجيا سينثيا نلسون، والصادر حديثا عن دار الشروق. وأشاد المحدثين بالكتاب واصفين إياه بالمختلف، معتبرين الكتاب من أهم ما كتب عن مسيرة وحياة المناضلة الكبيرة درية شفيق.